نظام ال 2006 وضع على اساس رؤيا سياسيّة وفلسفيّة لمساهمة التيّار في تطوير العقد الاجتماعي في لبنان
تمّت صياغة وإقرار النظام الداخلي للتيّار الوطني الحرّ عبر آليّة دقيقة وفي إطار زمني امتدّ على مدار سنتين:
تمّت صياغة وإقرار النظام الداخلي للتيّار الوطني الحرّ عبر آليّة دقيقة وفي إطار زمني امتدّ على مدار سنتين:
- وضع الرؤيا التنظيميّة، مناقشة الأسس والتصويت عليها في خلوة الهيئة التأسيسيّة للتيّار في 14/08/2005
- اقتراح صيغة اوّليّة في تشرين الأوّل 2005
- عرضها على كافة مجموعات التيّار في لبنان وبلدان الانتشار، مناقشتها وتنقيحها
- التصويت عليها وإقرارها من قبل الهيئة التأسيسيّة للتيّار في 09/06/2006
- استكمال النظام الداخلي العام بنظام الانتشار المرفق بأصول تطبيقه، أصول عمل مجلس التحكيم، أصول الانتخابات، الخ. في 2006 و2007.
وقد دارت نقاشات عميقة طوال هذه الفترة انطلاقاً من رؤيا فلسفيّة وسياسيّة للوطن والدولة اللذين نريد، ولدور الأحزاب عامة والتيّار خاصة في بنائهما. ومن هذه الرؤيا وعلى أساسها صغنا نظام التيّار بتأن ودقّة.
إعطاء دور سياسي فاعل للانتشار في التيّار، أحد اركان رؤيتنا لبناء الوطن والدولة الديمقراطيّة
كان دور الانتشار أحد الركائز الأساسيّة في رؤيتنا. الحاجة للترابط الاقتصادي والثقافي بديهيّة. وابعد من ذلك، فالتكامل السياسي بين لبنانيي الانتشار والوطن الأم هو أحد أسس الخروج من الشرنقة الاقطاعيّة وما تجرّه من حروب وويلات الى الديمقراطيّة والسلام. فبالنسبة لنا:
- لبنانيّو الانتشار اختبروا مختلف الأنظمة السياسيّة، من تلك التي تحترم حقوق الانسان الى تلك التي تضرب بها عرض الحائط، الديمقراطية منها كما الدكتاتوريّة
- انتشارهم وقلّة مصالحهم المباشرة في لبنان تحدّ من القدرة على الضغط عليهم او التأثير على آرائهم (اعلام، مصالح اقتصاديّة، امنيّا، الخ).
ينتج عن ذلك تنوّع وعمق استراتيجي يحمي لبنان من التلاعب الاستخباراتي والسياسي، وحرّية فكريّة ثمينة جدّا في إرساء لعبة ديمقراطيّة حقيقيّة في لبنان.
في تحليلنا، العبور الى شاطئ السلام في لبنان يستدعي تجنّب الوقوع في الحلقة المفرغة: حرب، هجرة، نسيان... فحرب من جديد. وهنا ايضاً، للبنانيّي الانتشار عامة، ومن عاشوا حرب ال 1975-1990 والاحتلالات التي تلتها بشكل خاص، دور أساسي، بالتفاعل مع لبنانيي الداخل، في استخلاص العبر من تلك الحرب: توصيف نتائج الطائفيّة والاقطاعيّة العائليّة والماليّة والدفع الفعلي نحو نظام ديمقراطي علماني مبني على احترام الانسان كقيمة بحدّ ذاته.
لهذه الأسباب، خصصنا الانتشار بما يقارب ال 25% من اصوات المجلس الوطني (يوازي البلد في الانتشار القضاء في لبنان) علماً انّ عدد أعضاء الانتشار في ال 2005-2006 لم يكن ليتعدّى ال 15% من مجموع طلبات الانتساب للحزب.
والمجلس الوطني، في نظام التيّار الذي صوتت علية الهيئة التأسيسيّة في 2006، هو بمثابة برلمان الحزب، يقرّ السياسة العامة للتيّار ويتمتّع بسلطة مراقبة فعليّة. فمثلا، أيّ شخص معيّن من قبل الرئيس على المستوى الوطني بحاجة لنيل ثقة المجلس الوطني.
وبذلك اعطينا للانتشار مجتمعاً نصف القرار في ايّ تعيين سياسي. وعليه نكون قد خلقنا ترابطاً سياسياً فعلياً بين الانتشار ولبنان على مستوى التيّار. وكان طموحنا حثّ بقيّة الأحزاب للاقتداء بمثال التيّار في عدّة نقاط جوهريّة منها موضوع الانتشار (ديمقراطيّة داخليّة، شفافيّة، حكم صالح، الخ).
نظام جديد مفروض يكرّس عمليّاً الغاء دور الانتشار في التيّار..
أصدرت القيادة الحزبيّة للتيّار الوطنيّ الحرّ نظاماً داخلياً في 23 كانون الأول 2014. وكانت آليّة وضع هذا النظام غير ديمقراطيّة ولا تحترم الاصول المنصوص عليه في النظام الذي صوتت عليه الهيئة التأسيسيّة. ففرضت القيادة الحزبيّة نظاما ينقض المبادئ السياسيّة والاسس التنظيميّة التي بني عليها التيّار.
من آفات النظام هذا نسبة تمثيل الانتشار في المجلس الوطني. فالقراءة الاوّليّة للنص تساوي الانتشار بالأقضية في لبنان: فتتمثّل الاقضية كما الانتشار بصوت لكلّ خمسين عضواً ملتزماً ("...ويحتسب لكلّ ملتزم في القضاء صوت واحد في المجلس الوطني... تتمثّل المناطق الجغرافيّة المحددة في النظام الداخلي الخاص لقطاع الانتشار بممثلين منتخبين الى المجلس الوطني وفق المعايير المعتمدة لتمثيل الاقضية").
ويأتي هذا التعديل وفق ما قيل لنا عند المراجعة "لجعل نظام التيّار أكثر ديمقراطيّة – one man, one vote". ولكن هذه الحجّة تسقط عند اوّل تحليل: فهل تقبل قيادة التيّار مثلاً بتطبيق هذه القاعدة في التمثيل السياسي على مستوى لبنان اليوم؟ وهل تطبيق الديمقراطيّة العدديّة منطقي في التيّار بعد سنوات طويلة من الغياب التام لأيّ حركة فعليّة لتنشيط العمل السياسي في الانتشار؟
امّا التحليل المعمّق للنظام الداخلي الجديد المفروض من القيادة الحزبيّة فيظهر حجم الكارثة السياسيّة بحقّ الانتشار. فيتمثّل كلّ قضاء بمنسّقه (25 منسّق) بينما يتمثّل الانتشار بمندوب عن كلّ "منطقة جغرافيّة" (7 مناطق: اروبا، الولايات المتحدة الاميركيّة، كندا، اميركا اللاتينيّة، افريقيا، الخليج العربي، استراليا). ويقتضي النظام بان يستحصل كلّ منسّق قضاء "لكلّ اجتماع على تفويض موقّع من اكثريّة أعضاء هيئة القضاء يظهر فيه موضوع التفويض والصلاحيّات المفوّض بها"، وكلّ ممثّل لمنطقة جغرافيّة "لكلّ اجتماع على تفويض موقّع من اكثريّة منسقي جمعيّات او هيئات المنطقة الجغرافيّة يظهر فيه موضوع التفويض والصلاحيّات المفوّض بها".
إذا سلّمنا جدلاً بإمكانيّة تفويض المنسّق من قبل هيئة قضاء (جسم تنفيذي) منتخبة في لائحة مغلقة معه... فكيف يعقل ان يستحصل ممثّل اوروبا مثلاً على تفويض خطّي من اكثريّة منسّقي جمعيّات التيّار في هذه القارّة بشكل مسبق على المواضيع المطروحة على كلّ اجتماع للمجلس الوطني؟ ان هذه الآليّة تلغي ميكانيكا أي هامش مناورة لممثلي الانتشار في المجلس الوطني وبذلك تقضي على الدور السياسي للانتشار في التيّار.
ومن الملفت انّ قيادة التيّار لم تستشر المجموعات الناشطة للحزب في الانتشار حول تعديل النظام الداخلي العام، لا بل تجاهلت بشكل متعمّد ملاحظات جوهريّة ابدتها قيادات التيّار وأعضاء الهيئة التأسيسيّة في الانتشار، ورفضت طلبات النقاش في هذا الموضوع واعتمدت سياسة الترهيب والفصل في التعاطي مع المعترضين ويقضي على الدور السياسي للمغتربين في لبنان.
ان هذا النظام يلغي عمليّاً دور الانتشار في التيّار الوطني الحرّ.. وعبره يكسر منطق التواصل السياسي بين اللبنانيين في لبنان والانتشار، بما يمثّل من حلم بناء الوطن والدولة الديمقراطيّة.
فهو غير مقبول في آليّة اقراره وفي مضمونه، وليس الانتشار الّا أحد المواضيع الجوهريّة التي تنّكر فيها النظام الجديد لميثاق ومبادئ التيّار.
آن الأوان ليعود التيّار للتيّار
فادي الجميّل، عضو مؤسس في التيّار الوطني الحرّ
فادي داغر، عضو مؤسس في التيّار الوطني الحرّ
23\4\2015
إرسال تعليق