0
الرئيس العماد ميشال سليمان في الكويت اليوم، انها زيارته الاولى للبلاد منذ انتهاء ولايته الرئاسية قبل 11 شهرا، وتحوله الى داعية وطنية وسطية، طموحه رؤية لبنان، كما كان دائما، جرما سابحا في فضاء الاعتدال العربي، الذي يرى فيه ملاذ لبنان الآمن، ضمن مفاهيم اتفاق الطائف المنقوص التطبيق، وإعلان بعبدا، الذي انكره بعض موقعيه قبل صياح الديك.

بعض القوى اللبنانية الوثيقة الصلة والارتباط بالعوامل الاقليمية، خرجت على الرئيس ميشال سليمان في النصف الثاني من عهده بداعي خروجه من سرب الممانعة، لأنه تجرأ على وضع نقاط السلامة الوطنية على حروف العبوات الناسفة التي استحضرها الوزير السابق ميشال سماحة من دمشق ليزرعها في دروب النزاعات المذهبية في بعض المناطق اللبنانية المهيأة ديموغرافيا.

والراهن ان هذا لم يكن الخروج السليماني الاول على قوانين الوصاية الاخوية، فهو في الاساس دخل القصر الجمهوري عام 2008 على صهوة تسوية الدوحة، التي اعقبت فوزه في اختبار الجسارة بمواجهته ارهاب «فتح الاسلام» اول التنظيمات المخابراتية الارهابية، التي صدرت الى لبنان متدثرة برداء الاسلام، وأمنت لها الحماية بالخطوط الحمراء بوجه الجيش الذي كان بقيادة سليمان، والذي تجاوز الخطوط والاضواء الحمراء، ليجعل من هذا التنظيم المفتعل، اثرا بعد عين.

الرئيس سليمان في الكويت اليوم، والفراغ مازال الساكن الوحيد في قصر بعبدا الجمهوري، ماذا عن زيارتكم للكويت اولا؟

٭ هي مناسبة انسانية اجتماعية، حيث احل ضيف شرف لحفل مركز سرطان الاطفال، ولكن الدعوة من الكويت وليس من المركز تحديدا، وسأعقد لقاءات سياسية مع صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في حال عودته من خارج البلاد ومع سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد ومع رئيس الحكومة سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك ووزير الصحة ومسؤولين آخرين، اي اللقاءات ستكون اجتماعية وسياسية، وهي الزيارة الاولى لي بعد انتهاء ولايتي الرئاسية وآخر زيارة كانت خلال رئاستي لوفد لبنان الى القمة العربية في 26 مارس 2014.

أطلقت «لقاء الجمهورية»، ماذا عن هذا اللقاء والمساحة التي سيأخذها على المستوى اللبناني؟

٭ لقاء الجمهورية يضم مجموعة كبيرة من الشخصيات اللبنانية وخاصة ممن ينتمون الى المجتمع المدني من اجل التشديد على المواقف التي تحمي الجمهورية، من الدستور واستكمال تطبيقه الى الطائف لإعطائه الفيتامينات كي يبقى صالحا لأنه خدم لبنان والصيغة اللبنانية كونه عقدا اجتماعيا بين اللبنانيين، وذلك عبر تحصينه من خلال تطبيق اعلان بعبدا، والذي يظهر يوما بعد آخر الحاجة اليه لدى الجميع، ومن قال انه لا يريد تطبيقه عاد مع بدء احداث اليمن ليطالب بالنأي بالنفس اي تطبيق مضمون اعلان بعبدا، ولكن بالتحايل على العبارات وكأنه اذا نزع الاسم عن الاعلان يصبح صالحا.

هناك وقائع في التاريخ من الصعب محوها، رغم المحاولات لطمس اعلان بعبدا.

علينا التمسك باتفاق الطائف وتحصينه عبر اعلان بعبدا وإيجاد الحلول للثغرات الدستورية التي ظهرت بعد الخروج السوري من لبنان الذي كان يحكم والقسم الاكبر من اللبنانيين كانوا يقبلون بتحكيمه، ومن الثغرات الشغور الرئاسي، ومتابعة تنفيذ مقررات مجموعة الدعم الدولية للبنان والتي تتضمن التزام الدول الكبرى ومجلس الامن بحقوق لبنان ودعم المؤسسات اللبنانية، واستكمال تطبيق الدستور بدءا بقانون الانتخاب واللامركزية الادارية.

هل كانت اصداء الاعلان عن لقاء الجمهورية مريحة، وما انطباعكم بهذا الخصوص؟

٭ بالسياسة اذا كنت انا مرتاحا غيري لن يكون كذلك، ما يهمني ان الشخصيات التي دعوتها الى هذا اللقاء انا مرتاح الى وجودهم وحضورهم، وانا لم ادع نوابا لأنهم من ضمن كتل نيابية، وكذلك لم ادع رؤساء جمهورية او حكومة سابقين لكنني اطلعتهم على توجهات اللقاء ومعظمهم ان لم اقل كلهم مؤيد للطرح الذي اقدمه وهو طرح وطني، لذلك انا مرتاح.

هل بالإمكان اعتبار اللقاء اول بناء في اطار الوسطية في لبنان؟

٭ هو لبنة وسطية للتشديد على الثوابت الوطنية التي تفيد البلد وتساعد الجمهورية للنهوض بكل مؤسساتها، واذا حقق اللقاء اهدافه فهذا امر جيد جدا وربما يتطور لكي يصل الى حركة سياسية حزبية، هو بدأ لقاء للبحث والمناقشة في كيفية تعزيز وجود الدولة وما تحتاج هذه الخطوة من تطوير سيتم تطويرها، وهو غير موجه ضد احد ولا علاقة له لا بـ 8 او 14 اذار، ومن يرغب من الفريقين في ان يشارك مرحب به للتحاور معه واذا وصلنا الى نتيجة فهذا امر محبذ ومن لا يعجبه الطرح ينسحب وحده.

اين سيكون موقع لقاء الجمهورية من الانقسام السياسي في البلد؟

٭ سيكون وسطيا تجمع ما هو جيد من المنقسمين، وكل النقاط الحسنة والجيدة يتبناها اللقاء ويساعد على تطبيقها.

يوما بعد آخر تثبت وجهة نظرك من سياسية النأي بالنفس الذي اساسها اعلان بعبدا، بدأنا بسورية ومن ثم العراق وصولا الى اليمن، واليوم نشهد حملات على المملكة العربية السعودية في لبنان، الى اين نذهب بهذا التشنج المفتوح؟

٭ ما يطمئن ان الشعب اللبناني على درجة كبيرة من الوعي وهو مدرك للامور ولا يريد الدخول في مشاكل، ورغم كل ما مر على لبنان شعرنا ان هذا الشعب ارادته كبيرة بالعيش المشترك وبالحفاظ على الدولة اكثر من ارادة السياسيين، الذين وصلوا الى مرحلة اشعرتهم بقدرتهم القوية على التلاعب بالبلاد.

يجب العودة الى اعلان بعبدا وتطبيقه بشكل كامل، ولا يجوز ابدا ان نتخلى عن صداقاتنا التاريخية وعلاقتنا التاريخية ومصلحة شعبنا وابنائنا مع دول الخليج كافة، وما علاقتنا لكي نتعاطى بقضية تهم دول الخليج، اذا كانت دول الخليج والدول العربية تريد المساعدة على وقف القتال في اليمن وايجاد حل في هذا البلد نحن لا نقف ضد هذا الموضوع، اعلان بعبدا يمنعنا من ارسال عسكر للقتال مع الائتلاف في اليمن ولكن نحن ايدنا تشكيل هذا الجيش، اي القوة العربية المشتركة، وعندما سيحارب هذا الجيش «داعش» طبعا ننضم الى هذا الجيش، ولكن في الموقف السياسي دول الخليج حرة في ايجاد الحلول ومادامت الجامعة العربية وافقت بشبه اجماع فنحن لسنا ضد الامر ونتمنى الحل السياسي ولكن في بعض الاحيان الحل السياسي يحتاج الى مقاربة عسكرية لكي يمشي.

هل ينسحب اعلان بعبدا على الموقف من اليمن؟

٭ الموقف في اليمن مختلف، والصراع السوري كما الصراع في ليبيا ودول عربية اخرى نحن نحيد انفسنا عن التورط في مثل هذا الصراع، لكننا استثنينا كل امر تجمع عليه الدول العربية، اذا الشرعية اليمنية ارتضت تدخل دول الخليج لماذا اقول لهم هذا خطأ؟ تماما عندما طلب لبنان التدخل السوري في السبعينيات من القرن الماضي، نحن لن نتدخل في هذه المعركة كمؤسسات عسكرية وأمنية لبنانية او كمدنيين، لانه صراع يتعلق بدولة معينة.

كنت سباقا في التحرك باتجاه دول الخليج لحماية اللبنانيين هناك عند كل ازمة، الآن مصالح مئات آلاف اللبنانيين قد تصبح مهددة نتيجة الانقسام الداخلي من الموقف في اليمن، كيف السبيل لمعالجة هذا الامر؟ هل ستطرح الامر خلال زيارتك الى الكويت؟

٭ طبعا كل مناسبة استغلها من اجل هذا الامر، خلال زيارتي الاخيرة الى الامارات طرحت مع من التقيتهم هذا الامر لتجنيب اللبنانيين اي تداعيات وفي الكويت سيكون لي الدور نفسه، وخاصة ان صاحب السمو أمير الكويت له دور فعال على المستوى الخليجي وسأطلب منه التدخل لحماية اللبنانيين، ويربطني مع المملكة العربية السعودية صداقة كبيرة، انا لا اريد ان العب دور الحكومة ولكن اساعد الحكومة على اداء دورها وموقف رئيس الحكومة في القمة العربية كان موقفا جيدا ويكفي لحماية اللبنانيين في الخليج كما ان صداقاته معروفة مع كل دول الخليج.

وكل السياسيين اللبنانيين والمراجع اللبنانية لديها علاقات مع دول الخليج وتسعى الى تعزيز هذه العلاقات ولا داعي للاختباء وراء الاصبع او محاولة التذاكي بالسياسة فلنكن واضحين، صديقنا هو صديقنا، والحكومة اللبنانية لم تهاجم يوما ايران من دون وجود عدد كبير من اللبنانيين في ايران، لماذا اذن نهاجم السعودية او الكويت او اي دولة خليجية؟ نحن نعتز بعلاقتنا مع دول الخليج وندافع عنهم ونطلب لهم الخير والاستقرار والسلام والعز حتى يعم ذلك لبنان، دول الخليج يحبون ويحترمون لبنان ويعترفون بأننا اساس في تنمية حضاراتهم ودولهم لماذا نحن نريد ان نبادلهم هذه المحبة بالتنكر والغضب، نحن مع ارساء احسن العلاقات، ومع ان يتصرفوا كما يريدون.

تلتقي سفراء وموفدين دوليين ما هي الأصداء لدى دول هؤلاء؟

٭ من المعيب أن نظهر أمام السفراء والدول التي يمثلونها أننا عاجزون عن تطبيق الدستور والقانون، عدم تطبيق الدستور هو انقلاب على الدستور وهو رفض للصيغة وللعقد الاجتماعي، إذا كان الفرقاء لا يرفضون الدستور فليذهبوا ويطبقوا الدستور ولينتخبوا الرئيس، ومن يملك الأكثرية لماذا يخشى الانتخاب؟

معظم الناس تعتبر أنه مادام لا يوجد رئيس جديد في بعبدا تبقى أنت الرئيس؟

٭ كرمزية معنوية ربما، ولكن كرمزية قانونية ودستورية لا، إذا كانت المبادئ التي أرسيتها هي السبب في هذا الشعور لدى الناس فهذا أمر عظيم، وعندما ينتخب رئيس أتمنى أن يبدأ بهذه المبادئ ويسير بتطبيقها، وأنا أمارس العمل السياسي.

ودائما تراودني فكرة وهي أنني لو وضعت نفسي مكان الرئيس الذي سينتخب ماذا سأضمن خطاب القسم حول موضوع تدخل اللبنانيين في خارج لبنان، في الماضي كانت الشكوى من حروب الآخرين على أرض لبنان، هل نحن ذاهبون للتقاتل على أرض الآخرين؟ هل هذا أمر مفرح؟ وهل هذه مفخرة لبنانية؟ هذا الأمر لا يمكن تجاهله ولا وسطية فيه.

أمس الأول احتفلنا بذكرى 13 نيسان، هل أخذنا العبرة من هذه الحرب؟

٭ لماذا حصل 13 نيسان؟ حصل بسبب اتفاق القاهرة الذي نزع سيادة الدولة عن بقعة من أراضيها، نحن أجمعنا على إعلان بعبدا لكي نحافظ على سيادة الدولة على أراضيها وعلى سياستها الخارجية عبر التحييد عن الصراعات، لا سبيل لحماية لبنان وإنهاء الأزمة فيه إلا عبر إعلان بعبدا.

حذار من التفريط في السيادة التي لا يمكن تعزيزها إلا عبر الطائف والدستور وتطبيق إعلان بعبدا.

للأسف زار العاهل الإسباني لبنان ولم يكن هناك رئيس جمهورية في استقباله، واقتصرت لقاءاته على رئيس الحكومة وعلى فخامتكم، هل سمعت منه ما يطمئن إلى مستقبل الوضع في لبنان؟

٭ هذا أمر مؤسف، أهم أمر من لقائي العاهل الإسباني هو إشعاره بطمأنينة على الجنود الإسبان، لأن الأمر المؤسف أن دولا ترسل أبناءها من آلاف الكيلومترات ليحفظوا الاستقرار ويستشهدوا على أرضنا، ونحن في لبنان نستهتر بالأمر من خلال الاستهتار بانتخاب رئيس، من دون الانتباه إلى أن هؤلاء يستمدون شرعيتهم من المؤسسات الدستورية التي هي منقوصة جراء الشغور في موقع الرئاسة الأولى، هذه الدول أرسلت أبناءها بموجب شرعي دولي نأتي نحن في لبنان نكشفها ونعريها من خلال الإمعان في عدم انتخاب رئيس، والملك الإسباني أكد لي استمرار المشاركة الإسبانية في قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب اللبناني، وشرحت له تعلق اللبنانيين بالدور الإسباني عبر اليونيفيل في لبنان.

يصادف 13 نيسان أيضا عيد جريدة «الأنباء»، هل من كلمة في هذه المناسبة؟

٭ أنا أريد توجيه الرسالة إلى الكويت أميرا وحكومة وشعبا، وعلى وجه الخصوص إلى صاحب السمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الذي أكن له احتراما عميقا ومحبة من القلب نظرا لحكمة هذا الرجل وعقله الرشيد الواسع، والذي كان دوره على الدوام السعي إلى المصالحة، وهو الذي ساعد وهيأ لاتفاق الطائف، ودوره المستمر في البناء والإعمار، والشعب الكويتي يشعر مع الشعب اللبناني بأنه في ذات الإطار والظرف لناحية الديموقراطية وإرادتهم في الاستقلال والسيادة.

والكويتيون يعترفون بدور اللبنانيين في إعمار الكويت وبالوقوف إلى جانب الكويت إبان الاجتياح العراقي، ولا ينسون موقف لبنان إلى الأبد، وبالتالي أقول إن الوفاء للعلاقات الدولية مثل الوفاء للأشخاص. لا يمكن إلا أن نشيد بدور الكويت.

أما بالنسبة لجريدة «الأنباء» فأنا ترافقت مع هذه الصحيفة بصدق، ولم أسع يوما في رفقتي معكم إلى تمويه الحقائق وهي لم تحاول اصطياد هذه الحقائق أو الوقائع لاستعمالها في إطار سلبي في السياسة اللبنانية، أنا لا أريد للصحافي تحوير الأخبار أو التغاضي عن الوقائع لكنه قادر على استخدام هذه الوقائع في سبيل الخير وتخفيف الشر، جريدة «الأنباء» كانت دائما موضوعية بمقارباتها وصدقها في وقائعها.

عمر حبنجر - داود رمال - الأنباء الكويتية 15\4\2015

إرسال تعليق

 
Top