0
منذ أيام قال دولة الرئيس نبيه بري انه سيطالب بحل مجلس النواب احتجاجاً على تعطيل اجتماعه أكثر من عقد كامل. والجملة التي قالها بري في هذا المجال هي التالية: "اذا كانوا يصرّون فعلاً على تعطيل المجلس فسأطلب من الرئيس المقبل للجمهورية، وأنا أهنئه، بعد انتخابه، اتخاذ قرار في مجلس الوزراء بحل مجلس النواب لامتناعه عن الاجتماع طوال عقد عادي كامل من دون عذر".
ثلاث علامات تعجب واستغراب واكثر يمكن وضعها امام هذه الكلمة للرئيس بري التي تبدو وكأنها مزحة او دعابة مما يطلقه رئيس مجلس النواب من حين الى آخر. فهو عندما يقول انه سيطلب من رئيس الجمهورية المنتخب اتخاذ قرار بحل المجلس يعني ان هذا المجلس يكون قد اجتمع وانتخب الرئيس الجديد للجمهورية، وما يجب ان يحصل بعد انتخاب هذا الرئيس هو استقالة الحكومة الحالية والمباشرة بتأليف حكومة جديدة سيضطر مجلس النواب على اثرها الى الاجتماع ايضاً لمناقشة بيانها الوزاري والتصويت على الثقة، وحينئذ – اي بعد ان تصبح الحكومة الجديدة شرعية مئة بالمئة – يمكن التمني – وليس الطلب – على رئيس الجمهورية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء بحل مجلس النواب، مع ان المادة 55 من الدستور تعطي رئيس الجمهورية وحده حق الطلب من مجلس الوزراء اتخاذ قرار بحل مجلس النواب، تحت عنوانين فقط وهما: امتناع المجلس لغير اسباب قاهرة عن الاجتماع طوال عقد عادي او طوال عقدين استثنائيين او قيام هذا المجلس برد الموازنة برمّتها بقصد شلّ يد الحكومة الخ... وهنا توجد ثغرة دستورية جديدة لا بد من الاشارة اليها وهي: ماذا يحصل لو ان الاكثرية المطلوبة في مجلس الوزراء للموافقة على طلب رئيس الجمهورية بحل مجلس النواب لم تتوفّر (وهذه الاكثرية هي الثلثان من مجموع الاعضاء الذين تتألف منهم الحكومة)، على اعتبار ان بند حل مجلس النواب هو من البنود الاساسية المنصوص عنها في المادة 65 من الدستور، المفروض حصولها على اكثرية ثلثي اعضاء الحكومة؟
 
لذا، يمكن القول إن عملية حل مجلس النواب تكاد تكون شبه مستحيلة بموجب دستور الطائف. والاسباب التي تعطي رئيس الجمهورية حق طلب حل المجلس كانت متوفرة لدى الرئيس ميشال سليمان حيث ان هذا المجلس امتنع عن الاجتماع لأكثر من عقد عادي وكذلك امتنع وما زال يمتنع عن اقرار موازنة الدولة عندما كان الرئيس سليمان يمارس سلطاته، ومع ذلك لم يتجرأ الرئيس سليمان على اتخاذ قرار بطلب حل هذا المجلس لأكثر من الف سبب لعل احدها الوضع الامني الذي قيل ويقال أنه لا يسمح بإجراء انتخابات نيابية، واما السبب الثاني فهو رفض قانون الستين للإنتخابات وعدم اتفاق رؤساء الكتل النيابية على قانون انتخاب جديد، ومن هنا، وتحت هذا العذر، جرى التمديد الاول ثم الثاني لولاية المجلس المنتخب عام 2009 على الشكل المعلوم، وعلى امل ان لا يحصل تمديد ثالث او اكثر!

وعلى كلٍّ، يبدو ان تمسك الرئيس بري في تفسيره للميثاقية المنصوص عنها في الفقرة (ي) من مقدمة الدستور تكاد تكون هي التي ساهمت وتساهم في تعطيل اجتماعات مجلس النواب، فالنص الذي يقول في الفقرة (ي) من مقدمة الدستور وهو "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك" يوجد قبله نص في الفقرة (ج) يقول إن "لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، الخ"... فلماذا لا يتم اللجوء الى الفقرة (ج) التي تتيح للمجلس ان يجتمع ويسن القوانين بأكثرية عادية؟ واين تصبح هذه الفقرة – بل اين تصبح الديمقراطية – عندما نرفض اجتماع هذا المجلس إلا بحضور ومشاركة جميع الكتل النيابية، اي الاجماع؟ ما يعني القضاء على المعارضة التي تعتبر مقدسة في النظام الديمقراطي.

ان مجلس النواب يمكنه ان يجتمع بأكثرية عادية يا دولة الرئيس، وهو اجتماع ديمقراطي مئة بالمئة في حال تجميد وليس الغاء بند الميثاقية الذي حال ويحول دون عقد هذا الاجتماع، لذا اصبح من الواجب اللجوء الى الفقرة (ج) من مقدمة الدستور بعدما اصبح استعمال الفقرة (ي) معطلاً لشؤون البلد والناس!.

حسين قطيش - البلد 29\4\2015

إرسال تعليق

 
Top