0
برغم رفضه التمديد، لا يعمل التيار الوطني الحر كأن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها. لن يكون ذلك، في كل الأحوال، أمراً محزناً لبعض النواب العونيين المهدّدين بخسارة مقاعدهم... بقرار من الجنرال.

تمسك النائبة جيلبيرت زوين بيد زميلها نعمة الله أبي نصر الذي يمسك بدوره بيد النائب يوسف خليل وفريد الياس الخازن. يشدّ النائب إبراهيم كنعان على يد زوين الثانية ويبتسم للنائبين عباس هاشم ونبيل نقولا المصطفين بجانبه. يخرج النائبان غسان مخيبر ووليد الخوري من وراء الستارة ويتجهان نحو زملائهما، فيكتمل حضور الطاقم النيابي على المسرح قبالة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون.

سعاداتهم في «دائرة الخطر» بعدما تناهى إلى مسامعهم أخيراً تلميح الجنرال أمام مقربين منه إلى الكلام نفسه الذي أسمعهم إياه عشية التمديد لولايتهم: «يمكن النائب الترشح ثلاث دورات متتالية فقط، وعليه بعدها أن يتيح الفرصة أمام غيره من المرشحين». وحده تمديد ثانٍ ينقذهم، فعون كان واضحاً في قوله إن «التمديد بمثابة دورة نيابية». أما الحديث عن إجراء الانتخابات النيابية في موعدها (أي بعد أقل من شهرين)، فليس مدعاة سرور لهم بالتأكيد، إذ عندها ستسدل الرابية ستارتها عليهم وسط تصفيق وضحكات كثيرين.
 
هكذا، وفي حال نفذّ عون ما نُقل عنه، يُفترض بالطاقم النيابي العوني في كسروان مثلاً أن يتغير بمن فيهم الجنرال نفسه (!): نواب القضاء الخمسة يشغلون مقاعدهم منذ عام 2005 باستثناء أبي نصر الذي نجح في دورة عام 2000. أما في المتن الشمالي، فقد سهّل النائبان ادغار معلوف وسليم سلهب على جنرال الرابية مهمته، إذ أعلنا عدم رغبتهما في الترشح مجدداً، ليبقى ثلاثة من نواب القضاء في دائرة خطر الاستبعاد القسري: ابراهيم كنعان ونبيل نقولا وغسان مخيبر (نائب منذ العام 2000).

وتقول مصادر الرابية إن «عون بدأ منذ نحو عام التلميح لنواب المتن باحتمال التخلّي عنهم، سواء من خلال الرسائل المباشرة أو من خلال دعم بعض المرشحين المنافسين لهم على المقعد نفسه». ومهما يكن من أمر، يلفت النائب نبيل نقولا الى أن التيار سيقدّم طلبات ترشيحه قريبا، وبالنسبة اليه «لن يتغير شيء سواء كنت مرشحا أم لا. أنا مستعدّ لكل الاحتمالات»، مؤكداً ثقته «بانجازاتي التي حققتها، والتي تشجعني على المضي في العمل النيابي والتشريعي كل يوم».
 
في قضاء جبيل، يبدو النائب سيمون أبي رميا في أفضل أحواله؛ فهو، على عكس زميليه هاشم وخوري، لم يتجاوز المدة التي حدّدها عون بثلاث دورات. يؤكد أبي رميا لـ «الأخبار» أنه «على أتمّ الجاهزية لخوض المعركة ولو جرت غدا»، فضلا عن كونه بدأ الإعداد للانتخابات «منذ 8 حزيران 2009: لا تنفع الاستفاقة قبل أسبوع أو شهر أو شهرين، بل يجري ذلك تدريجيا وعلى شكل يومي من خلال الخدمات والمشاريع الانمائية والقوانين كي يتسنى للناخبين محاسبتنا عند انتهاء ولايتنا».
 
وحدهم نواب قضاء بعبدا العونيون ينامون اليوم على حرير. فهم بدأوا ولايتهم النيابية الأولى عام 2009. برغم ذلك، يشدد النائب آلان عون في مجالسه على «ضرورة خرق الملل والجمود في الحياة السياسية واعادة الحماسة الى الأقضية، فضلا عن اتاحة الفرصة أمام الشباب الطامح إلى الترشح»، فيما يلفت النائب ناجي غاريوس الى انعدام وجود خصم حقيقي في بعبدا «لأننا شاغلون الأرض عالآخر، وجاهزون للمعركة في أي وقت». وكما في بعبدا كذلك في جزين، لناحية وضع النائب زياد اسود ونشاطه وسط الناخبين، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة تبني مرشح آخر مكان النائب الراحل ميشال حلو، وثالث ينوب عن النائب عصام صوايا المهاجر منذ لحظة انتخابه.
 
لا شيء يوحي اليوم بأن الاستحقاق قريب، رغم طلب عون من الراغبين في الترشح للانتخابات النيابية التقدم بأوراق ترشّحهم إلى وزارة الداخلية، وفقا لإذاعة «صوت المدى». اذ يبدو النواب والمرشحون أبعد ما يكونون عما كانوا عليه العام الماضي قبيل موعد الانتخابات النيابية: لا ماكينات أدارت محركاتها في المناطق والأقضية، ولا مندوبين يجوبون على المنازل، ولا حملات انتخابية، ولا مفاتيح انتخابية تعدّ لوائحها، ولا التيار طلب من ناخبيه التحقق من قانونية بطاقاتهم. حتى الساعة، الانتخابات النيابية مؤجلة حكماً. يقول مسؤول الماكينة الانتخابية في التيار الوطني الحر، منصور فاضل، إن أحداً لم يطلب منه «الإسراع في العمل على نحو غير اعتيادي»، إلا أنه يعمل منذ بداية العام على «تدريب نحو 120 كادراً حزبياً على مهارات تنظيم الحملات الانتخابية، الأمر الذي يسهل علينا خوض أي استحقاق قريب». ويشير فاضل إلى اعتماده في مختلف الدراسات والأبحاث على «لوائح الشطب القديمة ونتائج انتخابات عام 2009 بسبب عدم إقرار قانون انتخابي جديد، علماً أنه قبيل أي استحقاق جدّي يجري التحضير قبل عام على الأقل في العادة».
 
وعلى صعيد مراكز الدراسات والأبحاث واستطلاعات الرأي، يلفت الخبراء الى غياب الطلب على أي دراسة أو استطلاعات للرأي. وينفي مدير مركز الاحصاء والتوثيق كمال فغالي أن يكون قد تلقى أي طلب من أي حزب كان، مؤكدا أن «الأحزاب لا تعمل جديا على الأرض كما لو أن الانتخابات جارية»، فيما يؤكد أحد الخبراء الانتخابيين أن «الجاهزية غير موجودة والامكانات غير متوافرة، فضلا عن أن شهرين غير كافيين لخوض معركة انتخابية لعدة أسباب، أبرزها المسح التفصيلي لكل بلدة على حدة، فضلا عن الاتصال بالمغتربين واستمالتهم وتأمين الحجوزات لهم».
 
في المحصلة، لا يبدو التيار الوطني الحر، الرافض للتمديد، كمن يستعد للاستحقاق النيابي. هذا يعني أخباراً سارة لبعض النواب «النومينيه»، الا أنه حتماً ليس مفرحاً لبعض المرشحين مثل الوزير السابق نقولا صحناوي والقيادي زياد عبس. يعمل الثنائي الشاب منذ أربعة أعوام بنشاط استثنائي في الأشرفية، على أمل ترجمته يوما ما في صناديق الاقتراع. لم ييأسا من الاستحقاقات المؤجلة والعمل الخدماتي الاجتماعي الحزبي اليومي من دون مردود، ولو معنويا، لكنهما لا يلبثان يرددان: « ايه في أمل».

رلى ابراهيم - الاخبار 11\9\2014

إرسال تعليق

 
Top