قد يكون من قبيل الخيال الحديث عن انتخابات رئاسية في لبنان تأتي بها الضربة الأميركية القاضية على "داعش". ولكن من قال إن الخيال ليس مطلوبا للتبصر في ما هو آت على المنطقة عموما ولبنان خصوصا؟
بالطبع لم يستشر الرئيس الاميركي باراك اوباما قارئي الفنجان في واشنطن عندما أطل بخطته الرباعية الاخيرة. وعليه فإن قراءة هذه الخطة تفيد بأن ثمن رأس "داعش" وخليفته البغدادي سيكون رؤوسا كثيرة ستسقط ليس بأسلوب "الدولة الإسلامية" بل بأسلوب العقل.
وفي موجز ما قاله أوباما أن خطته للقضاء على "داعش" لم تكن لتنطلق لولا تغيير الحكومة العراقية، أي الإطاحة برأس رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي. كما في هذا الموجز أن العملية الاميركية لن تتكل على نظام الاسد "الذي يرهّب شعبه... ولن يستعيد الشرعية التي فقدها" أي بعبارة أخرى أن رأس الأسد سيكون عاجلا أم آجلا على طاولة مماثلة لما جرى من تغيير في العراق. وفي السياق ماذا يمنع أن تكون هناك فقرة غير مكتوبة في خطة أوباما تعيد الى لبنان رأسه؟
من دون أوهام، يمكن القول إن مرحلة جديدة بدأت في تاريخ المنطقة وبينها لبنان. فالجيش اللبناني الذي دفع ضريبة الدم في معارك عرسال الأخيرة سيكون في موقع الجاني لثمار الخطة الأميركية التي ستقترب من حدوده ذات يوم. ومن دون أوهام ايضا، سيكون "حزب الله" مثله مثل حليفه نظام بشار الاسد، ولن يُسمح له أن يحصد هزيمة "داعش" لا في سوريا ولا في لبنان. رب سائل، وله الحق في السؤال، من يردع هذا الحزب أو أمثاله عن الاستفادة من خيرات العم سام التي سيجود بها من السماء؟ الجواب هو في السؤال نفسه الذي يشير الى أن الصاروخ الاميركي لن يكون "في منتهى الذكاء" فيضرب "داعش" ويغض النظر عن "حزب الله". فهو مبرمج ليضرب في كل اتجاه غير اتجاه المعارضة السورية التي ستعيد الى الثورة السورية وجهها الحقيقي بعدما بذل النظام السوري وداعموه كل ما أوتوا كي يعلو رايات "داعش" ويخفضوا رايات "الجيش الحر".
ليس وظيفة هذا المقال أن يتمرجل بالنيابة عن الولايات المتحدة الأميركية التي أعادت "الرجولة" الى الكثير من الكيانات المخصية في هذه المنطقة والتي لا تتمرجل إلا على شعوبها الغلبانة، بل أن وظيفة كل من لديه شيء من التبصر أن يدعو من بأيديهم زمام الشرعية في لبنان تحديدا كي يقدموا على إعادة الامور الى نصابها فيفرضوا مشيئة القانون بدل مشيئة الفوضى والتسلط. ولتكن البداية من على الحدود بين لبنان وسوريا التي ستكون مكان الاختبار الجدي. فهذه المرة يجب أن يبدأ لبنان، بعد حين، تنسيقا مع المعارضة السورية التي سيكون بيدها مستقبل سوريا، ومن خلال هذا التنسيق سينطلق الحل لقضية اللاجئين السوريين وتوفير الأمن على جانبيّ الحدود لا سيما في عرسال، ولتبريد الرؤوس الحامية التي ستشاهد بأم عينها ما سيحل برأس "داعش" ومثيلها في النظام السوري فتبدأ بالتفكير جديا في رأس لبناني مستقل يأخذ مكانه في قصر بعبدا.
أحمد عياش - النهار 13\9\2014
إرسال تعليق