أخطر ما يقع فيه المسؤولون هو أن يظنّوا أنّ معركة عرسال إنتهت، وأنّ «داعش» إنكفأت، وأنّ «التدابير السنّية الواقية» من عودة الرئيس سعد الحريري إلى إنتخاب المفتي كفيلة بالقضاء على «داعش» و»النصرة» وأخواتهما.
يخشى محللون ومتابعون لما يجري في عرسال أن تكون البلدة مقبلة على جولة جديدة، عاجلاً أم آجلاً. فالطريقة التي جرى فيها القتال هناك، ثم توقّف، لا تطمئن. والجيش نزل إلى البلدة، ولكن بعدما بات 20 عسكرياً رهينة لدى «داعش» و»النصرة»، فيما تدرك الأجهزة الأمنية أنّ هناك خلايا كثيرة في البلدة ومخيمات اللاجئين السوريين، قد تتحرّك في أيّ لحظة، علماً أنّ الجرود المفتوحة على القلمون تبقى خارج السيطرة.
وعندما يؤكد قائد الجيش العماد جان قهوجي أنّ مخطط «داعش» هو التمدُّد نحو عكار فالساحل، ليكون لإمارتها منفذ على البحر، فإنّ هذه المعلومات يجب أن تُؤخذ على محمل الجدّ.
وتالياً، يجدر السؤال: هل يعني وقف القتال أنّ «داعش» تخلّت عن طموحها، أم إنها جرّبت المواجهة الأولى وإختبرت الطريقة التي يتفاعل فيها لبنان الرسمي والجيش والقوى الأمنية مع الحدث، وهل تتأثّر وحدة المؤسسات الأمنية بالضغط المذهبي أم تصمد؟
ثمّة مخاوف من أن تكون «داعش» في صدد الإستعداد لجولة جديدة. وما يثير القلق هو وجود فئات لبنانية، تنادي بمساومة «داعش» و»النصرة» وعدم قيام الجيش بأيّ خطوة «تزعجهما»، حتى في معرض البحث عن سبل لتحرير العسكريين الرهائن.
وهناك أصواتٌ بدأت تنادي بـ»إحترام سيادة» مخيمات اللاجئين السوريين ووقف دهمها والقبض على المشبوهين فيها، بما يشبه الفيتو الأمني الذي يمنع الأمن الرسمي من دخول المخيمات الفلسطينية، منذ نصف قرن.
فـ«داعش» ليست مقطوعة من شجرة. إنها نشأت بدعم قوى إقليمية معروفة. وهذه القوى تزوّدها بالمال والسلاح والمعلومات وتوفّر لها التغطية، بهدف خلق ماكينة قادرة على تفجير الأوضاع في العديد من دول المنطقة وأنظمتها. وليس هناك ما هو أفضل من اللعب على عامل النقمة الدينية الإسلامية في مواجهة ظلم الأنظمة، من العراق إلى سوريا... إلى لبنان المصنّف «نظامه» خاضعاً لـ»حزب الله».
والقوى التي صنعت «داعش» ما زالت في بداية مخطط المواجهة، في لبنان والعراق وسوريا. ولذلك، قد لا تُكتَب الحياة طويلاً للتقاطع المرحلي للمصالح بين السعودية وحلفائها (عرب الإعتدال)، والمحور الإيراني، والذي أثمر في لبنان تأليف الحكومة السلامية وعودة الحريري، وأثمر في العراق تسوية مرحلية تأتي بحيدر العبادي بدلاً من نوري المالكي.
وثمّة مَن يقول إنّ الولايات المتحدة تدرك ذلك، وكذلك إيران. ولهذا السبب تدخّل الأميركيون فقط عندما تجاوزت «داعش» في العراق خطوطها الحمر نحو كردستان، وأما طهران فرضيت بتسوية تتنازل فيها شكلاً لا مضموناً، لعلّها تخفِّف النقمة السنّية. فالعبادي لا يختلف كثيراً عن المالكي.
ومعلوم أنّ عشائر الأنبار هي القوة السنّية الوحيدة القادرة على مواجهة «داعش» هناك. لكنّ العشائر تسكت عن «داعش» على مضض، لأنّ لا بديل تهرب إليه من المالكي.
في الخلاصة، لا مؤشرات حقيقية إلى إنتهاء دور «داعش». ففي سوريا والعراق، المعركة في أوجها. وأما في لبنان، فجولة عرسال هي الأولى عسكرياً بعد تمهيد بحرب عصابات وعمليات إنتحارية. وهناك إعتقاد بأنّ إنفجاراً للوضع قد يقع في أيّ لحظة، ولن ينفع معه التقاطع الظرفي في المصالح بين السعودية وإيران.
فمشروع «داعش» يبدو خلاصة لمشروع «الربيع العربي»، أي لمشروع إيقاع الشرق الأوسط في الحروب الصغيرة اللامتناهية، وإسرائيل هي المستفيد الأكبر. و»داعش» ضرورة لإشعال هذه الحروب وشرذمة المنطقة.
ولذلك، يصعب التصديق أنها سكتت أو حيَّدت نفسها أو تنازلت عن دورها. فالمعركة مستمرّة، جولة تلوَ جولة، من لبنان إلى العراق وما بينهما. وكلّ جولة ستكون أقسى من سابقاتها. والمعنيون الكبار يدركون ذلك، ويجرون الحسابات... وأما الصغار والضعفاء فمصيرهم «في الدقّ» إذا تصرّفوا كصغار أو كهواة!
يخشى محللون ومتابعون لما يجري في عرسال أن تكون البلدة مقبلة على جولة جديدة، عاجلاً أم آجلاً. فالطريقة التي جرى فيها القتال هناك، ثم توقّف، لا تطمئن. والجيش نزل إلى البلدة، ولكن بعدما بات 20 عسكرياً رهينة لدى «داعش» و»النصرة»، فيما تدرك الأجهزة الأمنية أنّ هناك خلايا كثيرة في البلدة ومخيمات اللاجئين السوريين، قد تتحرّك في أيّ لحظة، علماً أنّ الجرود المفتوحة على القلمون تبقى خارج السيطرة.
وعندما يؤكد قائد الجيش العماد جان قهوجي أنّ مخطط «داعش» هو التمدُّد نحو عكار فالساحل، ليكون لإمارتها منفذ على البحر، فإنّ هذه المعلومات يجب أن تُؤخذ على محمل الجدّ.
وتالياً، يجدر السؤال: هل يعني وقف القتال أنّ «داعش» تخلّت عن طموحها، أم إنها جرّبت المواجهة الأولى وإختبرت الطريقة التي يتفاعل فيها لبنان الرسمي والجيش والقوى الأمنية مع الحدث، وهل تتأثّر وحدة المؤسسات الأمنية بالضغط المذهبي أم تصمد؟
ثمّة مخاوف من أن تكون «داعش» في صدد الإستعداد لجولة جديدة. وما يثير القلق هو وجود فئات لبنانية، تنادي بمساومة «داعش» و»النصرة» وعدم قيام الجيش بأيّ خطوة «تزعجهما»، حتى في معرض البحث عن سبل لتحرير العسكريين الرهائن.
وهناك أصواتٌ بدأت تنادي بـ»إحترام سيادة» مخيمات اللاجئين السوريين ووقف دهمها والقبض على المشبوهين فيها، بما يشبه الفيتو الأمني الذي يمنع الأمن الرسمي من دخول المخيمات الفلسطينية، منذ نصف قرن.
فـ«داعش» ليست مقطوعة من شجرة. إنها نشأت بدعم قوى إقليمية معروفة. وهذه القوى تزوّدها بالمال والسلاح والمعلومات وتوفّر لها التغطية، بهدف خلق ماكينة قادرة على تفجير الأوضاع في العديد من دول المنطقة وأنظمتها. وليس هناك ما هو أفضل من اللعب على عامل النقمة الدينية الإسلامية في مواجهة ظلم الأنظمة، من العراق إلى سوريا... إلى لبنان المصنّف «نظامه» خاضعاً لـ»حزب الله».
والقوى التي صنعت «داعش» ما زالت في بداية مخطط المواجهة، في لبنان والعراق وسوريا. ولذلك، قد لا تُكتَب الحياة طويلاً للتقاطع المرحلي للمصالح بين السعودية وحلفائها (عرب الإعتدال)، والمحور الإيراني، والذي أثمر في لبنان تأليف الحكومة السلامية وعودة الحريري، وأثمر في العراق تسوية مرحلية تأتي بحيدر العبادي بدلاً من نوري المالكي.
وثمّة مَن يقول إنّ الولايات المتحدة تدرك ذلك، وكذلك إيران. ولهذا السبب تدخّل الأميركيون فقط عندما تجاوزت «داعش» في العراق خطوطها الحمر نحو كردستان، وأما طهران فرضيت بتسوية تتنازل فيها شكلاً لا مضموناً، لعلّها تخفِّف النقمة السنّية. فالعبادي لا يختلف كثيراً عن المالكي.
ومعلوم أنّ عشائر الأنبار هي القوة السنّية الوحيدة القادرة على مواجهة «داعش» هناك. لكنّ العشائر تسكت عن «داعش» على مضض، لأنّ لا بديل تهرب إليه من المالكي.
في الخلاصة، لا مؤشرات حقيقية إلى إنتهاء دور «داعش». ففي سوريا والعراق، المعركة في أوجها. وأما في لبنان، فجولة عرسال هي الأولى عسكرياً بعد تمهيد بحرب عصابات وعمليات إنتحارية. وهناك إعتقاد بأنّ إنفجاراً للوضع قد يقع في أيّ لحظة، ولن ينفع معه التقاطع الظرفي في المصالح بين السعودية وإيران.
فمشروع «داعش» يبدو خلاصة لمشروع «الربيع العربي»، أي لمشروع إيقاع الشرق الأوسط في الحروب الصغيرة اللامتناهية، وإسرائيل هي المستفيد الأكبر. و»داعش» ضرورة لإشعال هذه الحروب وشرذمة المنطقة.
ولذلك، يصعب التصديق أنها سكتت أو حيَّدت نفسها أو تنازلت عن دورها. فالمعركة مستمرّة، جولة تلوَ جولة، من لبنان إلى العراق وما بينهما. وكلّ جولة ستكون أقسى من سابقاتها. والمعنيون الكبار يدركون ذلك، ويجرون الحسابات... وأما الصغار والضعفاء فمصيرهم «في الدقّ» إذا تصرّفوا كصغار أو كهواة!
طوني عيسى - الجمهورية 18\8\2014
إرسال تعليق