0
هذا الجندي في الجيش اللبناني، هل يقتصر انتماؤه الى هذه المؤسسة على حالين فقط؟ الخدمة و الاستشهاد؟ فإذا وقع في الأسر، طغى انتماؤه الطائفي والعائلي والمناطقي، على انتمائه الى المؤسسة الوطنية المعوَّل عليها. 

العسكريون الأسرى، كأنهم تعرضوا للخطف مرتين، مرة على يد العصابات، ومرة على يد العصبيات! لا بل هم خطفوا ثلاث مرات. المرة الأولى وهي الأهم والأخطر، إنهم وقعوا أسرى ضعف السلطة السياسية وتخبطها وترددها. 

سلطة سياسية خطفها "حزب الله" الى مجاهل الحرب في سوريا، فانقادت ساعة من حيث لا تدري، وساعات من حيث تدري وتصمت ولا تحرك ساكناً. عندما تتحرك عائلات وعشائر مطالبة بتحرير أبنائها الجنود، فتقطع الطرق، وترفع الشعارات الفئوية، هذه التحركات تتوجه الى فئتين لا علاقة لهما بالمسألة:
 
الفئة الأولى هي المواطنون الذين يتعاطفون ويتبنون من دون أي تردد قضية الجنود، لكن قطع الطرق والتصعيد والتشنج يعطل حياتهم اليومية. هذا التعطيل لحركة الناس، يؤدي حكمًا الى فرز في التعاطف والتأييد أيضًا. وبدلاً من الإجماع الشعبي والوطني المطلوب لدعم قضية جنودنا، نحن نغرق في "تأييدات" فئوية. فالمتضرر من قطع طريق هنا، هو مؤيد لقطع طريق هناك. وهذه العشيرة همها عودة ابنها، ابنها أولاً، ولم تعد تعتبر القضية قضية موحدة واحدة. إنها قضية وطنية بالإسم وبكلام المجاملات فقط. من الواجب أن تكون كل عائلة بانتمائها المناطقي والمذهبي، هي المعنية الأولى بأسر ابنها، ولكن عندما تتحرك المناطق والمذاهب والعشائر، فهي حكمًا ترسل رسائل سياسية وتفرض نمط مفاوضات مباشرة وغير مباشرة، قد لا تساعد في نهاية سعيدة لهذه المسألة الحساسة. نهاية ستضر بالجنود وبالخيط الرفيع للتماسك الوطني!! حتى لا نقول أكثر.
 
الفئة الثانية التي لا علاقة لها بالمسألة، هي الحكومة اللبنانية! حكومة وقعت في فخ "حزب الله" عندما منحته التغطية السياسية لتورطه في الحرب السورية. على الأقل منحته نصف تغطية، وهذا ما كان ليحلم "حزب الله" به. حكومة وجدت نفسها مضطرة أن تشكل الخلفية العسكرية لمعارك "حزب الله"' في سوريا. وبدلاً من أن تكون المعركة على حدود لبنان لمنع تدفق النازحين والإرهابيين، أصبحت المعركة على حدود عرسال! ومن يدري فقد يكون ثمن تحرير الجنود المتبقين، أن تبقى عرسال محتلة! ألن يكون بين العشائر والمذاهب من يرضى بهذا الثمن؟ هذا الثمن سيكون باهظاً على الجيش والشعب، ومربحًا "للمقاومة". فكلما احتدمت المعارك العسكرية في الداخل وارتفعت لهجات التصعيد المذهبي تنفس "حزب الله" الصعداء.
 
كلمة أخيرة لقيادة الجيش. أمام عجز الحكومة وتخبطها، ورأفة بالوطن، استردوا قضية جنودنا من متاهات الطرق والدواليب والخطابات المشتعلة. في هذه المسألة أنتم قادرون. قبل النواب والوزراء بادروا الى التنسيق والإشراف على حركة الأهالي المفجوعين.
 
في هذه اللحظة بالذات، إن الأسرى هم أبناء مؤسسة الجيش اللبناني قبل أن يكونوا أبناء أي شيء آخر.

أمجد اسكندر - المسيرة 25\9\2014

إرسال تعليق

 
Top