0
حاضر وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب عن "التربية في لبنان ... واقع ومرتجى"، بدعوة من لقاء الشباب البتروني، على مسرح ثانوية البترون الرسمية، في حضور راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله، رئيس بلدية البترون مرسيلينو الحرك، رئيسة جامعة العائلة المقدسة الاخت ماري دي كريست بصبوص، مدير ثانوية البترون الرسمية يوسف حنا، ومدراء معاهد رسمية ومدارس وثانويات، ماتير مدينة البترون وعدد من المعلمين والمعلمات بالاضافة الى رئيس لقاء الشباب البتروني ميشال فرنسيس والاعضاء.

بعد النشيد الوطني، ألقى فرنسيس كلمة تحدث فيها عن بدايات التعليم وتطور الوسائل وقال: "نعاني اليوم أزمة تربوية قاسية ونعيش شكوى مستمرة، فالمستوى في هبوط وانحدار خطير لأنه طاول الفكر والقيم"، متسائلا "من ينهض لبنان من كبوته التي طال أمدها ومن يحقق المستقبل المنشود ومن يوقف مد جهل بربري يعود من غياهب التاريخ؟" مؤكدا أن "اللبنانيين هم أهل رجاء، فلا بد من النهوض مع نخب آتية حكما".

بو صعب

وقال بو صعب: "التربية في لبنان واقع ومرتجى، إنه عنوان كبير جدا يمكن أن نكتب حوله أكثر من أطروحة، لكنني سوف أتوقف عند عناوين أساسية، وأشكر لقاء الشباب البتروني الذي شرفنا بتنظيم هذا اللقاء الكريم معكم في هذه المدينة التاريخية العزيزة التي يسرنا أن نزورها باستمرار وأن نقف إلى جانب صديقنا الوزير باسيل الذي يعمل بكل قواه من أجل إزدهارها وحفظ تراثها العريق وتعزيز انفتاحها على الداخل والخارج ضمن رؤيته الشاملة للنهوض الوطني العام. ولسوف تثبت الأيام المقبلة صوابية رؤيته مهما كثر الحاسدون والمعرقلون"، مشيرا الى أن "النظام التربوي في لبنان يعاني أوضاعا مزمنة كان وزراء التربية يضعون الإصبع عليها، ومنهم من سعى الى إجراء عملية تصحيح عبر خطط تربوية بدأت منذ العام 1992 وتوالى عليها الوزراء حتى تم تطوير المناهج التربوية وهيكلية التعليم في العام 1977، وتمّ تنظيم دورات تدريب للمعلمين والمديرين، كما تمّ إعداد معلمين لعدد قليل من المواد الإجرائية التي شكلت النقلة النوعية في المناهج، غير أن التمويل كان يقف عائقاً أمام توفير المبنى اللائق للمدرسة الرسمية، واستمرت السياسة العرجاء في بناء مدارس جديدة ومجهزة في مناطق عديدة في لبنان وهي كلها تستحق الأبنية الجديدة واللائقة والمعلم الجيد والمدير القيادي، والملاعب الرياضية والمختبرات وقاعات الموسيقى والرسم والمعلوماتية، والمسرح وغيرها الكثير ... لكن ما كان يتمّ فعلياً لم يكن منصفاً لمناطق كثيرة ومنها مناطق جبل لبنان والشمال التي غاب عنها الإهتمام وغرقت في الحرمان فيما أصبحت مناطق أخرى تعاني من فائض المدارس الرسمية الحديثة والتي لا تجد ما يكفي من التلامذة لفتح صفين في هذه المدارس".

وقال: "إن هذه الصورة التي تكتنف المدرسة الرسمية يزيدها سوءاً التعاقد العشوائي واستنزاف قدرات الخزينة من خلال تفريع الثانويات والمدارس والمهنيات في المناطق ما يستوجب فصل معلمين للإدارة والنظارة وحشر المتعاقدين من كل حدب وصوب منهم لساعتين ومنهم لأكثر، لكن عدد التلامذة اللبنانيين في هذه المؤسسات الرسمية يتناقص بدلاً من أن يتزايد، وترتفع أكلاف التعليم، ويزيد المشهد إرباكاً فيضان أعداد النازحين من سوريا، حتى أن مدارس رسمية معينة باتت تقفل في غيابهم لأن اللبنانيين على قلتهم غادروها الى مدارس أخرى وغالبا الى مدارس خاصة".

وتابع: "إن واقع التعليم الرسمي هو واقع تراكمي ساهمت في إيصاله إلى هذه الحال أوضاع وحكومات متعاقبة، لكن كل ذلك وعلى الرغم من المرارة التي تكتنفه تبقى فيه مساحات مضيئة تقاوم الظروف الصعبة وتعمل بهمة الإدارة التربوية في الإدارة والمناطق التربوية وفي المدارس والثانويات، على رفع مستوى الأداء بالتعاون مع مديري هذه المدارس الذين يلعبون دوراً في السهر على أداء الأساتذة ومتابعة التلامذة، وفتح المدرسة على البلديات والجمعيات الناشطة وعلى المجتمع المدني، من أجل الحصول على نتائج تضاهي في العديد من هذه المؤسسات الرسمية ، مؤسسات معروفة في القطاع الخاص تتمتع بحرية الحركة والتمويلالكافي والدعم غير المحدود من جهات عديدة أهلية وخارجية.وإذا تساءلتم عمّا تمكنّا من إضافته لتحسين هذا المشهد يمكننا الإشارة إلى بعض النقاط الأساسية أولها أننا كلّفنا لجنة إدارية تربوية بمتابعة المقابلات والترشيحات لاختيار أفضل المديرين من بين المرشّحين وتمّ تعيين ما يزيد عن مائتي مدير، وحوّلنا الاعتمادات لكليّة التربية لنتابع دورات إعدادهم بحسب متطلبات الإدارة التربوية الحديثة، كذلك، أنجزنا اختيار فريق عمل جهاز الإرشاد والتوجيه ليتابع التنسيق التربوي والإرشاد في المدارس، ويراقب أداء التلامذة ويتعاون مع الأساتذة لتحسين هذا الأداء".

وأعلن "إننا رفعنا الغبار عن الهبات والقروض المقدمة لبناء مدارس رسمية ومنها الهبة الألمانية والقرض الفرنسي، وقد حدّدنا أسماء المدارس والمهنيّات الرسمية في المتن وكسروان وجبيل والبترون وبعبدا، لأنه تبين لنا أننا أكثر المناطق حرمانًا من مباني المدارس الرسمية والأكثر حاجة إليها.أما على صعيد المناهج ومتابعة تحديثها فإننا نقوم بإعداد أوراق العمل لمؤتمر تربوي بالتعاون مع المركز التربوي والقطاع الخاص، من أجل متابعة تحديث المناهج التربوية وتأهيل المدارس لاحتضان صفوف الروضة بحسب المعايير العالية المستوى، لأن الروضة هي محطة استقطاب التلامذة لتغذية المدارس الرسمية، وكذلك المواد الإجرائية التي تجعل المدرسة أكثر جاذبية من خلال توافر الملاعب الرياضية وقاعات الموسيقى والمسرح والرسم والمعلوماتية والتكنولوجيا. إن المؤتمر التربوي سوف يخصص حيزا منه لإعادة النظر بالامتحانات الرسمية المثقلة بالمواد، وذلك بهدف ترشيقها وجعلها أكثر دقة وأكثر تلبية للهدف المرجو منها كوسيلة وطنية للتقييم، مع إمكان استخدام طرائق وتقنيات جديدة تمنع الغش وتطور عملية التصحيح لنتمكن من قياس التحصيل التعلمي بصورة دقيقة تؤدي إلى ترشيد القرار التربوي والإشارة إلى مكامن الضعف والقوة في هذا النظام.وفي مجال التعليم المهني والتقني، فإننا سنعقد مؤتمرًا مخصّصًا لدرس واقع هذا التعليم المهم جدًّا في النهوض الاقتصادي والريادة وتوفير فرص العمل، من أجل توحيد الكتاب المهني وتوحيد المنهج وتطويره باستمرار ، والعمل على تسويقه وتحسين صورته التي كانت له في السبعينات من القرن الماضي، لكي يستقطب التلامذة المتفوقين، بعدما تتم دراسة مساراته وانفتاحه الأوسع على التعليم العالي".

وعن التعليم الخاص، قال بو صعب: "التعليم الخاص يحتضن ثلثي التلامذة ويشكّل نقطة مضيئة في لبنان وهو يتمتع بحرية الحركة ويضم مؤسسات مرموقة ومتقدمة، إلا أنه يضم أيضًا بعض الدكاكين التي يتوجب علينا إنذارها وإقفالها لأنها تسيء إلى صورة التعليم الخاص وإلى صورة التربية في لبنان من خلال المتاجرة بالتعليم.وإننا سوف نتعاون مع المؤسسات التربوية الخاصة في كل هذه الورشة إن لجهة المؤتمرات أو لجهة النتائج التي تصدر عنها لكي نتوافق معًا على الأفضل ونحوّل توجّهاتنا معًا إلى قرارات ومراسيم وقوانين تفتح أفقا جديدا، وتعيد وضع لبنان في مسار الدول المتقدمة تربويا".

وتابع: "إن الثغر الموجودة في المناهج وفي الإدارة تتم معالجتها موضعيًّا على أيدي أساتذة ومديرين يتمتعون بالخبرة والحنكة والضمير ويقيني أن معلمًا قديرًا يستطيع تعويض النقص في منهج متخلف، كذلك فإن معلمًا فاشلاً يمكن أن يفسد منهجًا جيدًا.
ومن هذا المنطلق فإننا نعوّل كثيرًا على المعلمين ونكرر تأييدنا لمطالبهم ولحقوقهم بسلسلة تضمن لهم العيش الكريم، وهم يستحقون أكثر من ذلك بكثير".

وختم: "إن الاهتمام بالتربية هو مهم وضروري جدا، الا أن الظروف الحرجة والدقيقة التي نعيشها في لبنان والمنطقة تدعونا للتفكير بوجودنا والأمور لم تعد مزحة كما كنا نفكر في السابق. لم يعد مسموحا أن نكون، ونحن أبناء بلدة واحدة أو قرية واحدة أو منطقة واحدة وأبناء بلد واحد ، مختلفون ، والموجة التكفيرية الالغائية للمسلمين قبل المسيحيين على أبوابنا وعند حدودنا. لم يعد مسموحا أن نبقى مختلفين على انتخاب رئيس للجمهورية، وعلى استخراج الغاز والاستقرار الاقتصادي على ضوئه. ولأن هناك خلاف سياسي نخرب البلد كي لا نعترف أن الوزير باسيل هو وراء مشروع النفط والغاز. يجب أن نتخلص من هذه العقلية. نحن اليوم نطالب برئيس جمهورية قوي وأكثر تمثيلا ، ولدينا أقوياء وأكثر من شخص قوي من المسيحيين. وعندما نتكلم عن القوة فإننا بذلك لا نتكلم عن قوة العضلات بل عن القوي بثقافته ووطنيته وفكره وبانفتاحه على الآخرين وبتمثيله للمسيحيين. وعندما يقتنع المسيحيون بهذه الفكرة نكون على بلغنا مرحلة التأسيس للبنان أفضل ويشبهنا أكثر. نحن لا نريد أن نأخذ شيئا من أحد ولكن لن نسمح لأي كان بأن يأخذ شيئا من أمامنا".

بعد ذلك، استمع بو صعب الى مطالب وحاجات المعلمين والمعلمات ورد على أسئلة الحضور. 

13\12\2014

إرسال تعليق

 
Top