0
زار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي قبل ظهر اليوم، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد ضم النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم، النائب البطريركي المطران جوزيف معوض، النائب البطريركي للشؤون القانونية المطران حنا علوان، رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر، أمين سر البطريرك المونسينيور نبيه الترس والمونسينيور جوزيف بواري، في حضور أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية الشيخ أمين الكردي، المستشار القاضي الشيخ محمد عساف، القاضي الشيخ الدكتور محمد نقري، المدير العام للأوقاف الإسلامية الشيخ هشام خليفة، ومدير الشؤون الإدارية في دار الفتوى الشيخ صلاح فخري، والشيخ الدكتور محمد أنيس أروادي، والأمينين العامين للجنة الوطنية اللبنانية للحوار الإسلامي - المسيحي محمد السماك وحارث شهاب.

الراعي
وقال البطريرك الراعي:"يسعدني وإخواني السادة المطارنة أن نقدم لكم، صاحب السماحة، تهانينا القلبية مع أطيب تمنياتنا بمناسبة تنصيبكم في مقام مفتي الجمهورية. وقد سبق وتمثَلنا في حفل التنصيب بوفد بطريركي ووجهنا رسالة تهنئة. لكنَ الزيارة اليوم إلى دار الفتوى، فلكي نسعد باللقاء الشخصي بكم من جهة، ولكي نعبر من جديد عن تقديرنا الكبير لشخصكم من جهة ثانية، وعن تأييدنا الكامل لكل ما جاء في خطبة التنصيب التي فتحت آفاقًا جديدة على صعيد الوطن والمسلمين والعيش المشترك".

أضاف:" غير أننا نريدها زيارة تدفع بنا بالأكثر في ما كنا نسعى إليه ونعمل من أجله مع رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية، فنحقق خطوات جديدة وثابتة في مسيرة شد أواصر الوحدة والتعاون بيننا، وفي توحيد صوتنا ورؤيتنا في كل من الشأن الاجتماعي والإنمائي والوطني".

وتابع:" اجتماعيا، نحن المسيحيين والمسلمين في لبنان، نشكل عائلة واحدة، ذات مصير واحد وثقافة مشتركة اغتنت من قيم الإسلام والمسيحية وتقاليدهما، وتميزت بالحرارة الإنسانية وحسن الضيافة والانفتاح على الآخر المختلف، وتحصنت بالعيش المشترك المنظم بحماية الدستور. إننا اليوم، في خضم معاناتنا الداخلية وتداعيات الانقسامات والنزاعات والحروب والتنظيمات التكفيرية الإرهابية، أمام التحدي الكبير وهو حماية ثقافتنا اللبنانية المشتركة، وتطويرها ونموها ونشرها وتربية أجيالنا الطالعة عليها. فالثقافة هي التي تحمي الأوطان وتخلصها من أزماتها".

وقال :" وإنمائيا، لا بد من التعاون من أجل إنماء الإنسان اللبناني روحيا وثقافيا وأخلاقيا، إقتصاديا واجتماعيا. لقد شوهت الأحداث الجارية والانقسام السياسي والازمة الاقتصادية والمعيشية والفساد المستشري في المؤسسات العامة، والانحطاط الأخلاقي، وتفشي الروح المذهبية وروح العداوة، وجه هذا الإنسان. وبتنا نرى عند اللبناني، عبر هذا التشويه، وجها آخر. فنتساءل: هل نحن في لبنان؟ أهذا هو اللبناني الأصيل الذي أحبه كل من عرفه أو دخل بلده؟ ولا بد أيضا من التعاون مع المجتمع الأهلي ومطالبة الدولة بإنماء المجتمع في مختلف المناطق اللبنانية، إنماء متوازنا، سواء في البنى التحتية أو في الحاجات الأساسية من ماء وكهرباء وطرق وفرص عمل وسكن لائق وعائلة مكتفية. ومن الواجب، لبلوغ هذه الأهداف، إقرار وتحقيق اللامركزية الإدارية الموسعة التي أقرتها وثيقة الوفاق الوطني في مؤتمر الطائف. فإنماء الشخص والمجتمع هو الاسم الجديد للسلام في الوطن (البابا بولس السادس: "ترقي الشعوب"، 87)".

واوضح "وطنيا، من واجبنا كرؤساء روحيين مؤتمنين على القيم الروحية والأخلاقية، وبالتالي على المبادئ الدستورية والثوابت الوطنية، ولاسيما على الميثاق الوطني والصيغة الميثاقية، اللذين ينعشهما روح الثقة المتبادلة على أساس من الحقيقة والمحبة، أن ننادي بها كلها، ونطالب الجماعة السياسية عندنا بتطبيقها في خياراتها السياسية، وصولا إلى غايتها التي هي تأمين الخير العام الذي يضمن خير جميع المواطنين، وترقي المجتمع اللبناني، وتعزيز كيان الدولة".

وتابع: "لا يحق لنا بعد أربع وتسعين سنة من حياة الجمهورية، وبعد صدور وثيقة الوفاق الوطني وإدراجها في الدستور، وبعد تثبيت الميثاق الوطني وصيغته التطبيقية، أن نتساءل:"أي لبنان نريد؟، أو أن نتكلم عن مؤتمر تأسيسي، أو عن مثالثة. ولا يحق لأي فئة أو مكون أو تحالف سياسي أو مذهبي أن يهيمن على البلاد وينحرف بالديمقراطية التوافقية عن غايتها وهي خير البلاد العام، بل المطلوب الولاء للبنان أولا والتقيد بالدستور والميثاق وتطبيق وثيقة الوفاق الوطني نصا وروحا، وسد الثغرات الدستورية التي تتسبب بتعثر سير المؤسسات الدستورية، بعد خبرة دامت خمسا وعشرين سنة".

وقال:"وفيما نفصل تماما بين إعلان المبادىء والثوابت وحمايتها والدفاع عنها، وهي من واجبنا كروحيين، وبين التقنيات السياسية والاقتصادية وهي من شأن الجماعة السياسية، يوجب علينا الضمير الروحي والوطني عدم السكوت على الظلم والاستبداد ومخالفة المبادىء والثوابت الدستورية والميثاقية. ونرانا في الوقت عينه أمام واجب العمل من أجل التفاهم بين الفريقين المتنازعين 8 و14 أذار، وانتخاب رئيس للجمهورية، وإجراء المصالحة الوطنية، وتأمين انتظام المؤسسات العامة، وتنزيه القضاء ودعم الجيش والقوى الأمنية، وضبط السلاح غير الشرعي".

وختم الراعي: "هكذا نستعد خلال السنوات الست القادمة للاحتفال بالمئوية الأولى لإعلان لبنان الكبير واستقلاله (1920 - 2020). وفوق ذلك، يستطيع لبنان أن يؤدي رسالته في هذا المشرق العربي، ويكون عنصر استقرار وسلام، وواحة تلاق وحوار، ونموذجا للعيش معا على أساس الوحدة في التنوع".

استقبالات
وبعد الظهر، إستقبل الراعي وفد لقاء ابناء الجبل الذي ضم عددا من الشخصيات المسيحية والدرزية وممثلين عن المطارنة في الجبل وهم: اللواء الركن المتقاعد شوقي المصري، العميد الركن المتقاعد بهيج ابو شقرا، الدكتور فؤاد سيور، العميد المهندس كمال رشيد، السفير السابق لطيف ابو الحسن، المهندس محمود دلال، الإعلامي جهاد الأطرش، والسادة: منير حمزة، خالد هرموش، الدكتور جورج شرف، المحامي حبيب رزق، المحامي جورج نصار، السفير سمير حبيقة، البروفسور انطوان مسرة، ايلي قرداحي، جورج يزبك، خليل خيرالله، سهيل ابو حلا وادوار مغبغب. واكد الوفد ان الزيارة هي "لإلتماس بركة صاحب الغبطة لإنطلاق مبادرتهم التي تهدف الى استكمال مصالحة ابناء الجبل على مستوى المجتمع، والتشديد على العيش الواحد فيما بينهم والمشاركة الفعلية في الحياة العامة وانعاش العادات والتقاليد الجامعة المتوارثة" مشددا على "ان وحدة لبنان هي في وحدة جبله". كما أوضح ان "العمل سيتم من خلال البلديات والجمعيات الفاعلة في المجتمع بوحي من روحية الإرشاد الرسولي" متمنيا ان "تعم هذه اللقاءات كل المناطق اللبنانية لكي يتم التحدث عن الهواجس ومواجهة الخطر الداهم." واذ اكد الوفد على "ضرورة تفعيل عمله ووجوب تعميم هذه المبادرة"، أعرب عن شكره وتقديره للبطريرك الراعي "الذي دعم فكرة تأسيس هذا اللقاء وقدم المساعدة لبلورتها وتنفيذها".

بدوره رحب الراعي بالوفد مانحا اياه بركته "لما يمثله من صورة حقيقية عن غنى مجتمعنا بالشخصيات الغيورة على مصلحة الوطن والبعيدة عن الحسابات الفئوية". واعتبر ان "عمل هذا اللقاء هو السياسة الحقيقة الذي هو فن خدمة الخير العام".

وتسلم الراعي من رئيس المجلس الدولي لمحطة "سات 7" القس حبيب بدر يرافقه المدير التنفيذي للمحطة في لبنان ناجي داوود، دعوة لرعاية حفل تدشين وتكريس مبنى المحطة في المنصورية في شهر تشرين الثاني المقبل.

ورأى بدر ان "الإنجيليين هم اخوة للقيادات المسيحية في هذا البلد ولذلك هم يضعون كل امكانياتهم في هذا الإطار ولا سيما تلك الإعلامية منها وخصوصا عندما يتعلق الأمر بمرجعية كشخص البطريرك الراعي الذي يدرك ويتقن تماما مدى التاثير الإعلامي اليوم في مجتمعاتنا".

واطلع البطريرك الراعي من وفد "جمعية اصدقاء المدرسة الرسمية" الذي ضم رئيسة الجمعية راغدة يشوعي، نائب الرئيس انطوان طعمة، مرشد الجمعية الأب لويس الخوند، امينة الصندوق جوليا لقية و امين السر نعمان جبور على "المشاكل التي تواجهها المدرسة الرسمية في منطقة المتن الشمالي من اهمال وتقصير وضرورة تقديم المساعدة لها خصوصا مع تلقيها عروضا من دول اوروبية ابدت كل استعداد لإعمارها شرط ايجاد مساحات ارض لإقامة البناء الجديد عليها." وشكرت يشوعي بلديات المنطقة على "الدعم الذي تقدمه على الرغم من امكانياتها المحدودة آملة من اصحاب المشاريع والممولين تقديم يد العون لأن المدرسة الرسمية لا تعود الا بالخير والثقافة والأمل لأبناء الطبقة الفقيرة في لبنان".

23\9\2014

إرسال تعليق

 
Top