0
يقولون طارت جلسة مجلس الوزراء المفترض انعقادها أمس، والواقع انها لم تحط كي تطير... فجلسات مجلس الوزراء معلقة بحبال المادة ٦٥ من الدستور، وتحديداً فقرتيها الأولى والثانية، الأولى التي تنص على التوافق في مجلس الوزراء، والثانية التي تجيز، في حال تعذر التوافق، التصويت بالنصف زائداً واحداً للقضايا العادية، وبالثلثين للقضايا الأساسية.
 
وفي كلتا الحالتين تبقى آلية عمل الحكومة، ان المعتمدة الآن باقتراح من الرئيس تمام سلام، واستناداً الى الفقرة الأولى من المادة ٦٥، أو المقترح تعديلها من جانبه، استناداً الى الفقرة الثانية، تحت سقف المادة الدستورية.

لكن اللقاء الوزاري التشاوري يخشى أن يفتح باب التصويت، فيأخذ بطريقه الصالح مع الطالح، استناداً الى أكثريات وزارية يمكن توفيرها في كل حين، وهم ينفخون لبن آلية عمل مجلس الوزراء، بعدما كواهم حليب مجلس النواب، الذي تعتبر جلساته المنتجة مثل شمس كوانين، فهو نادراً ما يجتمع واذا حدّد موعداً للاجتماع تتعطّل الجلسة بفقدان النصاب...
 
على ان ثمة قاسماً مشتركاً بين كل الأطراف، من يرفض تعديل الآلية ومن يؤيد التعديل، وهو الاقتناع بأن لا علاج أفضل لحالة لبنان السياسية، من استعجال انتخاب رئيس الجمهورية...
 
بيد أن مثل هذا العلاج، لو كان ميسراً أو سهل المنال. لما كنّا وصلنا الى حكومة على رأس مهامها، تصريف أعمال رئاسة الجمهورية...
 
وتسأل: من يصعّب منال الرئاسة؟ النائب وليد جنبلاط يجيب: انها الخلافات البيزنطية، وهو بهذا يذكر القوى المسيحية المتنافسة على الرئاسة، بالبيزنطيين الذين احتلّ العثمانيون عاصمتهم، وهم منشغلون بالجدال حول جنس الملائكة...
 
ويرد عليه رئيس القوات اللبنانية، سمير جعجع بالقول: لا يا صديقي، مقاطعة بعض الكتل النيابية لجلسات مجلس النواب، لا الخلافات البيزنطية، من يعرقل.
 
ويدخل على الخط الوزير الكتائبي سجعان قزي مذكراً بأنه لو لم يبتعد وليد جنبلاط وكتلته عن ١٤ آذار، وينتقل الى الوسطية، لظلّت الأكثرية بيد ١٤ آذار...
 
وفوق كل ذلك، جاءت مغادرة الرئيس سعد الحريري المفاجئة الى الرياض، قبل حلول ذكرى اعلان ١٤ آذار، كمجيئه المفاجئ صبيحة ذكرى ١٤ شباط مع اختلاف الوقع والتفسير... ففي مجيئه الأول بعد أربع سنوات من الغياب، أثار موجة ارتياح واطمئنان على مستوى الجو اللبناني العام، أرخت بظلالها على الحوارات والاتصالات المتثاقلة فأنعشت فيه الهمّة والروح. أما بعد سفره المفاجئ مساء الأربعاء، فقد اختلفت التفسيرات والمعطيات، بين قائل انه غادر بعدما وجد ان المعضلة الحكومية وقبلها الرئاسية، فالج لا يعالج... وبين موقن بأنه ذهب لاستكمال الاتصالات والمشاورات التي بدأها مع الأطراف المتناقضة في بيروت، تمهيداً للعودة ب غودو الرئاسة، قبل الاحتفال بذكرى ١٤ آذار...
 
والمتشائمون لاحظوا ان قوى ١٤ آذار لم تجتمع ولا مرّة طوال فترة وجود الرئيس الحريري في بيروت، في حين تعمل أمانة هذا التجمع على العودة الى مفهوم لقاء البريستول الذي كان المنطلق ل ١٤ آذار وأفكارها السيادية والحرّة.
 
والمتفائلون يعتقدون ان رئيس تيار المستقبل، عائد ليبقى، وقد تفاهم مع الرئيس تمام سلام على معالجة موضوع آلية عمل مجلس الوزراء بالتي هي أحسن.
 
الرئيسان سليمان والجميّل عاقدا العزم على المتابعة مع اللقاء الوزاري التشاوري، كجدار واقٍ للصرح الرئاسي، فالرئيس سليمان يشعر بمسؤولية القبطان الذي أجبر بحكم بعض المواد الدستورية العمياء، على ترك سفينة الرئاسة في اليم الهائج، ولذلك يبذل اقصى الجهد لسد الفراغ الرئاسي بأي وسيلة ممكنة، لقد عقد العزم على تسليم الامانة لأحد، وهو الذي لم يتسلمها من احد... لكن الظروف لم تسعفه في حينها، وها هو يحاول الآن من خارج السلطة الرئاسية ما لم يتيسر له من داخلها، فيقوم من يرى في جهده تطفلاً، وكأن العمل الوطني يتطلب اجازة، او بطاقة انتساب... 

والرئيس الجميل، واحد من الاقطاب الموارنة الاربعة المهيئين للسباق الرئاسي، يجد نفسه صاحب افضلية، بحكم رئاسته الاولى، فلماذا عليه التسليم بثنائية عون - جعجع، مع العلم أن رئيس القوات اللبنانية لم يقاطع جلسات الانتخاب، ولا قطع حتى باستمرارية ترشيحه...
 
ولمن يسأله عن الجدوى في اجواء الاستحالة المخيمة على لبنان، يذكر الطامحون بقول لولا الرجاء لما سعى ساعٍ نحو أمنية..

عمر حبنجر - الأنوار 27\2\2015

إرسال تعليق

 
Top