0
بات المواطن اللبناني كالريشة في وسط العاصفة، وبات لبنان غامض الحاضر والمستقبل. فهناك دول وأمم تخطط لحاضر ومستقبل لبنان ودون أن يستشيروا أهله. واللبنانيون لا يثقون بساستهم ولا بنوابهم، ولا بحكومتهم. ولديهم خيبة امل ورعب من جيرانهم جميعا. هذا ما اشارت اليه اوساط سياسية ان عددا من الديبلوماسيين أبدوا سابقا بعض التفاؤل بإمكان إنجاز الاستحقاق الرئاسي في مواعيد محددة، اليوم تراجعوا وأعترفوا بأن تفاؤلهم كان مبنياً على شعور وليس على معطيات وهذا ما ادى بالدبلوماسية الفرنسية بابطاء التواصل بينها وبين لبنان، ومعلوماتهم الانية المتوافرة تفيد أن الانتخابات غير ممكنة قبل الربيع المقبل. حيث كل التوقعات تؤكد أن قوات التحالف سوف تدعم هجوماً شاملاً في الربيع القادم حسب زعم الدبلوماسيين الاجانب، فهذا الهجوم المشكك بحدوثه سوف يغيّر خارطة الشرق الاوسط وربما ينتج عنه قرار الافراج عن الاسم المتفق عليه ان يتربع على كرسي الرئاسة الاولى.

وتضيف الاوساط بانه قد آن الأوان للقادة اللبنانيين أن يتنبهوا الى المؤامرات القذرة التي تحاك من ورائهم، وأحيانا كثيرة بسببهم، وذلك لتدراك الوضع المأساوي الذي تعاني منه الدولة اللبنانية والعديد من الدول العربية في الوقت الراهن، ذلك الوضع المؤهل للتفاقم في حال استمرار بعض الطفيليات بتحطيم ذلك الكيان اللبناني المتمثل بقوة شعبه المتضامن مع المؤسسة العسكرية الواحدة، ففي تفرقهم وتشتتهم نجاح للعدو الذي لا يتمنى أن يجتمع الإخوة على رأي واحد، او مصير واحد.
 
وبالتالي كما تقول الاوساط، فإن العودة للحوار الوطني من جديد، والتمسك به كصمام أمان لرئة تبحث عن هواء نقي بين غبار الحضارة الغربية والجماعات الاوصولية السلفية والتكفيرية، مترفعين بالواجب الأخلاقي للوطن ككل، فوق المصالح الشخصية والقطرية، والجلوس على طاولة واحدة لوضع استراتيجية لبنانية قومية يستقوي بها على مصاعب وعوائق المستقبل، وذلك بالبحث عن أسباب الوحدة والبدء بها وان كانت صغيرة، والابتعاد عن نبش أسباب الخلاف والتفرقة والعصبيات والنعرات الطائفية والاستقواء بأعداء الوطن بجميع أشكالهم وأنواعهم في الداخل من المرتزقة والخونة لأوطانهم، والخارج من المستعمرين ودعاة الفتن، هو الحل الوحيد والممكن لتفادي الانجراف نحو هاوية التردي والانحطاط والتخلف. مع إبقاء الأمل بأن هناك آثارا لحياة ما وان لم تكن ملامحها واضحة على السطح نحو بناء الدولة وتوحدها، فبالتأكيد هناك آثار لها في القاع، كما هو حال الحياة في البحر الميت والذي أكدت كل الأبحاث العلمية وجود أشكال كثيرة من الحياة في قاعه بعد سنوات من التأكيد على عكس ذلك.
 
وقبل انتخاب رئيس جديد للبلاد، يجب تحديد موعد ثابت ونهائي لإجراء انتخابات نيابية جديدة تضيف الاوساط، إذ إن قرار التمديد لمدة سنتين و7 أشهر قرار مبهم الصياغة، ولا يستبعد إلحاقه بتمديد آخر لما يمكن أن يتحول إلى آخر برلمان منتخب في لبنان، ويجب الحفاظ على الوضع الامني في لبنان وذلك بتعزيز المؤسسة العسكرية اللبنانية، لانها العمود الفقري الأول لكيان الدولة وركيزتها الأمنية الوحيدة كما تقول الاوساط او قد يستباح لبنان من «داعش» وأخواتها، ومن دول إقليمية وعربية، ومن مليشيات غريبة الهوية والعقائد، وتنقل المصادر عن ديبلوماسيين اجانب بان هناك سيناريوهات سرية تتحرك لرسم واقع لبناني جديد أقل ما يُقال عنه أنه واقع مرير جدا.
 
في لبنان اليوم، كما تختم الاوساط، نحتاج الى ترسيمة واقعية لفكرة الوطن والمواطن كي نؤسس لترسيمة سياسية مفادها خدمة هذا المواطن قبل كل شيء علما ان في خدمته خدمة ضمنية للوطن لان هذا المسمى وطنا هو نحن، فإذا شبعنا شبع واذا جعنا جاع، لا مكان لأب غني وأولاد فقراء، ارض شاسعة ولا سكن لأحد منا فيها. عندما يصبح الوطن نحن تصبح السياسة خدمة، وإذا كان لابد من التنافس السياسي فينبغي ان يكون رائد هذا التنافس برامج الخدمة العامة لا المصالح الضيقة فردية كانت او حزبية. المواطن اولا، هذه المقولة هي الحد الفاصل بين سياسة عابثة واخرى جادة هاجسها الانسان الذي ضيعته التجاذبات وحمى الصراع في بلد يحتاج الى الحوار الهادئ في ملفاته الساخنة، اما الحوار الساخن الضاج المتشنج فهو عمر اضافي للأزمة وإدامة لشهوة الصراع التي اذا ما انفتحت فلا ضوء في نهاية النفق كما يقال.

ماري حدشيتي - الديار 9\1\2015

إرسال تعليق

 
Top