0
في 23 مارس الماضي، تأجلت الانتخابات الداخلية لـ"التيار الوطني الحر" للمرة الخامسة على التوالي, لأن رئيس التيار العماد ميشال عون، لم يوقع على اللائحة التطبيقية للنظام الداخلي في الموعد المحدد، أي قبل شهرين من المؤتمر العام للتيار، حيث كان من المتوقع إجراء انتخابات القيادة الجديدة في 23 مايو المقبل.

وقال مصدر متابع لـ"السياسة" الكويتية، إن أسباب التأجيل تتجاوز الأسباب التقنية أو اللوجيستية التي روجت لها وسائل إعلام التيار
، وهي تعود إلى الخلاف المزمن بين الأجنحة الداخلية التي تتصارع على خلافة عون. فمن جهة، يتصرف الوزير جبران باسيل على أنه "الخليفة الشرعي الوحيد" لعمه والد زوجته، ومن جهة ثانية، يتحضر كل من النائبين ابراهيم كنعان وآلان عون وآخرين لخوض معركة الخلافة، وسط غياب تام للرموز التاريخية المؤسسة للتيار من أمثال بيار رفول ونديم لطيف وشارل جزرا وأدونيس عكرة وغيرهم.

وأوضح المصدر أن التأجيل الخامس أتى بهدوء على عكس التأجيل الرابع العام الفائت الذي شهد انفجاراً علنياً للخلافات
، وبروز محاولة باسيل لتحويل التيار العوني إلى حزب برئاسته المطلقة، إلا أن تصدي ناشطي التيار بقوة لتلك المحاولة آنذاك، أحبط مسعى "الصهر المدلل", واضطر عون إلى التدخل شخصياً للملمة الوضع.

واعتبر أنه لفهم حقيقة ما جرى في الأسابيع الأخيرة ينبغي العودة إلى أحداث العام الماضي
، مضيفاً انه في مطلع العام 2014، تسلم عون من لجنة مصغرة مسودة النظام الداخلي للحزب الجديد وفيه تحديد لهرمية القيادة وصلاحيات الرئيس، والنظام مستوحى من تجربة الأحزاب الأوروبية الديمقراطية، حيث يتمتع الرئيس بصلاحيات مشروطة، وتخضع القيادة لمساءلة القاعدة. فرحب عون بهذه المسودة ووعد بتحويلها، بعد موافقة الهيئة التأسيسية عليها، إلى وزارة الداخلية لاستصدار ترخيص رسمي للحزب على أساسها. وتفاءل أعضاء التيار ومناصروه خيراً بقرب ولادة حزبهم الجديد، لكن عون فاجأ الجميع بتعميم هذه المسودة داخلياً للنقاش. وأدى تسريب هذه الوثيقة إلى احتدام صراع الأجنحة، إذ تصدى باسيل وجماعته لهذا النظام وحاول إدخال تعديلات جذرية عليه، خصوصاً في بند صلاحيات الرئيس. وهنا فهم معارضوه أنه يريد تفصيل نظام الحزب الجديد على قياسه، فثارت ثائرة الناشطين، خصوصاً في بيروت والمتن وجبيل والكورة وبعض أنحاء عكار، فما كان من باسيل بمساندة عمه، إلا أن أقفل النقاش الداخلي، مع وعد من عون بعقد مؤتمر عام بعد سنة من ذلك التاريخ، وهو المؤتمر الذي كان مقرراً الشهر المقبل. 
ومع التأجيل الجديد بات العونيون على يقين، أن قائدهم يسعى للتوريث، لا لإنشاء حزب ديمقراطي حديث، وهو بالتأكيد يريد أن يسلم قيادة "التيار" إلى صهره، لكن ثمة من يتصدى في الخفاء لهذه المحاولة. وإذا كان الجميع يخشون مواجهة عون وباسيل مباشرة، فإنهم يعتبرون التأجيل الجديد حلاً يرضي مختلف الأطراف، حيث يضطر الجميع للتعايش مع الأمر الواقع القائم حالياً. 
وأكد المصدر أن حزب "التيار الوطني الحر" لن يرى النور ولن تحسم خلافة في ظل الصراعات القائمة، والمتوقع أن يُترك الأمر إلى مرحلة لاحقة، بوجود عون أو في غيابه، حيث سيخرج الصراع إلى العلن، مشيراً إلى أنه حتى لو تمكن باسيل من الهيمنة على التيار، إلا أنه سيواجه معارضة شرسة، بحيث يدخل التيار في مرحلة ضياع وتخبط على مستوى استقرار القيادة، إلى أن يظهر قائد يشبه ميشال عون وهذا غير ممكن، إذ ان التاريخ لا يعيد نفسه.

13\4\2015

إرسال تعليق

 
Top