0
في “زمن الحوارات” يتساءل اللبنانيون عن مغزاها وإمكانية توصلها إلى نتائج إيجابية في ظل تشبث كل فريق بمواقفه, خاصة في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية, وسط أجواء عربية واقليمية ودولية تؤشر على أن الصفقة لحل الأزمة اللبنانية وضعت على نار حامية ويتوقع أن تنضج في النصف الأول من العام الجاري.
 
واللافت أن القوى السياسية اللبنانية تجاهر بأنها تنتظر تسوية اقليمية تفضي إلى انتخاب رئيس جديد تمهيداً لحل باقي الأزمات من قانون الانتخابات النيابية مروراً بشكل الحكومة الجديدة وتوازناتها وصولاً إلى التعيينات العسكرية والأمنية, لكنها تحاول من خلال الحوارات, سواء بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” أو بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”, مواكبة المحادثات الجارية في الخارج, في محاولة لمواءمة التسوية المفترضة مع التوازنات الداخلية.
 
وفي شأن الحوار الأول الذي انطلق بين ” تيار المستقبل” و”حزب الله” نهاية العام الماضي, يتقاطع هدف الفريقين عند أولوية تنفيس الاحتقان المذهبي بهدف تحصين الجبهة الداخلية في مواجهة التهديدات الإرهابية, بحيث يريد الحزب من الحوار قطع الطريق على إيجاد حواضن شعبية لمجموعات متطرفة على غرار ما يجري في سورية والعراق من خلال محاورة القوة السياسية السنية الأبرز في لبنان, فيما يسعى التيار إلى إقناع الحزب بأن ذلك لا يتم إلا عبر إنهاء الممارسات الميليشياوية والاستقواء بالسلاح في بعض المناطق السنية, خاصة من قبل ما يسمى ب¯”سرايا المقاومة”.
 
ويعول “المستقبل” أيضاً على إمكانية إقناع الحزب بضرورة التوصل إلى تسوية بشأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية, لأن اهتراء المؤسسات لا يصب في مصلحة أحد ويؤدي إلى إضعاف الدولة في مواجهة التحديات الخطيرة التي تنتظرها ربطاً بتطورات الأوضاع في المنطقة.
 
أما بالنسبة للحوار الثاني الذي انطلق بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” وينتظر أن يتوج بلقاء زعيميهما سمير جعجع وميشال عون قريباً, فيهدف بالدرجة الأولى إلى الحفاظ على حقوق المسيحيين في النظام اللبناني ومنع أي تسوية اقليمية – دولية من المس بهذه الحقوق, خاصة لجهة اختيار رئيس الجمهورية.
 
ورغم أن الرجلين على خصومة تاريخية ويستبعد أن يؤيد أحدهما وصول الآخر إلى الرئاسة, لكنهما يريدان من خلال الحوار قطع الطريق أمام أي محاولة خارجية لإيصال رئيس وسطي أو ضعيف لا يمتلك حيثية شعبية, من خلال التوصل إلى أرضية مشتركة بينهما تقوم على أساس رفض أي تسوية لا يكون للمسيحيين فيها الدور المرجح.
 
وفي هذا السياق, يدرك عون وجعجع أن الدول المؤثرة في الملف اللبناني لن تترك الوضع على ما هو عليه إلى ما لا نهاية, خاصة في ظل تصاعد التلميحات والتسريبات التي تؤكد وجود استياء فاتيكاني وغربي منهما, وهو ما يمكن أن يؤدي لاحقاً إلى تحجيم دورهما في عملية انتخاب الرئيس.
 
وكشفت مصادر لبنانية مطلعة على أجواء المحادثات الخارجية عن أن التسوية وضعت على نار حامية وأن النقاش يتخطى شخصية الرئيس ليطال تركيبة الحكومة الجديدة المفترض تشكيلها بعد انتخابه مروراً بقانون الانتخابات النيابية وصولاً إلى تسمية قادة الجيش والأجهزة الأمنية, سيما أن غالبيتهم سيحالون إلى التقاعد في النصف الثاني من العام الجاري.
 
وأشارت إلى أن المحادثات الجارية في عواصم عربية واقليمة وغربية تهدف إلى التوصل لحل سياسي شامل بين اللبنانيين يكون قادراً على الصمود لفترة طويلة, بهدف حماية لبنان والحفاظ على استقراره وأمنه في ظل التوقعات باحتدام الحرب على “داعش” في سورية والعراق, الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تداعيات وارتدادات في دول عدة من بينها لبنان.
 
واستناداً إلى معطيات ومعلومات, رجحت المصادر ل¯”السياسة” أن يتم انتخاب رئيس جديد للبنان خلال الأشهر الستة المقبلة, وتحديداً قبل نهاية شهر يونيو المقبل كحد أقصى, وتوقعت أن يأتي الانتخاب في إطار صفقة شاملة تشمل رئاسة الحكومة الجديدة وتركيبتها وتوزع القوى فيها, إضافة إلى قانون جديد للانتخابات النيابية, واتفاق على اسم القائد الجديد للجيش اللبناني.
 
وأكدت أن الأسماء المطروحة للرئاسة لم تتغير ويأتي في مقدمها قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي والوزير السابق جان عبيد وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة, مشيرة إلى أن اختيار أحد هذه الأسماء أو غيرها ليس مهمة صعبة بمجرد التوصل إلى تفاهم سياسي على انتخاب رئيس وسطي قادر على التوفيق بين جميع الأطراف ورعاية حوار بناء في ما بينها يفضي إلى تحصين الجبهة الداخلية وحماية لبنان من تداعيات الحرائق المشتعلة من حوله في المنطقة.

السياسة 7\1\2015

إرسال تعليق

 
Top