0
في عام 1988 نصح الموفد الاميركي آنذاك ريتشارد مورفي اللبنانيين بانتخاب رئيس للجمهورية وعدم ترك الموقع الرئاسي شاغراً، ولو بحكومة انتقالية يرأسها ماروني، ودفع في اتجاه المرشح مخايل ضاهر، داعيا الى تجنب الفوضى التي يسببها شغور الموقع الرئاسي. وقد اوضح لاحقا انه لم يقل " مخايل ضاهر او الفوضى". لكن الواقع ان عدم الاتفاق على مرشح رئاسي، قاد البلاد الى حكومة انتقالية برئاسة العماد ميشال عون، خاضت، وهي مجتزأة ومنقوصة التمثيل، حروبا عبثية ما زلنا نتحمل تبعاتها السيئة الى اليوم، خصوصا على الصعيد المسيحي.
 
اليوم، نجد انفسنا في وضع مشابه. الشغور الرئاسي قائم، والتعديلات الدستورية التي أقصت الماروني عن ملئه، لم تلزم صيغة تقي البلاد شر الفراغ، وتلزم النواب حضور جلسات انتخاب رئيس البلاد، اي القيام بواجبهم تحت طائلة العقاب.
 
اليوم نحن في الفراغ الكلي، وعلى كل المستويات، وعلى رغم كل الكلام على ارادة داخلية للتعطيل، او قدرة محلية على رفض التعطيل وانتخاب رئيس للبلاد، يظلّ الواقع مختلفا عما نحاول اقناع انفسنا به. الارادة خارجية، والقرار دولي اقليمي، وما يقوم به بعض المسؤولين هنا، هو محاولة للفت الانظار اليهم اولا، واتمام واجباتهم ثانيا، وتقديم فروض الطاعة لأصحاب القرار ثالثا.
 
واذ كنا في الزمن السوري، كانت دمشق تلتقط الاشارات، وتفاوض عنا، وتدفع الاثمان، ولو من جيبنا، لتسمي رئيسا للجمهورية يحظى ببعض الرضى العربي اولا، والدولي تاليا. لكننا بعد زوال الوصاية السورية، اصبنا في خلل كبير على مستوى القرار، فعشنا الفراغ بعد الرئيس اميل لحود، ولم نتمكن من انتخاب بديل الا بعد حوادث 7 ايار 2008 التي قادتنا الى الدوحة، المحطة الاساسية الثانية في زمن ما بعد الحرب بعد الطائف.
 
اليوم من يقرر؟ سؤال تصعب الاجابة عنه. لكن الجميع يراهن على حركة اتصالات اميركية ايرانية، تدخل السعودية على خطها، لإتمام صفقة او اكثر في ملفات عالقة في المنطقة. وهذا يعني ان طهران باتت تؤدي الدور السوري في لبنان، وهي اقوى في هذا المجال، اذ لها حليف يمسك بالكثير من مفاصل اللعبة الداخلية.
 
أميركا صاحبة الكلمة الفصل، واذا ما راقبنا شكل الحكومة العراقية الجديدة، والمدة القياسية لنيلها الثقة، والتأييد الدولي السريع لها، واذا ما راقبنا خطة الرئيس باراك اوباما لمحاربة الارهاب المتفشي في المنطقة العربية، ودعوته كل الدول الى المشاركة فيها، لاستنتجنا ان الادارة الاميركية قررت المضي بجد في معالجة بعض الملفات.
 
والمجتمع الدولي الذي وفر الى اليوم حصانة، ومظلة واقية للبنان تمنع انزلاقه الى الفتن والحرب الاهلية مجددا، لن يألو جهدا في حل ازمة الفراغ الرئاسي. من هنا توقعوا ان تقول واشنطن لبيروت " هذا هو رئيسكم المقبل. هلموا الى ساحة النجمة". وهذه المرة لن يكون امكان التسبب بالفوضى قائما.

غسان حجار - النهار 11\9\2014

إرسال تعليق

 
Top