تخوّف كثيرون مما يجري في العراق وربما أكثر مما جرى في غزة وسوريا. ليس لأن الأهوال التي عرفها القطاع على يد آلة الحرب الاسرائيلية بالأمر البسيط، أو لأن نهر الدماء المتدفّق في سوريا هو بالشيء القليل، بل لأن رأئحة تغيير الخرائط في الشرق الأوسط بدأت تتصاعد. وفي هذه الحال "عند تغيير الدول احفظ رأسك" كما يقول المثل المأثور. ربما من باب الصدفة أن يظهر هذا الخطر في الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى. وتحت عنوان "إعادة رسم الخريطة" نشرت مجلة "الإيكونوميست" في عددها الجديد كيف أعادت هذه الحرب تشكيل القارة الأوروبية. فمعاهدة فرساي عام 1919 التي انبثقت من نتائج الحرب كانت واحدة من معاهدات عدة أدّت الى نشوء دول جديدة مما تبقّى من إمبراطوريات.
هذا في أوروبا. أما في الشرق الأوسط الذي لم تكن دوله التي نعرفها اليوم قد أبصرت النور، كانت خريطة قيد الإعداد على يد السيد مارك سايكس المندوب السامي البريطاني لشؤون الشرق الأدنى والسيد جورج بيكو قنصل فرنسا العام السابق في بيروت والذي عيّنته حكومته مندوباً سامياً لمتابعة شؤون الشرق الأدنى ومفاوضة الحكومة البريطانية حول مستقبل البلاد العربية. وعلى يد هذين السيدين وُلدت اتفاقية عام 1916 التي حملت لاحقا اسميهما فصارت تُعرف حتى يومنا هذا باسم "اتفاقية سايكس - بيكو". ومنها دخل لبنان وسوريا في حمى الانتداب الفرنسي فيما دخل العراق وفلسطين في حمى الانتداب البريطاني لتتطور الأمور فتخرج خريطة أخرى بعد الحرب العالمية الثانية التي لها قصة أخرى.
هذا في أوروبا. أما في الشرق الأوسط الذي لم تكن دوله التي نعرفها اليوم قد أبصرت النور، كانت خريطة قيد الإعداد على يد السيد مارك سايكس المندوب السامي البريطاني لشؤون الشرق الأدنى والسيد جورج بيكو قنصل فرنسا العام السابق في بيروت والذي عيّنته حكومته مندوباً سامياً لمتابعة شؤون الشرق الأدنى ومفاوضة الحكومة البريطانية حول مستقبل البلاد العربية. وعلى يد هذين السيدين وُلدت اتفاقية عام 1916 التي حملت لاحقا اسميهما فصارت تُعرف حتى يومنا هذا باسم "اتفاقية سايكس - بيكو". ومنها دخل لبنان وسوريا في حمى الانتداب الفرنسي فيما دخل العراق وفلسطين في حمى الانتداب البريطاني لتتطور الأمور فتخرج خريطة أخرى بعد الحرب العالمية الثانية التي لها قصة أخرى.
بعد مرور قرن ظهَر في أرض العراق تنظيم "داعش" الذي أصبح من عاديات ممارساته أن يحمل أفراده رؤوساً مقطوعة وأن يسيّر قوافل المسيحيين سيراً على الأقدام خارج ديارهم التي استوطنها أجدادهم قبل مئات السنين. وفي المقابل، نجد أن الدولة الإسلامية في إيران تصول في بلاد ما بين النهرين تستعرض عضلاتها وتمنح تابعها "حزب الله" شرف "الشهادة" هناك. وهكذا يرى المرء أن مسرح العراق الذي هو جزء من خريطة السيدين سايكس وبيكو قبل مئة عام أصبح اليوم على طاولة السيدين خامنئي والخليفة الداعشي. أما أين هي القوى العظمى الجديدة منها والقديمة فـ"لا تندهي ما في حدا" كما تقول فيروز. ومن حق المرتابين أن يخشوا من أن يجدوا يوماً أن "داعش" قد نقلت حربها إلى لبنان طالما أن الملعب لهذا التنظيم هو مشترك مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تعتبر منطقة "حزب الله" درّة تاج نفوذها على المتوسط.
إنها خطوة مهمة أن يُطلق الرئيس سعد الحريري مبادرة التضامن مع مسيحيي العراق في هذا التوقيت. ولا مبالغة في القول إن خير من يمثّل الاعتدال الإسلامي في لبنان هو اليوم الحريري. أما إسلام إيران وداعش فعلى ما نرى دماء ورؤوس مقطوعة!
أحمد عياش - النهار 2\8\2014
إرسال تعليق