0
ترك غياب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، دلالات كثيرة في هذه المرحلة، فعدا اعتباره خسارة للأمة العربية جمعاء كونه كان ملك الاعتدال والمصالحات ورأب الصدع بين القادة العرب الى محبته الخاصة للبنان وحيث كان دائماً يوصي المسؤولين السعوديين بلبنان، فان التعبير عن هذه الخسارة شكّل اجماعاً عبر المواقف التي صدرت من معظم الزعامات والقيادات السياسية على اختلاف توجهاتها وانتماءاتها، الى الحشد الذي جاء معزياً الى مسجد محمد الأمين في وسط بيروت من كل القوى والاطراف السياسية.
اما حول التساؤلات عن ماهية وضع لبنان بعد رحيل الملك عبدالله، وهل من تأثيرات ومتغيرات وتحديداً على المستوى الاقليمي، فهنا تقول اوساط تيار «المستقبل» أن السعودية دولة متماسكة وقوية لها مؤسساتها، وبالتالي الانتقال الهادىء للسلطة دليل واضح لا يقبل الجدل على مدى هذا التماسك، تالياً ان سياسة الرياض ثابتة على المستويات الداخلية والاقليمية والدولية والملك سلمان بن عبد العزيز له باع طويل في مواكبة ومعالجة ومقاربة كل الملفات الاقليمية والدولية وهو الذي عاد منذ فترة ليست ببعيدة من جولة اميركية واسيوية واوروبية اتسمت بالايجابية، ما يعني انه رجل ممسك بكل الملفات والاوضاع، والامر عينه لولي العهد الامير مقرن بن عبد العزيز الذي تربطه علاقات، كما الملك السعودي، بزعامات وشخصيات لبنانية وملم بالوضع اللبناني من كل جوانبه.
وتكشف الاوساط عينها ان موضوع المكرمة السعودية للجيش اللبناني في لمساتها الأخيرة لا بل انها ستشهد ايجابيات كثيرة خصوصاً ان الملك سلمان بن عبد العزيز من واكبها وتابعها من الأساس عندما كان وزيراً للدفاع وزار باريس وخلال القمة التي جمعته في الاليزيه مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند كان موضوع تسليح الجيش اللبناني بنداً اساسياً ضمن المباحثات السعودية ـ الفرنسية، وبمعنى آخر ان الامور تجاه لبنان لن تتبدل فالسياسة الخارجية للمملكة ثابتة، وبالتالي للملك العتيد صداقات كثيرة مع المسؤولين اللبنانيين ويرتقب وفق المعلومات المتوافرة ان تشهد الرياض في الفترة المقبلة سلسلة زيارت للمباركة للملك سلمان وولي عهده بمهامهما الجديدة، وايضاً وفي ما خصّ الدور السعودي حول تقريب المسافات بين اللبنانيين بشأن الاستحقاق الرئاسي، فهذا المعطى قائم وقد يشهد في المرحلة اللاحقة حراكاً بعد ان تتبلور سلسلة معطيات واجواء بعد الظروف التي حصلت مؤخراً من رحيل الملك عبدالله وانتقال البيعة للملك سلمان بن عبد العزيز، اضافة الى ما ستؤول اليه العلاقة السعودية ـ الايرانية مع الحكم الجديد، الى ترقب الردود العربية والدولية، أي هنالك انتظارات بالجملة، وعندئذ سيبنى على الشيء مقتضاه على الساحة اللبنانية.
واخيراً، يتبدى بوضوح ان لا شيء سيتغير تجاه لبنان فالسياسة السعودية منذ نشوء العلاقات بين البلدين بقيت على الوتيرة ذاتها في اطار العلاقات الوثيقة، وانما هنالك مرحلة جديدة على مستوى المنطقة في اطار الحروب المحيطة بلبنان والكباش الاقليمي والأزمات المتلاحقة والمتغيرات والتطورات التي حصلت في بعض دول المنطقة بينما تبقى الحرب السورية الأكثر تأثيراً بالساحة المحلية لما تنطوي عليه من انعكاسات وتداعيات سياسية وامنية واقتصادية وصولاً الى ملف النازحين الذي يُربك ويثقل كاهل الدولة اللبنانية. وعود على بدء فإن الدور السعودي يبقى اساساً لما للمملكة من حضور ودور اقليمي ودولي وسط اجماع كبار المطلعين على تركيبة المملكة بأنها ستبقي متماسكة وليس من متغيرات ستحصل، بل ما جرى ويجري من تعيينات داخلية امر طبيعي لدى تسلم اي سلطة جديدة لمهامها، وبشأن لبنان لا خوف من أي تبدلات، وهذا امر محسوم وخصوصاً من قبل الحلقة الضيقة المحيطة بالعلاقة اللبنانية ـ السعودية.

وجدي العريضي - الديار 25\1\2015

إرسال تعليق

 
Top