0
منذ ما يقارب العقد من الزمن، هاجر صديق الطفولة الى استراليا نتيجة اضمحلال فرص العمل في لبنان وضيق السبل الى حياة عزيزة وكريمة فيه.
هاجر «الصديق» الى القارة البعيدة بحثاً عن مستقبل أفضل لا يضطر فيه للتزلف الى هذا الزعيم او ذاك، للحصول على وظيفة ما بالكاد تعيله هو وعائلته.
وبعد مرور السنين، أسس «الصديق» عائلة مؤلفة من ثلاثة أولاد حيث أنشأهم على حب الوطن والله، فلا تمضي عطلة اسبوع الا ويذهب بهم الى «قداس الأحد»، ولا تمر مناسبة وطنية لبنانية في الاغتراب الا ويشارك فيها.
لا يمضي الكثير من الوقت الا ويتصل أحدنا بالآخر للاطمئنان على مجريات الحياة وحال العائلة والعمل، وفي كل مرة اطالبه بزيارة الوطن، الا ان احواله وتراكم هموم الحياة وغلاء تذاكر السفر الى لبنان في جميع المواسم تمنعه من ركوب الطائرة هو وعائلته والمجيء بها الى بلاد الارز.
هذا الصديق حاله كحال الآلاف، لا بل مئات الآلاف من اللبنانيين الذين هاجروا الوطن الصغير بحثاً عن لقمة العيش والحياة الكريمة ولو في اصقاع الأرض.
ولكن في نظر البعض «الحاكم» هذا موضوع ثانوي امام ارباح شركات الطيران، فلا يهم ان بقي اللبنانيون في الخارج وليس بمقدورهم زيارة وطنهم باستمرار طالما بعض الشركات تحقق الأرباح.
وفي نظر البعض الآخر، هؤلاء أي المغتربون مادة سياسية انتخابية دسمة، لا بد من المتاجرة بها عند الحاجة. أما تسهيل تواصل المغتربين مع وطنهم فموضوع جانبي يبحث فقط للدعاية السياسية وفي أحسن الحالات تُرسل لهم الطائرات لحاجة الانتخابات النيابية.
اذاً هم من جهة، سلعة مادية وسلعة سياسية انتخابية من جهة اخرى، كيف لا، وقد اصبح لبنان بأكمله سلعة للبيع والشراء حسب مصالح الطبقة الحاكمة الخاصة والانية.
والسؤال الذي يطرح نفسه:
هل ننتظر شيئاً ممن جعل لبنان شركة مساهمة، كل ما وجد فيه يباع ويُشرى حتى الانسان؟
هل ننتظر ممن باع ضميره مقابل المال والجاه أن يسعى الى عودة المغتربين؟
هل ننتظر ممن أفرغ مؤسسات الدولة من معايير النزاهة والمصلحة العامة ان يبحث في سبل تعزيز التواصل مع الاغتراب اللبناني؟
بالطبع لا ننتظر خبرا ولا نأمل خيرا من هؤلاء.
فمن باع لبنان يبيع اغترابه، ومن باع ضميره يبيع أصله، ومن كان السبب بهجرة اللبنانيين بالتأكيد لن يسعى لعودتهم.
ليس اليأس والقبول بالأمر الواقع من عاداتنا، ولكن في بلد سيىء الطالع بحكامه ما رأينا سبيلاً للتغيير سوى برفع الصوت عالياً لعله يستيقظ ضميرهم.

حنا أيوب - الديار 11\12\2014

إرسال تعليق

 
Top