0
يسير الوضع في لبنان نحو مرحلة بالغة الخطورة في ظل الاحداث المتفجرة في المنطقة التي ترخي بأثقالها على الساحة اللبنانية لاسيما تزايد التوتر والاحتقان المذهبي والطائفي نتيجة تهديد "داعش" واخواتها من التنظيمات الارهابية للحياة السياسية اللبنانية عبر خلايا وبيئة حاضنة لها، وهي تتكشف يوماً بعد يوم وبأوجه مختلفة بعدما أصبح لبنان ملاذاً آمناً لهذه الجماعات التكفيرية التي نجحت في استقطاب عدد من أبناء هذا الوطن مستغلة العصبية المذهبية والعداء المستيقظ بين السنة والشيعة، وإغراق هذه الفئة بالمال والسلاح وشحنهم بالكراهية للجيش اللبناني. 

وهذا ما يربك الاسلام السني المعتدل في لبنان حيث يعيش في أزمة حقيقية إذ لم تنبر المرجعيات السياسية والروحية السنية في لبنان الى الوقوف تلقائياً بوجه التكفير فنرى حالة انعدام التوازن المسيطرة على مشاعر أهل السنة في لبنان. 

فهم مثلاً لم يروا الخطر القادم اليهم جراء هذا الزحف البشري من النازحين السوريين بل اعتقدوا أن هؤلاء هم ضمانتهم وحمايتهم من سلاح "حزب الله" والشيعة، ووقعوا بالخطأ ذاته الذي وقع فيه معظم السنة في لبنان عام 1975 عندما اعتبروا أن المنظمات الفلسطينية هي جيش السنة في لبنان. 

واليوم "داعش" واخواتها قد فتحت الحدود اللبنانية السورية على مصراعيها، وها هي المخاوف تبدأ من عرسال البقاعية ولا تنتهي في شبعا الجنوبية، في ظل إرباك رسمي وحكومي وتكبيل متعمد للجيش اللبناني في رفع سقف المواجهة، كما تشير عمليات الاعدام الممنهجة لجنود الجيش اللبناني الى محاولات حثيثة لتحضير الساحة اللبنانية للانفجار الكبير. 

في الوقت نفسه تسعى جهات خارجية ومحلية في خلق مناخ متعاطف مع القوى الارهابية وتؤسس لشارع مؤيد لداعش وبقية القوى التكفيرية وهذا ما رأيناه أمام مسجد التقوى إثر خطبة الجمعة الماضية لا سيما الأصوات التي هدرت تقول "الشعب يريد الدولة الاسلامية "، وهذه الجهات المشبوهة الخارجية منها أو المحلية لم تقف عند السعي على التحريض بل ذهبت تبحث عن جبهة حدودية جديدة للتفجير في الداخل اللبناني على غرار ما حصل في عرسال، وما اطلاق الرصاص الذي حصل في البداوي على مركز للجيش أو على الفان الذي يُقل عسكريين في عكار ألا مؤشراً خطيراً في ظل غياب القرار السياسي الحاسم تجاه الامساك بالوضع الامني في ظلّ التراجع الملحوظ للمظلة الدولية العربية بتحييد لبنان، وهذا ما لمسناه حول ما يُشاع عن وساطات عربية وأجنبية لضبط ايقاع العصابات التكفرية في جرود عرسال أقله تجاه المخطوفين من عناصر الجيش. 

فلم نلمس من الرياض إلا دوراً سلبياً لعرقلة أي جهد حقيقي يسمح بحسم ملف العسكريين المحجوزين. فالضغط على النظام السوري و"حزب الله" لا يزال أولوية لدى المملكة وهي لا ترغب في أي إجراء يريحهما، بل أكثر من ذلك، هناك مخاوف جدية من وجود قرار سعودي بتسخين الجبهة اللبنانية رداً على ما تعتبره تجاوزاً ايرانياً للخطوط الحمراء على الساحة اليمنية. 

في المقابل ثمة قناعة راسخة بأن محور قطر تركيا غير جدي في المساعدة في عملية التفاوص لاطلاق العسكريين.. فقد جاء إعدام الشهيد حمية على يد جبهة النصرة رسالة لا تقبل التأويل أي أن المشكلة في مكان آخر. 

لذا على الدولة اللبنانية الاسراع بإعطاء الضوء الاخضر لخوض حرب استباقية على هذه المظاهر الظلامية، وإلا ترك مسلسل "عشرة عبيد صغار" ساري المفعول مع العسكريين، الذي من الممكن أنّ يؤدي الى مفاجأة جديدة من العيار الثقيل.

سامي أبو فيصل - منبر "ليبانون تايم" 25\9\2014

إرسال تعليق

 
Top