كأن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية لم تكن. في الجلسة العاشرة، بالكاد تذكّر النواب الـ53 الذين حضروا إلى المجلس لماذا حضروا. ولأن رئيس المجلس يعرف أن الحلول ليست قريبة، لم يشأ تحديد موعد قريب للجلسة المقبلة، إنما قذفها إلى الثاني من أيلول المقبل. كان رئيس حزب «القوات» سمير جعجع على حق عندما قال إن كل الملفات من العراق وصولاً إلى تصحيح الامتحانات يتم التعامل معها على أنها أكثر أهمية من مسألة انتخاب الرئيس.
بالرغم من أن عدد النواب يتضاءل جلسة بعد أخرى انطلاقاً من أن التسوية لم تنضج بعد، إلا ان عيون الصحافيين الذين فاق عددهم عدد النواب، كانت تبحث عن خبر آخر. هم أيضاً واثقون بأن الجلسة لن تنعقد لكنهم كانوا يمنون النفس بحضور الرئيس سعد الحريري. حضوره هو العنصر الوحيد الذي يمكن أن يشكل إضافة على الخبر الذي يتكرر منذ أيار الماضي. كان يمكن أن يعطي الاستحقاق بعداً أكبر لو أتى، لكنه فضّل التغيب لضرورات أمنية، سبق ومنعته من المشاركة في انتخاب مفتي الجمهورية. حليفه جعجع كان واضحاً في الإشارة إلى أن عودة الحريري مهمة لكنها لن تساهم في تعزيز فرص انتخاب رئيس للجمهورية لأنه ليس هو من يعطل.
لم يحضر الحريري، لكن حضر النائب نقولا فتوش، حاملاً اقتراح التمديد للمجلس النيابي لمدة سنتين وسبعة أشهر والمؤلف من مادة وحيدة تنص على:
ـ تنتهـي ولايـة مجلـس النـواب الحالـي بتاريـخ 20 حزيـران 2017.
ـ يعمـل بهـذا القانـون فـور نشـره في الجريـدة الرسميـة، مع استعجـال إصـداره وفقـاً للفقـرة الأولـى من المـادة 56 من الدستـور معطوفـة على المـادة 62 منـه. (النص الكامل لاقتراح القانون وأسبابه الموجبة على الموقع الالكتروني www.assafir.com).
بتقديم الاقتراح إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، تحقق ما كان الجميع يتحدثون عنه في السر والعلن. أراد فتوش من خلال اقتراحه هذا أن يعطي ولاية كاملة للمجلس الممدة ولايته (مددت في المرة الأولى سنة وخمسة أشهر).
مسألة المدة تبدو ثانوية بالنسبة لفتوش، فهو يؤكد لـ«السفير» أن جوهر الموضوع أن الدولة اللبنانية لا يمكنها أن تجري الانتخابات في الظروف الحالية. ماذا لو تغيرت الظروف؟ يوضح أنه يمكن عندها إجراء الانتخاب في أي يوم حتى لو لم تنته المدة. بالنسبة له، وهو الذي عارض في السابق اقتصار التمديد على سنة وخمسة أشهر، لا يجوز تسويق التمديد بالتقسيط. يرى أنه «لم يعد جائزاً تعريض البلد للتمديد في كل مرة»، وعليه «نمدد الحد الأقصى ثم نجري الانتخابات عندما تكون الظروف مهيأة».
قبل ذلك، كانت المعلومات تؤكد أن فتوش لن يتقدم باقتراحه بسبب رفض رئيس المجلس لذلك. لا ينفي فتوش اعتراض الرئيس نبيه بري على هذه الخطوة، لكنه يقوم بخطوته من موقعه كنائب، رافضاً ما يقال عن عدم دستورية اقتراحه، محيلاً المشككين على الأسباب الموجبة التي يتضمنها الاقتراح (24 صفحة).
التمديد فرض نفسه طبقاً رئيسياً بعدما كان في لائحة المقبلات. حبات البندورة التي تلقاها النواب الـ128 اعتراضاً على سعي المجلس إلى التمديد لنفسه مرة جديدة، لم تحرج أحداً، بل على العكس. هذه المرة صارت الكتل النيابية أكثر جرأة. في التمديد السابق، لم يتجرأ أي نائب على المجاهرة بموقفه المؤيد للتمديد قبل الأيام الأخيرة على انتهاء ولاية المجلس. الكل كان يرفع الصوت دعماً لإجراء الانتخابات. حينها كان «التيار الوطني الحر» وحده متصالحاً مع نفسه، فلم يشارك في «فضيحة التمديد».
هذه المرة، تولى النائب وليد جنبلاط التسويق للتمديد بين السياسيين، ثم تلقف الحريري الأمر بصدره، معلناً أنه «في حال تعذر انتخاب رئيس للجمهورية قبل موعد الانتخابات فنحن مع التمديد لمجلس النواب».
الرئيس فؤاد السنيورة أكمل أمس من مجلس النواب على المنوال نفسه. قال إن الظروف التي أدت إلى تمديد الولاية في المرة الأولى لا تزال قائمة. اعتبر أن التمديد يبقى أفضل من الدخول بمحظور الفراغ الأكبر في حال لم تستطع الحكومة إجراء الانتخابات.
لم يتضح بعد ما إذا كان الرئيس نبيه بري يصر على موقفه الرافض للتمديد. خصومه يعتبرون موقفه نوعاً من المزايدة، بينما المقربون منه يرون أن ما قاله عن عدم الحاجة للتمديد لمجلس عاطل عن العمل يجب التوقف عنده.
بعد اندفاع «المستقبل» باتجاه التمديد وتروي بري، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد زيادة الضغط على معطلي التشريع، وهو ما بدأه بري فعلاً عندما أعلن في حديثه الأخير لـ«السفير» أنه «إذا تعذر حصول الانتخابات لسبب ما، فأنا سأدفع في اتجاه وضع النظام برمّته في بيت اليك مع انتهاء ولاية المجلس رسميا في 20 تشرين الثاني المقبل، حتى لو وقع عندها الفراغ الكبير، وأصبحنا بلا رئيس للجمهورية ولا رئيس للمجلس ولا حكومة».
بالنسبة لـ«تكتل التغيير» كل ما يحكى عن التمديد يخفي إرادة إقليمية لتجميد كل الملفات الداخلية بانتظار تسوية منتظرة لم تتبلور بعد. يرى النائب ابراهيم كنعان أن التمديد للمجلس الحالي هو تمديد للأزمة، سائلاً الذين ساروا بالتمديد الأول عن وعودهم في إقرار قانون انتخابي جديد وإجراء الانتخابات على أساسه. وفي ما يتعلق برفض «14 آذار» إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، يذكر أن الانتخابات النيابية كان يفترض أن تجري في العام 2012، على أن ينتخب المجلس الجديد رئيس الجمهورية، وإن من أجّلها في حينها ويسعى إلى تأجيلها اليوم بحجة ضرورة انتخاب الرئيس يتغاضى عن حقيقة أن المجلس الممددة ولايته لا يعبّر عن التمثيل الشعبي، ولا يراعي المناصفة الفعلية.
بالرغم من أن عدد النواب يتضاءل جلسة بعد أخرى انطلاقاً من أن التسوية لم تنضج بعد، إلا ان عيون الصحافيين الذين فاق عددهم عدد النواب، كانت تبحث عن خبر آخر. هم أيضاً واثقون بأن الجلسة لن تنعقد لكنهم كانوا يمنون النفس بحضور الرئيس سعد الحريري. حضوره هو العنصر الوحيد الذي يمكن أن يشكل إضافة على الخبر الذي يتكرر منذ أيار الماضي. كان يمكن أن يعطي الاستحقاق بعداً أكبر لو أتى، لكنه فضّل التغيب لضرورات أمنية، سبق ومنعته من المشاركة في انتخاب مفتي الجمهورية. حليفه جعجع كان واضحاً في الإشارة إلى أن عودة الحريري مهمة لكنها لن تساهم في تعزيز فرص انتخاب رئيس للجمهورية لأنه ليس هو من يعطل.
لم يحضر الحريري، لكن حضر النائب نقولا فتوش، حاملاً اقتراح التمديد للمجلس النيابي لمدة سنتين وسبعة أشهر والمؤلف من مادة وحيدة تنص على:
ـ تنتهـي ولايـة مجلـس النـواب الحالـي بتاريـخ 20 حزيـران 2017.
ـ يعمـل بهـذا القانـون فـور نشـره في الجريـدة الرسميـة، مع استعجـال إصـداره وفقـاً للفقـرة الأولـى من المـادة 56 من الدستـور معطوفـة على المـادة 62 منـه. (النص الكامل لاقتراح القانون وأسبابه الموجبة على الموقع الالكتروني www.assafir.com).
بتقديم الاقتراح إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، تحقق ما كان الجميع يتحدثون عنه في السر والعلن. أراد فتوش من خلال اقتراحه هذا أن يعطي ولاية كاملة للمجلس الممدة ولايته (مددت في المرة الأولى سنة وخمسة أشهر).
مسألة المدة تبدو ثانوية بالنسبة لفتوش، فهو يؤكد لـ«السفير» أن جوهر الموضوع أن الدولة اللبنانية لا يمكنها أن تجري الانتخابات في الظروف الحالية. ماذا لو تغيرت الظروف؟ يوضح أنه يمكن عندها إجراء الانتخاب في أي يوم حتى لو لم تنته المدة. بالنسبة له، وهو الذي عارض في السابق اقتصار التمديد على سنة وخمسة أشهر، لا يجوز تسويق التمديد بالتقسيط. يرى أنه «لم يعد جائزاً تعريض البلد للتمديد في كل مرة»، وعليه «نمدد الحد الأقصى ثم نجري الانتخابات عندما تكون الظروف مهيأة».
قبل ذلك، كانت المعلومات تؤكد أن فتوش لن يتقدم باقتراحه بسبب رفض رئيس المجلس لذلك. لا ينفي فتوش اعتراض الرئيس نبيه بري على هذه الخطوة، لكنه يقوم بخطوته من موقعه كنائب، رافضاً ما يقال عن عدم دستورية اقتراحه، محيلاً المشككين على الأسباب الموجبة التي يتضمنها الاقتراح (24 صفحة).
التمديد فرض نفسه طبقاً رئيسياً بعدما كان في لائحة المقبلات. حبات البندورة التي تلقاها النواب الـ128 اعتراضاً على سعي المجلس إلى التمديد لنفسه مرة جديدة، لم تحرج أحداً، بل على العكس. هذه المرة صارت الكتل النيابية أكثر جرأة. في التمديد السابق، لم يتجرأ أي نائب على المجاهرة بموقفه المؤيد للتمديد قبل الأيام الأخيرة على انتهاء ولاية المجلس. الكل كان يرفع الصوت دعماً لإجراء الانتخابات. حينها كان «التيار الوطني الحر» وحده متصالحاً مع نفسه، فلم يشارك في «فضيحة التمديد».
هذه المرة، تولى النائب وليد جنبلاط التسويق للتمديد بين السياسيين، ثم تلقف الحريري الأمر بصدره، معلناً أنه «في حال تعذر انتخاب رئيس للجمهورية قبل موعد الانتخابات فنحن مع التمديد لمجلس النواب».
الرئيس فؤاد السنيورة أكمل أمس من مجلس النواب على المنوال نفسه. قال إن الظروف التي أدت إلى تمديد الولاية في المرة الأولى لا تزال قائمة. اعتبر أن التمديد يبقى أفضل من الدخول بمحظور الفراغ الأكبر في حال لم تستطع الحكومة إجراء الانتخابات.
لم يتضح بعد ما إذا كان الرئيس نبيه بري يصر على موقفه الرافض للتمديد. خصومه يعتبرون موقفه نوعاً من المزايدة، بينما المقربون منه يرون أن ما قاله عن عدم الحاجة للتمديد لمجلس عاطل عن العمل يجب التوقف عنده.
بعد اندفاع «المستقبل» باتجاه التمديد وتروي بري، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد زيادة الضغط على معطلي التشريع، وهو ما بدأه بري فعلاً عندما أعلن في حديثه الأخير لـ«السفير» أنه «إذا تعذر حصول الانتخابات لسبب ما، فأنا سأدفع في اتجاه وضع النظام برمّته في بيت اليك مع انتهاء ولاية المجلس رسميا في 20 تشرين الثاني المقبل، حتى لو وقع عندها الفراغ الكبير، وأصبحنا بلا رئيس للجمهورية ولا رئيس للمجلس ولا حكومة».
بالنسبة لـ«تكتل التغيير» كل ما يحكى عن التمديد يخفي إرادة إقليمية لتجميد كل الملفات الداخلية بانتظار تسوية منتظرة لم تتبلور بعد. يرى النائب ابراهيم كنعان أن التمديد للمجلس الحالي هو تمديد للأزمة، سائلاً الذين ساروا بالتمديد الأول عن وعودهم في إقرار قانون انتخابي جديد وإجراء الانتخابات على أساسه. وفي ما يتعلق برفض «14 آذار» إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، يذكر أن الانتخابات النيابية كان يفترض أن تجري في العام 2012، على أن ينتخب المجلس الجديد رئيس الجمهورية، وإن من أجّلها في حينها ويسعى إلى تأجيلها اليوم بحجة ضرورة انتخاب الرئيس يتغاضى عن حقيقة أن المجلس الممددة ولايته لا يعبّر عن التمثيل الشعبي، ولا يراعي المناصفة الفعلية.
ايلي الفرزلي - السفير 13\8\2014
إرسال تعليق