0
أقامت نقابة المهندسين في طرابلس وشبكة سلامة المباني ندوة بعنوان "نحو التنمية الإستراتيجية لطرابلس"، برعاية وحضور وزير العدل اللواء اشرف ريفي، وممثلين عن وزراء الزراعة، المهجرين، العمل، والصحة، وعن نواب وفعاليات.
بداية النشيد الوطني، فكلمة رئيسة فرع المهندسين الموظفين الدكتورة ربى دالاتي رافعي التي اشارت إلى" تداعيات الإهمال الذي تعاني منه مدينة طرابلس والتي أدت إلى إرتفاع نسبة الفقر المدقع فيها إلى 17.8 % وإلى جعل حوالي 70% من سكانها في بعض الأحياء تحت خط الفقر، وإلى إرتفاع نسبة التسرب المدرسي لتصل إلى 20%"، كما تناولت اسباب جولات الإقتتال في المدينة وتأثير غياب الإنماء المتوازن والمشاريع الإنمائية و"عدم الإستفادة من أهمية طرابلس التاريخية والجغرافية وغناها بالآثار". وأكدت على "أهمية السعي لنشر الوعي حول التخطيط الإستراتيجي وإعتماد السياسة التشاركية من قبل كافة مسؤولي القطاعات وإلى تسليط الضوء على المشاريع الإنمائية ودراسة جدواها الإقتصادية والإجتماعية والبيئية والصحية وإشراك كافة شرائح المجتمع المدني بالمناقشة وإبداء الرأي".

ثم تحدث رئيس شبكة سلامة المباني المهندس يوسف عزام، فأشار إلى التوترات وإلى تداعيات العنف الدائر في المناطق والبلدان المجاورة والقريبة للبنان وقال: "وسط هذا كله تداعت نقابة المهندسين إلى عقد مؤتمر يتناول التنمية في طرابلس ويدعو إلى الحفاظ على حياة الإنسان والإعمار بدل الدمار"، شاكرا راعي المؤتمر، وقال: "ليس هذا بمستغرب عمن تخرج من مدرسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي دعا إلى مواجهة أعمال الخراب والدمار وتفجير السيارات بالإعمار والشهادات والتنمية وهذه ثقافة وطنية تمتد من آخر قرية في الجنوب إلى أقصى قرية في الشمال".

وتابع: "عندما نتكلم عن تنمية إستراتيجية إنما نحن نقرأ من هذا الكتاب وهذه اللغة وعندما نفعل ذلك فإننا نتحدث عن مقومات التنمية في المدينة، من مرفأ ومعرض يشتمل على مساحات كبيرة لم يتم إستغلالها وإستثمارها وخط سكك الحديد الذي يربط طرابلس بالعمق العربي وهذا دور أساسي، وكل هذه المقومات هي أساسية ويمكن البناء عليها، ولكن نحن كجمعية أهلية جئنا إلى هذه المدينة لأن هناك مقوما أساسيا وهو الأبرز بين تلك المقومات وهو أنتم أهل المدينة وناسها من كل الطوائف والقطاعات وتاريخ المدينة يشهد على ذلك منذ 6آلاف عام حتى اليوم".

أضاف: "المشكلة اليوم هي في الصورة النمطية للمدينة وهذا جوهر مؤتمرنا، والذي سيتضمن توصيات بنتيجة النقاش يمكن تطبيقها أو تطبيق بعضها أو عدم تطبيقها وليس في ذلك مشكلة، فالأساس في الكلام عن التنمية والمشاريع هو أنها تشكل مدماكا صغيرا حتى يمكن تغيير الصورة النمطية في ما بعد".

ثم ألقى نقيب المهندسين ماريوس البعيني كلمة وجه فيها "تحية إلى أهل طرابلس المدينة التي تعني لي الكثير ويؤسفني بعد كل الذي حدث وجود مناطق منكوبة وخاصة باب التبانة التي بينت الدراسة إلى أن هناك آلاف العاطلين عن العمل ألأمر الذي يشكل جرس إنذار للدولة لكي تتحرك بإتجاه العاصمة الثانية طرابلس، وعلى الرغم من كل الذي حصل لم تدخل الدولة بعد فعليا إلى المدينة من خلال المشاريع الإنمائية، ولهذا السبب نحن هنا اليوم لمعالجة هذا الموضوع إنطلاقا مما رصده مجلس الوزراء من مبالغ معينة للمدينة ومن خلال المبالغ التي صرفها مشكورا رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ سعد الحريري لعودة الحياة الطبيعية للمدينة".

اضاف: "أن الحل الأساسي هو بالدخول إلى عمق المشكلة خصوصا وأن في التبانة آلاف المساكن التي تحتاج إلى الترميم ومئات إخرى تحتاج إلى الهدم وإعادة البناء وطبعا مع أهمية المحافظة على الآثار في الأسواق القديمة".

وتوجه إلى ريفي داعيا الدولة عبره "إلى التحرك السريع لوضع خطة لإعادة الحياة بالتعاون مع الهيئات الدولية لتفعيل مشروع الإرث الثقافي الذي رصد له مجلس الإنماء والإعمار 30 مليون دولار، وبالتأكيد أن للنقابة دورا توجيهيا للمحافظة على هذا التراث وعلى هذا الإرث الثقافي الذي يصنف المدينة بالمرتبة الثانية بعد القاهرة".

تابع: "إن مهمتنا في النقابة هي الإضاءة على خطط جدية ومهمة بإمكانها أن تنفذ في المدينة وهنا نطالب ونشدد على إنشاء مجلس إنماء الشمال على غرار مجلس الجنوب ليتم صرف الأموال من خلاله وتحريك عجلة التنمية بالمناطق المحرومة، وبالتأكيد لدينا خطة شاملة نعمل عليها حاليا لتنفيذها على مراحل فنحن دائما في خدمة المدينة وعلى إستعداد للمشاركة في أي نشاط يساهم في إعادة إحيائها إقتصاديا وإجتماعيا وخير دليل على ذلك هو تطوع مهندسينا ليقدموا من وقتهم في خدمة مدينتهم".


ريفي
ثم تحدث ريفي فقال: "شرفتني نقابة المهندسين في طرابلس وشبكة سلامة المباني، بأن أحضر وأرعى هذه الندوة المخصصة للتنمية الاستراتيجية في مدينتنا طرابلس، وأنا بدوري أشكر لهم هذه المبادرة القيمة".

أضاف: "إن طرابلس تحتاج منا الكثير، فهي العاصمة الثانية للبنان، وهي مركز الشمال بكل أقضيته ومناطقه وطوائفه، وهي بأهلها وتنوعها، بمساجدها وكنائسها، بأسواقها وجامعاتها، بمنتدياتها الفكرية والثقافية والاجتماعية، قادرة متى أعطيت الفرصة والامكانات، أن تكون منارة للبنان على شاطئ المتوسط".

وتابع: "نعرف وتعرفون كم تعرضت مدينتنا الحبيبة، للحرمان والقهر والمؤامرات. نعرف وتعرفون أن طرابلس استنزفت ولا تزال، بالأحداث الامنية المفتعلة، وأهملت بشكل متعمد، تذكرون كيف منع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في عهد وصاية النظام السوري، من إنماء طرابلس والشمال، وتعرفون ماذا جرى بعد استشهاده، من تعطيل وشلل، وانقلابات شارك بها البعض للأسف، وارتدت وبالا على طرابلس، حيث أغرقت المدينة في جولات العنف المتكررة التي كادت أن تشلها".

وأردف: "اليوم وبعد كل ما عانت منه طرابلس، ستكون مهمتنا أصعب ولكن ليس لدينا أي خيار آخر، نريد أن ننهض بطرابلس الى حيث يليق بها وأهلها الابطال الصامدين ونحتاج لجهود جميع المخلصين للقيام بهذه المهمة، وأنتم على رأس هؤلاء".

واستطرد: "لقد قمنا منذ تسلمنا المسؤولية بخطوات أساسية لتفكيك بنية العنف في المدينة، فقال القضاء كلمته، ونجحنا الى حد كبير، في وقف جولات العنف المفروضة على طرابلس، وهذا تحقق للمرة الاولى منذ سنين. ونجحنا بالأمس بالتعاون مع قيادات المدينة وفاعلياتها، في محاصرة لغم آخر، كان من المفترض ألا ينفجر من الأساس، لو تمت معالجته كما يجب، بعيدا عن بعض الحسابات المعروفة".

أضاف: "لم يتح لطرابلس يوما أن ترتاح، وآن لها أن تنطلق. أن تأخذ فرصتها في الانماء. آن لها أن تأخذ موقعها الطبيعي كمدينة للحياة والازدهار. آن لأهلها أن ينعموا بالطمأنينة، وأن يقوموا بدورهم ببناء مدينتهم، وآن للدولة أن تتحمل مسؤولياتها تجاه هذه المدينة التي رفضت وقاومت كل من أراد أن يدفعها ثمن خيارها الوطني. انها مدينة العلم والعلماء. انها مدينة الحرية والاستقلال انها مدينة العيش الواحد. انها مدينة لبنانية".

وقال: "منذ تسلمي للمسؤولية في هذه الحكومة، وأنا استعرض ما يجب القيام به لحماية طرابلس وإنمائها، وبكل صراحة أقول: نعم نجحنا نسبيا في حماية المدينة وأهلها مما يخطط لها، لكننا لم نستطع القيام بكل ما يفترض لإطلاق عجلة الانماء الذي تستأهله طرابلس. صحيح أن الشلل المقنع في السلطة التنفيذية يترجم تأخيرا في اتخاذ القرارات، وفي تنفيذ المشاريع المقررة لكن ذلك لا يعفينا من التصميم على تجاوز كل العقبات لتخصيص طرابلس بما تستحق من مشاريع وخطط للانماء، كي تعود عاصمة الشمال الى حياتها الطبيعية المزدهرة".

وتابع: "على جدول أعمال هذه الندوة، أفكار كثيرة، أفكار تتعلق بالتنمية والنهوض الإقتصادي أفكار تتعلق بالبنية التحيتة، بالطرقات والجسور، والمرفأ، وشبكات الهاتف والمياه، والاتصالات، وكلها قضايا حيوية لبناء طرابلس الغد. وهنا أرى من واجبي أن أوجه شكرا كبيرا لكل من ساهم بإعداد هذه الندوة. والتي أرى أنها ناجحة بكافة المقاييس، أرى من واجبي أن أضع نفسي، كواحد من أبناء هذه المدينة في خدمة هذا المشروع الكبير. إن حضور هذا الحشد النوعي المميز المتخصص بغالبيته يشكل مناسبة هامة لطرح بعض القضايا التي تؤرق أبناء المدينة وتشكل لهم تحديا كبيرا".

وأردف: "اكتفي اليوم بطرح قضيتين فقط. القضية الأولى هي قضية منطقة باب التبانة تعلمون أيها السادة، أن التبانة دفعت عنا ضريبة الكرامة والعنفوان، تعلمون أيها السادة، أن أغلب أبنية باب التبانة قد أصيبت بأضرار جسيمة، وأن أغلب بناها التحتية قد تعطلت. تعلمون أيها السادة، أن أطفالنا وأهلنا في باب التبانة يعيشون في أبنية تفتقر الى الحد الأدنى من المواصفات المطلوبة للحياة الكريمة من غير المقبول أن تبقى هذه المنطقة العزيزة على ما هي عليه من إهمال وترد. أنها مناسبة، لأن نفكر سويا بحل إنمائي جذري يجعل منها نموذجا لتغيير واقع كافة المناطق الشعبية في طرابلس والشمال".

وقال: "ما أطالب به، وما ادعوكم وأدعو نفسي إليه، ليس مطلبا تعجيزيا أو حلما طوباويا. فهل من التعجيز أن نضع مخططا تنمويا إنمائيا جذريا لمنطقة بمساحة محدودة. وهل من التعجيز أن نؤمن التشريع اللازم والتمويل الضروري لتمويل هكذا مشروع. إنه تحد لنا، وأنا على ثقة أننا على حجم هذا التحدي، ومن يعش منا يشهد على ذلك".

وتابع يقول: "القضية الثانية هي قضية السكن بين مقابر منطقة الغرباء. تعلمون أيها السادة، أن عددا كبيرا من العائلات الطرابلسية والشمالية تعيش في منطقة الغرباء. تعلمون أيها السادة، أن أطفال هذه العائلات يترعرعون بين المقابر. هذا أمر غير مقبول، لا إنسانيا ولا وطنيا، لا طرابلسيا ولا شماليا. أنه عار علينا جميعا. الأمر يتطلب، إحصاء لعدد العائلات وعدد أفرادها. الأمر يتطلب، تأمين الأرض، والخرائط والتمويل اللازم. الأمر يتطلب، تأمين المسكن اللائق لسكان هذه المنطقة. وإلا بقي أهلنا، سكان منطقة الغرباء ـ غرباء في مدينتهم وفي وطنهم".

أضاف: "من طرابلس الى كل لبنان، نعلن تأييدنا لنداء الحوار من أجل الإنقاذ، على قاعدة الاحتكام الى الدولة ومؤسساتها، ورفض السلاح غير الشرعي، والانسحاب من المغامرات غير المحسوبة في سوريا، وانتخاب رئيس للجمهورية، واجراء الانتخابات النيابية، واطلاق التنمية الاقتصادية، أو بالحد الأدنى، تخفيف الإحتقان المذهبي. نطلق صرخة لوقف هدر حياة أجيالنا ومستقبلهم، في مشاريع الانتحار، التي ينخرط بها بعض القوى، التي عطلت البلد وغامرت به، منذ العام 1990 والى اليوم، ولا تزال".

واستطرد: "بقدر ما نفرح لنجاح بعض البلدان الشقيقة التي نجحت في حجز مكان لها على خارطة التقدم، ومنها من بات محطة استقبال لعشرات ملايين السياح، والرساميل والاستثمارات، ومعدلات النمو، بقدر ما نتألم لتأخر لبنان عن أن يحجز موقعه الذي يستحق. نتألم لأن لبنانيين ارتضوا أن يكونوا أسرى لمشروع إقليمي، حول لبنان لوطن أسير، واستسهل الانخراط في مغامرة سياسات النفوذ والغلبة. وكانت النتيجة أنه بدلا من أن نخطط لبناء مستقبل أولادنا، سجنا في دوامة الحفاظ على الحد الأدنى، من الأمن والكرامة لأهلنا ولوطننا".

وختم: "من هذه المدينة الغالية، وعبر هذه الندوة الهادفة، نتذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي حلم بمشروع للبنان يكون القدوة في هذه المنطقة من العالم، في الحضارة والتطور والبناء. لقد اغتالوه، ليقتلوا فينا هذا الحلم. عهد عليناأن نكمل مشروع الرئيس الشهيد، وألا ندع مشروع الظلام ينتصر على مشروع الحياة. مهمتنا ومسؤوليتنا كبيرة، وإن شاء الله نكون وإياكم على قدر هذه المسؤولية. عهد علينا رغم كل الصعوبات، أن ننهض بطرابلس كي تكون مدينة السلام والازدهار، وأن تهزم كل من تطاول عليها زورا، فطرابلس هي الباقية، وكل من تآمر عليها الى زوال".

13\12\2014

إرسال تعليق

 
Top