نحن أمام حالة فريدة تتمحور فيها مواقف الدول والأحزاب والعشائر حول تنظيم داعش؛ فقد صار سببا لجمع عدد من الخصوم، خوفا منه اتفقت معظم القوى العراقية، من شيعية وسنية وكردية، على التصالح. كما سرع داعش بخروج العاصي نوري المالكي من رئاسة الحكومة، وأعاد معظم معارضي السنة إلى بغداد للتعاون، وتصالحت حكومة كردستان مع حكومة بغداد، وأعادت لها حقلي نفط منهية القطيعة. حتى الرئيس الأميركي باراك أوباما حنث بيمينه عندما تعهد بأنه لن يحارب في العراق منذ خروج قواته، وشرع في إطلاق النار. كذلك، باعت إيران المالكي، وقبلت السعودية بالبديل حيدر العبادي. يا لها من قصة غير عادية، وعلى البقية أن يفهموها جيدا. الحكمة منها أنه لا مكان لداعش ولا مجال للعب بورقة داعش.
وحوله تشاحنت أمس زعامات في محافظة الأنبار السنية في العراق. عشائر أعلنت أنه بخروج نوري المالكي من رئاسة الوزراء أصبحت مستعدة الآن للتعاون مع الحكومة على قتال التنظيم الإرهابي الذي يهددها جميعا. وعشائر أعلنت أمس أنها ترفض مقاتلة التنظيم وتهدد باستخدامه إلى أن تتحقق مطالبها.
الطريق للتخلص من التنظيم طويل ومحفوف بالمخاطر؛ ففي الوقت الذي اتفق فيه خصوم داعش على طرح خلافاتهم جانبا من أجل محاربته، فإن التنظيم لا يقل ذكاء وقدرة على اللعب السياسي؛ فهو بدوره يريد استخدام الخلافات بين العشائر السنية، ويستغل بعضها ضد البعض في الأنبار ونينوى. وهناك من بين حكومات المنطقة من تظن أنها من الذكاء فتستمر بتمويل داعش لتهديد ليس فقط العراق، بل السعودية كذلك! وكانت قد قامت في السابق باستخدام العشائر المنتفضة غطاء لنشر وجود التنظيم في المحافظة، وتمكينه من تجنيد أكبر عدد من أولادها الغاضبين، ليتم استخدامهم لأهداف مختلفة لاحقا.
الآن، التنظيم الإرهابي يمثل قوة خطيرة في أجزاء متفرقة من العراق، صار يملك نفطا وقمحا، بعد استيلائه على الصوامع الحكومية. وبات يملك سلاحا متطورا وهائلا بعد استيلائه على مخازن الجيش العراقي. وصار قادرا على إدارة مناطق واسعة بفضل تكاثر عدد الملتحقين به، والأموال التي استولى عليها. ويذكر موقع المصدر أن داعش استخدم الابتزاز لفرض ضرائب: «وفق معطيات الهيئة الأميركية للعلاقات الدولية، من رجال الأعمال في الموصل قبل أن تسقط المدينة في قبضته حتى وكانت تصل قيمة تلك الضرائب إلى 8 ملايين دولار شهريا». وهو الآن يملك خزينة كبيرة من مبيعات البترول ونهب الأموال العامة.
داعش، العدو المشترك، صار خطا أحمر، بغض النظر عن الخلافات والأهداف التي يسعى لها كل طرف في هذه اللعبة.
عبد الرحمن الراشد - الشرق الأوسط 16\8\2014
إرسال تعليق