الواضح من مجريات الامور التي تسير بها المنطقة، أن مطرقة التقسيم أعلنت عن بدء اولى جلسات تفكيك وتفتيت الدول المحيطة الى كانتونات مذهبية وعرقية خاصة بعد فشل الجيوش العربية الجرارة من التغلب على مكونات متطرفة باتت تفرض الوقائع على الارض، وتلقى قبولاً فكرياً عند شريحة واسعة من شعوب المنطقة.
وهذا المشهد سينعكس سلباً على باقي المكونات من مذاهب وديانات اخرى خاصة بعد الدعوات بقتلهم تحت مسميات الردة والتكفير، وهذا ليس تحليلاً أو افتراء بل أصبح واقعاً بعد دعوة مسعود البرزاني اجراء استفتاء حول استقلال اقليم كردستان، كردٍ يحمي المكون الكردي بعد قيام "دولة" داعش، واستنفار المرجعيات الشيعية في العراق لحماية مقدساتهم ومكتسباتهم السياسية.
ومن الواضح أيضاً أن داعش وأخواتها هي من المنظومات الاستخباراتية المركبة وهي الحصان الجديد المُراهن عليه من قبل الدول المستفيدة من إعادة التقسيم والعاملة عليه، واعتماد داعش وأخواتها لاستراتيجية بث الرعب ونشر فيديوهات قطع الرقاب وانتهاك المعابد وتحطيم التماثيل، الهدف الاساسي منه هو إفراغ المناطق المسيطر عليها من أي مكون أخر ومبايعة أهل السنة فيه لفكر داعش واخواته، ما يفرض تقسيماً ديموغرافياً يمهد لرسم حدود جديدة لكنتونات مذهبية تعطي الكيان الغاصب مشروعية قيام دولته العنصرية.
والواضح ايضاً إن الاعلام الخليجي وحتى بعض وسائل الاعلام اللبناني تتعاطى مع "داعش" كثورة شعبية متلاعبة بالمشاهد والمعلومات والصور على غرار ما حصل ويحصل مع سوريا من فبركات وتشويه إعلامي، ولكن ما تتميز به تلك الاقلام التي تدور في فلك الطاعة السعودية هو ربط مواقفهم من "داعش" بالتساوي والتوازي بمواقفهم من حزب الله، متناسين ومتجاهلين خطرالفكر الداعشي الذي انتشر بلمح البصر وعلى مساحة تقدر سبع مرات مساحة لبنان.
هناك جمهور بدء يظهر مؤيداً وطارحاً لتلك الافكار بحجة رفع شعار المظلومية كغطاء لتسهيل قيام حلم الامارة الاسلامية، وما تشهده طرابلس من ادخال هذه المدينة العريقة بحضارتها وتنوعها الديني والثقافي في عصر ما قبل أي تراث حضاري هو إشارة خطيرة.
وما جرى في سوق الخضار بالتبانة بعد تعميم دائرة اوقاف طرابلس الاسلامية وتعميم بلدية طرابلس يمنع المجاهرة بالافطار في شهر رمضان الذي لم يأخذه أهل طرابلس على محمل الجد، وأتاهم الرد بتنفيذه بالقوة وبفس روحية بث الرعب التي تعتمده داعش.
في السياق نفسه جاءت التغريدة الصباحية لما يسمى "أحرار أهل السنة" لبث الرعب في نقوس المسيحيين في البقاع، وهذه الاشارات ليست إشارت افتراضية بأي حال، ويجب التعامل معها بأعلى درجات الوعي والحذر كما يجب على السياسيين التي أفقدتهم جاذبية السلطة الحس الوطني وبالغوا في التفرقة والفساد، التنبه لما يحاك للمنطقة وما يمكن أن ينعكس سلباً على الوضع في لبنان.
سامي أبو فيصل - منبر "ليبانون تايم" 4\7\2014
إرسال تعليق