0
على الرغم من أجواء التشنّج الاقليمية - الدولية، والأميركية الروسية، فإنّ أجواء حوارية خارجية لا تزال قائمة، وانعكست على الحوارات اللبنانية، لجهة تعزيزها بغض النظر عن النتائج التي قد تصل إليها.

وجاءت المصالحة المصرية القطرية على وقع المصالحة الخليجية القطرية. إنّه قرار عربي بإعادة التمسّك بلملمة الصف أولاً، ثم إعادة توحيد كل المواقف العربية التي تدعم المعارضة السورية المعتدلة وتوحيد الدول التي تقف وراءها، بعدما تفاوتت المواقف والأغراض.

الدور المصري مطلوب في هذه المرحلة وفق المصادر الديبلوماسية، وهو يوازي الدور التركي في المنطقة، ومع المعارضة السورية. بحيث أنّه يتوقع أن ينتج على الأرض مقاربة واحدة لأهداف المعارضة وتوحيد صفوفها وخطابها وتشجيعها على أن تكون جبهة واحدة، وأن تكون لديها ردّة فعل واحدة، سواء حيال مبادرة الموفد الدولي للحل في سوريا ستيفان دي ميستورا أو لي مبادرة اخرى مثل المبادرة الروسية. الهدف من جمع الدول التي تدعم المعارضة، أن يتم جمع هدفها لتوجهه في اتجاه واحد.

وكلما جرى انفتاح بين عرَّابي المعارضة، ا انعكس ذلك على توحيد صفّها، وينعكس ذلك بالتالي على مؤتمر «جنيف3» الذي يتم العمل لعقده، وقبله مؤتمر «موسكو 1» للمعارضة التي تعد روسيا له. استعادة الدور المصري مهم في هذه اللحظة التي تمر بها المعارضة، بعدما كانت مشكلة مصر هي في وضعها الداخلي، نتيجة سجن رئيسها السابق محمد مرسي، ومكافحة الاخوان المسلمين، والوضع الاقتصادي. الخليج يرسل تقديمات مالية إلى مصر، على أن تخفف قطر من دورها بدعم الاخوان وهذا جزء من سياستها الخارجية. كل هذا الجو يؤثّر على كامل وضع المنطقة حيث لا يمكن تقييم قضية ما فيها بمعزل عن قضية أخرى.

كل هذا الجهد، هو في انتظار ترجمته على الأرض لناحية انعكاساته، وتحويله إلى خطوات عملية. هناك تواصل روسي تركي، وروسي مع دي ميستورا، والدور التركي في سوريا لم يتغير. مؤشرات التهدئة وتواصل الجميع مع الجميع ليست معزولة عن العلاقات الأميركية الروسية حيث ليس من مصلحة أي طرف قطع التواصل على الرغم من العقوبات المفروضة على روسيا وضغوط النفط والتشنّج القائم بين الطرفين. على أساس أنّ العقوبات شيء وقطع العلاقات شيء آخر.

إلاّ أنّ المصادر تشير إلى أنّ العوامل العربية قد لا تكفي لمساعدة دي ميستورا في انتظار ان الخليج يتابع تطورات التفاوض حول النووي، وهذا يشكل أولوية له، فضلاً عن أنّه لا يمكن فصل ملفات المنطقة عن بعضها. هناك الوضع اليمني، وتزايد الدور الإيراني في المنطقة، والوضع في البحرين، ولبنان والضفة الغربية وسوريا. النظام السوري ليس في وضع مريح، وهو يدرك أنّه لا يستطيع الاستمرار، كما لا يستطيع السيطرة على الوضع السوري في شكله الحالي.

من المؤكد ان تزايد خطر «داعش» يصبّ في مصلحة النظام، لأنّ أي جهد دولي لمكافحة خصمه يعني نوعاً من المساعدة له.

إنّما الضربات الجوية لـ»داعش» ستستمر حتى إشعار آخر، ولا يمكن أن يكون الوضع خلاف ذلك.

الآن، كل الأطراف تتحدث مع كل الأطراف، لكن هناك مرحلة من خلط الأوراق في انتظار بلورة اتجاهات الملفات الأساسية، وفي مقدّمها العلاقات الأميركية الإيرانية. عن إيران لم يكن الغرب بعيداً في التفاوض لكن أي اتفاق لم يحصل حتى الساعة وحتى أنّ المعلومات عن آخر جلسة تفاوض، أكدت ان لا تقدم جوهرياً، وان النقاش يراوح مكانه. لكن أي اتفاق محتمل ستكون له انعكاساته على ملف لبنان تحديداً، وهذه الانعكاسات قد تذهب في كل الاتجاهات، لا سيما وان إيران تؤشّر إلى الدول بأنها تريد مقابل لتوقيع اتفاق. مع الإشارة إلى أنّ الجو الدولي يدعو إلى انتخاب رئيس في لبنان وبأسرع وقت. والأفرقاء اللبنانيون من الصعب أن يتفقوا على هذه المسألة. الجميع يريد الانتخابات لكن الخلاف على توصيف الرئيس.

وتفيد المصادر أنّ الحوارات اللبنانية الداخلية تأتي على وقع الحوارات الخارجية وأنّ فرنسا دخلت على خط ملف رئاسة الجمهورية، وأنّ دورها حتى الآن لا يزال استطلاعياً، وانّ موفدها مدير الشرق الأوسط في الخارجية جان فرانسوا جيرو يستمر في مساعيه وسيعود إلى لبنان في وقت قريب، بعد أن يكون قد استكمل زياراته الاقليمية، وربما الدولية.

الولايات المتحدة ليست بعيدة عن هذا الملف، لكن تحرّكها ومواقفها ليست مباشرة، إنّما تأتي عبر أطراف في المنطقة تلافياً لحرق موقفها النهائي من المسائل التفصيلية. وفي هذا الوقت يسجل ارتياح دولي للحوارات اللبنانية وإلى ما يمكن أن تفضي إليه من حالة من الاستقرار ووضع حدّ للتشنّج.

ثريا شاهين - المستقبل 11\1\2015

إرسال تعليق

 
Top