0
استضاف مبنى الكونغرس الاميركي، في احدى قاعاته، بطاركة الشرق الذين يعقدون مؤتمرهم في العاصمة الاميركية واشنطن دعما لمسيحيي الشرق، بدعوة من جمعية حماية المسيحيين في الشرق IDC، واستمع الحاضرون الى عدد من اعضاء الكونغرس الاميركي عن نظرتهم لما يحصل مع المسيحيين في الشرق من قتل وتهجير على يد المنظمات الارهابية.

حضر اللقاء وفد من كتلة المستقبل النيابية ضم النائبان جان اوغاسبيان وعاطف مجدلاني والمستشار السياسي للرئيس سعد الحريري الدكتور غطاس خوري، النائب جوزف المعلوف ممثلا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، رئيس مجمع كنائس الشرق الكاردينال ليوناردو رئيس اساقفة واشنطن دونالد وارل ساندري، امين عام مجلس البطاركة الكاثوليك في العالم المونسينيور خليل علوان، الاباتي ايلي هاني، وفد المؤسسة المارونية للانتشار ضم شارل الحاج، نعمة افرام، فادي رومانوس وهيام البستاني، وفد الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ضم روجيه هاني، توفيق بعقليني، فيكتوريا عبدالمسيح، السفير جيلبير شاغوري، عضو مجلس امناء المؤسسة البطريركية المارونية العالمية للانماء الشامل انطوان ازعور، وفد الرابطة المارونية برئاسة ندى عبد الساتر، رئيس المركز اللبناني للمعلومات في واشنطن الدكتور جوزف جبيلي وحشد من ابناء الطوائف المسيحية في بلاد الاغتراب.

اعضاء الكونغرس
بعد كلمة ترحيبية توالى على الكلام عدد من اعضاء الكونغرس الاميركي الذين اجمعوا على التاكيد "ان تنظيم داعش والمنظمات الارهابية يشكلون خطرا كبيرا على الشرق بأجمله وخصوصا على المسيحيين"، وابدوا تخوفهم من وصول داعش الى الاردن والى بلدان اخرى في المنطقة. ودعواالى ضرورة التحرك بسرعة لمكافحة الارهاب وحماية الحريات، كاشفين الى انه سيصار التحضير لوضع مشروع قانون في الكونغرس يتناول حماية الاقليات الدينية في الشرق الاوسط".

وتطرق المتحدثون الى المآسي التي شهدها الشرق الاوسط في الاشهر الماضية لا سيما الاقليات من قتل وتهجير. وشددوا على اهمية دعم المسيحيين في المنطقة، معتبرين ان ما قام به تنظيم داعش في سوريا والعراق أمر محزن ويجب التصدي له ولا يجوز ان يبقى الوضع على ما هو عليه، مستغربين سكوت المجتمع الدولي ازاء ما يحصل، وطالبوا بتدخل عسكري لضرب هذه المنظمات الارهابية والوحشية التي يتصرف بها تنظيم داعش، داعين المجتمع الدولي الى التحرك سريعا قبل فوات الاوان وتفاقم الوضع.

وشدد الجميع على ضرورة عودة المهجرين الى ديارهم والحفاظ على حياتهم وكرامتهم، لافتين الى "ان المسيحيين يتعرضون للخطر في الشرق الاوسط فيما المجتمع الدولي لا يتحرك، مشيرين الى ان لغة الحرب والحقد غلبت على لغة التسامح التي هي لغة المسيحيين".

الراعي
وألقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي كلمة، دعا فيها الدول العربية الى التحرك قبل غيرها تجاه المآسي التي يتعرض لها المسيحيون في الشرق، كما دعا المجتمع الدولي الى التحرك سريعا لوقف المجازر التي ترتكب في حق المسيحيين.

وقال الراعي: "ان اضطهاد المسيحيين في العالم اليوم حقيقة موثقة، وقد قال البابا فرنسيس مؤخرا انه في تاريخ المسيحية لم يكن المسيحيون مضطهدين مثل اليوم، كلنا نعلم كيف ان المسيحيين والايزيديين وغيرهم في الموصل وسهل نينوى اضطهدوا من قبل داعش واضطروا الى ترك بيوتهم، أخذوا لهم أموالهم ومجوهراتهم وأوراقهم الثبوتية، ورأينا صور النساء والعجزة والصغار بلا طعام ولا شراب ولا مأوى".

وأشار الراعي الى ان هذا الوضع مؤلم لكن ما يجعله مؤلما اكثر هو سكوت العالم، شاكرا الولايات المتحدة واوروبا على مساعدتهما ودعمهما"، وقال: "أتوقع من الدول العربية المعنية التدخل مباشرة قبل اي دولة أخرى".

وطالب الراعي المجتمع الدولي باتخاذ الاجراءات التي تهدف الى:
1- تحرير القرى المحتلة من قبل الدولة الاسلامية في سوريا والعراق.
2- تسهيل عودة النازحين الى قراهم وبيوتهم في الموصل وسهل نينوى.
3- ايجاد منطقة آمنة وضمان سلامة هؤلاء الناس بالتنسيق مع الحكومة العراقية والكردستانية، لوقف تهجيرهم مجددا والحؤول دون خسارة التراث الثقافي والغاء وجود المسيحيين من التاريخ.
4- دعوة المجتمع الدولي للبحث عن الدول التي تدعم الحركة الارهابية ان كان على صعيد تدريبهم او اعطائهم المال ومنع المدارس والجوامع من نشر الفكر "الجهادي".

وختاما شدد الراعي على ضرورة اتخاذ اجراءات عاجلة، "فالتهديد يطال اليوم سوريا والعراق وغدا واشنطن ولندن وباريس".

مذكرة
من جهة ثانية، تقدم ابناء الجاليات المسيحية في الولايات الاميركية بمذكرة الى اعضاء الكونغرس تحثهم على وضع قانون للتحرك السريع لمواجهة المنظمات الارهابية والوقوف مع الاقليات المسيحية التي هي همزة وصل بين الشرق والغرب، فهم الذين بنوا هذا الشرق اقتصاديا واجتماعيا ودعوا الى السلام لا الى العنف. وأكدوا على تخصيص جزء من المساعدات التي تقدمهاالولايات المتحدة الاميركية الى الدول العربية لهذه الاقليات المسيحية.


وشددت الجاليات في المذكرة على ضرورة عودة الذين هجروا من ارضهم بالقوة والعنف الى ديارهم بكرامة وممارسة شعائرهم الدينية وبناء اماكن العبادة التي هدمت من قبل التنظيمات الارهابية.

المعلوف
من جهته، اعتبر ممثل جعجع في المؤتمر النائب المعلوف "ان المؤتمر بحد ذاته هو حدث فريد من نوعه. فهي المرة الاولى التي يعقد فيها مؤتمر لحماية المسيحيين يجمع العدد الكبير من البطاركة المشرقيين، في واشنطن، للتلاقي بشكل عام مع الانتشار اللبناني، اضافة الى عدد من المشاركين من الانتشار العربي الموجود، والتواصل مع عدد من السياسيين في الكونغرس الاميركي الذين لهم تاثير بشكل عام على السياسات العامة. فالدعم يمكن ان يقدم من قبل الولايات المتحدة ودول اخرى لها علاقة في الملف المتعلق بالظاهرة التكفيرية التي تدعى "داعش"، وبالتأكيد لادراك ووعي ما يواجهه المسيحيون اليوم في المنطقة، وليس بالضرورة كفكرة اقليات، رغم ان وجود المسيحيين جغرافيا يعتبر من الاقليات في بعض الدول، ولوعي ما يعاني منه المسيحيون تحت غطاء التنظيم التكفيري او الانظمة الاخرى في المنطقة".


وأكد المعلوف "ان المسيحيين ليسوا اقليات على صعيد الشرق، بل هم شركاء اساسيون عبر التاريخ في بناء هذه المنطقة وفي النهضة العربية ككل وسنبقى شركاء في المستقبل". وقال: "ان مشاركتنا كقوات لبنانية في هذا المؤتمر هي للتأكيد ان للمسيحيين دورا فاعلا كشركاء"، مشددا على "ضرورة حماية الاقليات الموجودة في المنطقة والتأكيد ان المسيحيين هم شركاء اساسيون في المستقبل، ونصر ونؤكد على ذلك، وهذا الامر يتلاقى مع طموحات الكثيرين من اخواننا المسلمين، أكانوا شيعة او سنة، الذين يعرفون قيمة الشراكة المسيحية في المنطقة".

ووصف معلوف اللقاءات التي حصلت مع المسؤولين في الكونغرس الاميركي بالجيدة والايجابية، املا ان يعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما بعض النقاط الاساسية التي تدعو الى التلاقي والتحالف بين الغرب والشرق لمواجهة ظاهرة الارهاب ولايجاد الحلول للمنطقة العربية بما فيها القضية الفلسطينية المرتبطة بشكل مباشر وغير مباشر بهذه الظاهرة التكفيرية القائمة حاليا".


رومانوس
من جهته، وصف عضو المؤسسة المارونية للانتشار فادي رومانوس المناقشات الجارية في المؤتمر واهداف انعقاده بالجيدة جدا، متوقعا ان تكون لمقرراته آذان صاغية لدى المسؤولين في الادارة الاميركية لوقف آلة الاجرام التي ترتكبها المنظمات الارهابية في حق المسيحيين في الشرق.

وأشاد رومانوس بالجهود التي يبذلها البطريرك الراعي من اجل حماية المسيحيين في كل العالم وخصوصا في العراق ومصر وسوريا.

الاشقر
وأشار القيادي في التيار "الوطني الحر" وليد الاشقر الى ان "موضوع المؤتمر يعنينا كمسيحيين في لبنان بشكل خاص وفي الشرق بشكل عام"، وقال: "يجب عدم السكوت عما يحصل اليوم في المنطقة وعلينا ايصال رسالة قوية واضحة الى الادارة الاميركية بوجوب عدم التغاضي عما يتعرض له المسيحيون في هذه الايام في بلدان الشرق من تهجير وقتل على يد التنظيمات الارهابية".

واضاف: "في الماضي، اعتبرت الادارة الاميركية ان تنظيم داعش هو ضد النظام السوري وعلى هذا الاساس ربما دعمتها بشكل غير مباشر، اما اليوم فنحن نطالب الادارة الاميركية بموقف واضح ضد هذه الهجمة البربرية التي يتعرض لها ليس فقط المسيحيون بل ايضا المسلمون المعتدلون، ويجب ان يكون هناك موقف دولي واضح داعم لحق هذه الشعوب في المنطقة لتبقى في ارضها".

عشاء
ومساء، اقيم حفل عشاء في الفندق على شرف البطاركة والمشاركين في المؤتمر، شارك فيه مساعد وزير الخارجية الاميركي لورن سلفرمان وعدد من اعضاء الكونغرس الاميركي، النواب: جوزف المعلوف، عاطف مجدلاني وجاك اوغاسبيان، مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري والمستشار السياسي له النائب السابق غطاس خوري، الوزير الاميركي السابق من اصل لبناني راي لحود، سفير لبنان في واشنطن انطوان شديد واركان السفارة، السفيرة الاميركية السابقة في لبنان مورا كونيللي، مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، رئيس مجلس القضاء الاعلامي جان فهد، رئيس منتدى الحوار الوطني فؤاد مخزومي، رجل الاعمال اللبناني المصرفي انطوان الصحناوي وحشد من الفاعليات ومدعوون.

شاغوري
بداية النشيد الوطني الاميركي الى صلاة الافتتاح ثم عرض فيلم وثائقي عن اوضاع المسيحيين في الشرق.


بعده القى السفير جيلبير شاغوري كلمة قال فيها: " نحن هنا اليوم لمناقشة العنف ضد المسيحيين في العالم وخصوصا في الشرق الاوسط"، مشيرا الى "ان اخوتنا في الاسلام يخشون التطرف مثلنا نحن المسيحيين"، داعيا المسلمين الى اتخاذ اجراء سريع والمساعدة في وقف تدفق السلاح الى هؤلاء المجرمين".

ودعا الغرب الى عدم التردد او الخوف من حماية المسيحيين، مؤكدا ان المسيحيين يجب ان يعيشوا في الشرق الاوسط.

الراعي
وللمناسبة، القى البطريرك الراعي كلمة اكد فيها ان المسيحيين يلعبون دورا ايجابيا في مجتمعنا العربي، مشددا على اهمية الوحدة في لبنان وقال: "انه لشرف كبير لي ان اكون معكم للدفاع عن المسيحيين، اود ان اعبر عن شكري وتقديري للجنة المنظمة لهذا الحدث العظيم".

اضاف: "ان الازمات الخطيرة والمؤلمة التي يعيشها مسيحيو الشرق خصوصا في العراق وسوريا هي التي جمعتنا هنا في هذه القمة للدفاع والحفاظ على المسيحيين ولخلق اجواء من شأنها ان تعزز السلام والانسجام بين كل الاديان والمجموعات العرقية التي مر دهور على وجودها في اراضي الشرق".

وأشار الى انه في كثير من المناسبات "اوضحنا موقفنا الى العالم العربي والاسلامي والمجتمع الدولي والاتحاد الاوروبي والتي باختصار تدعو الى ما يلي:

اولا: وقف انتشار الفكر التكفيري على الصعيد السياسي والديني، فهذا الفكر يرفض التنوع وتعددية المؤسسات السياسية وحرية الرأي والدين.

ثانيا: القضاء على كل المنظمات الارهابية في الشرق الاوسط لكي يستطيع كل مسيحي، تهجر من بلده تحت التهديد بالاعدام الجماعي، ان يعود اليها بسلام.

ثالثا: وضع خطة شاملة ومنصفة للاصلاح المالي التي تسمح للمسيحيين اعادة بناء حياتهم التي تدمرت على ايدي الارهاب.

اضاف: "كما نصر على الاعتراف بحقوق وكرامة المسيحيين، الذين وجدوا منذ ما قبل الاسلام في الشرق الاوسط بشكل كامل، بلا شروط من خلال وجودهم في بلاد الشرق منذ الاف السنين، فالمسيحيون خلقوا اجواء من التسامح والقبول بالاخر غير المشروط. وسياستهم العالمية لطالما دعمت الحرية والتنوع والديموقراطية والحرية الدينية".

وأعلن انه "في اعقاب الفتوحات العربية والاسلامية لم يعزل المسيحيون في الشرق الاوسط انفسهم من الواقع المحيط بهم ومن السياسات الجديدة، بل قبلوا التحدي وشاركوا بفعالية في عملية تكوين حضارة جديدة تعزز الاعتدال والابداع العلمي وتضمن المساواة تحت سقف القانون لكل سكان الشرق الاوسط". وقال: "ليس خفيا على احد ان المسيحيين في الشرق الاوسط قد لعبوا دورا فاعلا في نهضة العصر الذهبي للحضارة العربية والاسلامية".

اضاف: "دعونا في هذا المؤتمر نشدد على اهمية الوجود المسيحي في الشرق الاوسط والعالم العربي، والسبب ان وجوده في غاية الاهمية. فالمسيحيون يلعبون دورا هاما في تأمين الاعتدال السياسي والتوسع الحضاري، حتى ان المسلمين المعتدلين والمتحضرين يعترفون بأهمية الوجود المسيحي في بلادهم ومقتنعون بهذه الحقيقة".

واكد ان "عدم وجود المسيحيون وقيمهم في الشرق الاوسط يعني وبوضوح الاتجاه الى خيارات قاتمة ومميتة". وقال: "كلنا نعرف ما هي هذه البدائل التي نراها اليوم في المناخ السياسي والاجتماعي في الشرق الاوسط. ديكتاتورية مقنعة بايديولوجيات علمانية او الدولة الاسلامية التي تديرها داعش وغيرها. فالدكتاتورية والدولة الاسلامية يتشاركان الوحشية بشكل متساو".

ورأى ان "اساس المشكلة في انظمة السياسات العربية هي انها لا تفرق بين الدولة والدين، ديانة الدولة هي الاسلام في كل الدول العربية ما عدا لبنان، الدولة السورية ليس لها دين، لكن ديانة رئيس سوريا هي الاسلام، ولا داعي كي نذكرهم اليوم باهمية التفرقة بين الدولة والدين من اجل ممارسات ديموقراطية فعالة، يكفيني القول ان هذه السياسة في دول الغرب قد أمنت الحرية والاعتدال والديموقراطية".

واشار الى ان "الربيع العربي جاء بنسمة هواء نقي محملة بالامل وبفجر جديد بعيد عن الدكتاتورية، ولكن للاسف لم تتأخر الانظمة الدكتاتورية القديمة وحركات الاسلام المتطرفة عن اطفاء آمال الملايين من العرب الذين كانوا يتوقون للديموقراطية والاصلاح الاقتصادي والنظام الاجتماعي العادل".

وقال: "ان الاحداث الاخيرة في كل من العراق وسوريا ولبنان وغيرها من البلدان يجب ان تذكرنا انه لن يكون هناك ربيع عربي في غياب المثل العليا للديموقراطية والاعتدال، اضافة الى الاعتدال الاقتصادي التي يمثله المسيحيون في الشرق الاوسط".

واكد "ان الظروف الوجودية التي تواجهها المجتمعات المسيحية في الشرق الاوسط تعطينا العزم، نحن البطاركة الكاثوليك والاورثوذكس والقادة الانجيليين للكنائس الشرقية، ان نتكلم بصوت واحد وقلب واحد وثقافة واحدة عن المشاكل الروحية والاجتماعية والوطنية التي يعانيها مسيحيو الشرق، يجب ان نعمل معا لتقوية الوحدة المسيحية ليصبحوا شركاء في بناء الوطن، ولطلب دعم الجميع لاخوانهم المسيحيين في الشرق الاوسط".

وختم الراعي كلمته، مشددا على اهمية الحفاظ على وحدة اللبنانيين وعيشهم المشترك، ليس لنا فقط بل لكل المنطقة وخصوصا في هذا الوقت المحدد من التاريخ".

يونان
ثم القى البطريرك يوسف الثالث يونان كلمة شكر فيها منظمي هذا المؤتمر، منوها بهدفهم في عرض الوضع الخطير للمسيحيين في الشرق الاوسط.


وقال: "أود أولا أن ألفت الانتباه الى أن المسيحيين ليسوا وحدهم من هم بحاجة للحماية، انما الاقليات الاخرى في الشرق الاوسط يحتاجون لذلك أيضا، جميعهم بحاجة لاتخاذ اجراءات جذرية لحمايتهم، غير أن المسيحيين استهدفوا أكثر من غيرهم لانهم أتهموا بأنهم "الطابور الخامس"، وأنهم متحالفون مع البلدان الغربية المستعمرة، حتى أنهم اتهموا بأنهم متحدرون من "الصليبيين" .....!

اضاف: "جميعنا سمعنا بالغزو الوحشي الذي حصل قبل ثلاثة أشهر في "الموصل"، ثاني أكبر مدينة في العراق، ومحاولة الإبادة الجماعية البشعة التي تعرض لها المسيحيون والايزيديين والشيعة في سهل "نينوى"، حيث كانت مجموعات كبيرة تقطن في جبل "سنجار" واتخذت الاقلية الايزيدية ملجأ لها لقرون طويلة، كما في مناطق أخرى في شمال العراق".

وتابع: "يؤسفني القول أن هذه الجرائم البربرية اقترفها من يطلقون على أنفسهم اسم "الدولة الاسلامية" بهدف التطهير الديني فقط. وقد تعرض مئات الالوف من الاقليات المسالمة للتهديد وتركوا بيوتهم خوفا على حياتهم. أما أولئك الذين كانت لديهم الشجاعة للبقاء، لم يعطوا سوى خيار اعتناق الاسلام ودفع الجزية أو المغادرة تاركين كل ما يملكونه وراءهم. وقد تعرض العديد من النساء والاطفال للاغتصاب والخطف والبيع كعبيد. نعم، هذا التطهير الديني الرهيب يتم في القرن الواحد والعشرين تحت أعين العالم واللامبالاة الصاعقة للامم للدول المتحضرة. يبدو أن المسيحيين قد تركوا وحدهم عمدا لمواجهة قدرهم المأساوي. وتعالت بعض الاصوات، مثل صوت المفتي لاكثر بلد متخلف بالنسبة لمسألة الحرية الدينية، لتقول لنا: داعش والدولة الاسلامية يقتلون الكثير من المسلمين ويجب أن لا يفعلوا ذلك!".

وأشار الى ان المسيحييين في شمال العراق تعرضوا لاسوأ أنواع الاعمال البربرية، فقط بسبب ديانتهم، وقال: "لم يكن هناك أي ذريعة من أي نوع كانت للتهديد او العدوان ولا أي عمل حربي يمكن للمهاجمين أن يقدموه لتبرير هذا النوع من الاعمال البربرية، الا اطلاق العنف الجهادي الذي يهدف لاستئصال المسيحيين والايزيديين من أرضهم وارهابهم وتدميرهم ..." (فرنسوا بايرو، نائب فرنسي).

ورأى يونان "أننا بحاجة لان نسبر عمق المشكلة". وقال: "لماذا، بحق الله، في زمننا هذا، وفقط في البلدان حيث الاسلام هو دين الاكثرية التي تحكم البلاد تضطهد وتهدد بالموت الشعوب التي تعتنق العقائد الاخرى وتدعو لحرية الدين؟ ببساطة، اننا لا نتكلم عن ارهاب ديني الذي قد يتسبب بالاذى والمعاناة للاقليات كما يعتقد أنه يحدث لبعض المجموعات المهاجرة الى البلدان الغربية. ان ما بين أيدينا هنا اضطهاد سافر هدد وجود هذه الاقليات لمجرد أنها تعتنق ديانة مختلفة عن دين الاكثرية".

وسأل يونان: "أيجدر بنا أم لا، أن ندق ناقوس الخطر ونرفع الصوت عاليا حتى ولو بلغة سياسية غير صحيحة حول سوء التعامل مع مسألة هامة ألا وهي حرية الدين. بعض البلدان حيث أن الاكثرية الدينية ما زالت تدمج بشكل صارم الدين والدولة في حكمها للبلاد، وتتمتع بعضوية كاملة في الامم المتحدة، فيما ترفض مبدأ أساسي وطلب للامم المتحدة لجعل اعضائها يفصلون ما بين الدين والدولة. لماذا ينتابنا العجب مما يدعونه قيام الدولة الاسلامية والخلافة الجديدة التي تمارس الاعمال البربرية باسم الدين الذي يمكن أن يفسر ويمارس بشكل مختلف؟ لنتأمل شعار واهداف وأساليب كل منظمة ثقافية، اجتماعية أو سياسية ترتكز على الاسلام السياسي الذي يمزج الدين والحياة السياسية العامة في المجتمع. على سبيل المثال، فان شعار الاخوية المسلمة وهي منظمة دولية أنشئت عام 1928 يقول: "الله مرادنا، النبي قائدنا، القرآن قانوننا والجهاد طريقنا". هل سألنا أنفسنا يوما مثلا عن تفسيرات كلمة "جهاد" كواحدة من ألاركان الخمسة؟. ان أمسكت هذه المجموعة الدينية الاساسية بزمام السلطة، كما حدث مؤخرا في مصر، هل ستبقى حرية الدين متاحة لاؤلئك الذين يعتنقون ديانات اخرى؟ ومع ذلك فان تلك المجموعة التي اعتنقت الاسلام السياسي، بقيت حتى مؤخرا تلقى دعم الحكومات الغربية بذريعة أنها (مجموعة معتدلة) وعلى أنها المجموعة الوحيدة المتبقية على الساحة السياسية التي تستطيع حشد الجماهير! واننا نعرف الاعداد الكبيرة من أعضاء هذه المنظمة الذين أعطوا اللجوء السياسي في الغرب!".

ورأى "ان الاسلام السياسي أينما جرت ممارسته، لا يميز التفريق ما بين الدين والدولة. وان التفسيرات العديدة التي ينطوي عليها ترجح انه سيعمد الى استخدام كل أنواع العنف باسم الدين. ان ذبح الصحافيين جيمس فوللي وستيفنس ستولف الذي حدث مؤخرا، وذلك الذي جرى قبل 12 عاما لدانيال بيرل، ليس سوى مثلا لكيفية امكان تطور الشريعة الاسلامية الى تصرف بربري".

واكد "ان البلدان الغربية بسيطة لا بل متواطئة في تقبلها لمزج الدين والدولة، كما يحدث في البلاد العربية باستثناء لبنان. وان الغرب بقيامه بهذا، يناقض مبادءه في تأمين حرية الدين لجميع المواطنين".

وقال: "كيف لنا أن نتحدث عن "العالم الاسلامي"، فيما علينا أن نساعد جميع المواطنين من أي دين أو خلفية كانوا ليدافعوا عن مبادىء الكياسة كما ينص عليها ميثاق الولايات المتحدة وميثاق الاتحاد الاوروبي.

اضاف: "اعتقد أن الدول الغربية أضاعت فرصة نادرة عند نهاية فترة الاستعمار قبل 60 عاما، اذ لم تساعد سكان ما يسمونه العالم العربي للدخول في مشروع بناء مجتمعات مرتكزة على المبادىء المدنية التي تدعو لها الامم المتحدة. ان بطاركة الشرق الاوسط ذكروا في اجتماعهم الاخير في بكركي - لبنان قبل بضعة أسابيع أن التفريق بين الدين والدولة هو شرط أساسي لنهوض دولة مدنية".

وأعلن انه "بعد أعمال الشغب التي قام بها أصوليون متطرفون في كردستان في كانون الاول 2011، حيث تم احراق بعض الفنادق ومتاجر الكحول، جمع رئيس تلك المنطقة القادة الدينيين وطلب منهم احترام حرية الناس حتى ولو كان لديهم معتقدات مختلفة. لعل مثل هذه الامثلة يجب أن تستخدم لتعليم كيفية تقبل الآخر والتفريق ما بين معتقداتنا الدينية وأسس المجتمع الذي نحيا فيه".

وقال: "يبدو أن البلدان الصناعية الكبرى لا تهتم للمسيحيين في الشرق الاوسط الذين هم صانعو سلام ومتسامحون ومروجون للاصلاحات الحضارية. يؤسفني القول أن هذه البلدان الاخرى لا تحركها الا ثلاثة عناصر أساسية لا تتضمن مبادىء أخلاقية:
1- الخضوع لصالح الاعداد المتزايدة لامة واحدة يعتقد أنها توحد مئات الملايين باسم الدين.
2- فرصة لاستفادة من نفط البلدان الغنية
3- الخوف من نهوض التطرف الاسلامي

وختم: "ارجوكم صلوا لاخوانكم واخواتكم المسيحيين ليتمكنوا من تحمل هذه المحنة الكبيرة خصوصا في العراق. ساعدوهم ليتمكسوا بمنارة الايمان التي تنير الظلمة وبالامل وليتخطوا اليأس.

كلمات
كما كانت كلمات لكل من المطرانين جوزف زحلاوي وابراهيم ابراهيم تطرقا فيها الى اعمال العنف ضد حقوق الانسان في الشرق.

وفي الختام، تلا رئيس جمعية الدفاع عن المسيحيين في الشرق توفيق بعقليني رسالة موجهة الى المؤتمرين من مبعوث الامم المتحدة لعملية السلام في الشرق الاوسط طوني بلير، اعلن فيها تأييده لاعمال المؤتمر ورفضه كل انواع الاضطهاد، مشددا على ضرورة قمع المنظمات الارهابية. 

11\9\2014


إرسال تعليق

 
Top