0
قال أحد السياسيّين، تعليقاً على مبادرة رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، إنّ حسن إدارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع معركته الرئاسيّة، أفقَدت الجنرال معظم أوراقه. فتحميله مسؤولية تعطيل النصاب أمام الرأي العام المحلي والخارجي، دفعه إلى التقدّم بمبادرة نسفت علاقته المُستجدّة مع الرئيس سعد الحريري وأطاحت مشروعه الرئاسي، وضربت أيضاً علاقته ببكركي. وأضاف: نجح جعجع في الظهور كقوّة تسهيل، وإظهار خصمه قوة تعطيل، ونجح كذلك في ربح المعركة الرئاسية بلا الوصول إلى بعبدا التي عبَّد الطريق إليها شعبياً وسياسياً ووطنياً. وأكد أنّ جعجع ما قبل ترشّحه شيء، وما بعده شيء آخر. ويبدو أنه بدأ يتصرّف على هذا الأساس، حيث تدخل رسالته إلى نوّاب الأمة في هذا السياق. ومن هذا المنطلق التقت «الجمهورية» جعجع للوقوف على رأيه في رزمة من الملفات والاستحقاقات، تبدأ من المبادرة العونية ولا تنتهي بالظاهرة الداعشية.

• هل دخَل لبنان مرحلة أمنيّة قديمة جديدة كالتي كانت قبل تأليف الحكومة؟

- مع دخول المنطقة مرحلة أمنيّة جديدة، «طبيعي رَح يِلحقنا طرطوشِه»، ومثال على هذه «الطرطوشِه» ما شهدناه منذ أسبوعين، حيث تمكّنت الأجهزة الأمنيّة من استباق العمليات التي كان من الممكن أن تقع، لكن أعتقد بأنّ الوضع في لبنان سيبقى مستقراً عموماً.

من الممكن أن نشهد عمليات فرديّة شبيهة بالتي شهدناها في الأسبوعين الأخيرين، وأتمنّى أن تستمر الأجهزة الأمنية في متابعتها، لكنّنا نُحمّل الأجهزة الامنية أكثر ممّا تستطيع في حال بقيَ «حزب الله» يقاتل في سوريا. فمن المفترض أن نعالج المشكلة من جذورها من خلال وَقف قتال «الحزب» في سوريا، ولاحقاً في العراق، وهكذا تستطيع الأجهزة الأمنية تجنّب أي أحداث.

• كيف تصِف الأداء الحكومي والأمني في مواجهة الواقع الإرهابي والعمليات الانتحارية؟

- من الناحية الأمنيّة - التقنيّة لا بأس، أمّا من الناحية السياسية فالأداء غير مرضٍ تماماً، لأنّه يفترض معالجة جذور الازمة والطلب الى «حزب الله» الانسحاب من سوريا والعراق وضبط الحدود اللبنانية، وهذه التدابير تدفع نحو استقرار الوضع، وإلّا نكون كمَن يستقي الماء بدلوٍ مثقوب.

• إلى أيّ حدٍّ وفّر التوافق السياسي الغطاء لمواجهة الإرهاب؟ وهل ما زلتَ على موقفك من رفض المشاركة في الحكومة؟

- لا أزال على موقفي لأسباب أخرى، لكن لا شك في أنّ حكومة الرئيس سلام شكّلت مظلة أتاحت للقوى الامنية مواجهة الإرهاب في شكل افضل، ولكن هذه المظلة لن تؤدّي فعلها طالما يستمرّ «حزب الله» في قتاله داخل سوريا ويستمرّ تدخّل جماعات من لبنان في قضايا المنطقة وعدم ضبط الحدود اللبنانية - السورية.

مبادرة عون فرقعة إعلاميّة

• هل تعتقد أنّ المبادرات المحلّية كالتي تقدّمتَ بها أو تلك التي تقدَّم بها العماد ميشال عون تستطيع كسر الجمود؟

- الجنرال عون لم يُقدّم مبادرة جدية، إنما «فرقعة» إعلامية للضغط على الاطراف اللبنانية بُغية انتخابه رئيساً للجمهورية. فالمعطيات لا تسمح بمناقشة تعديلات دستورية وإقرارها في مجلس النواب لأنه في عقد استثنائي. في المقابل، لم تؤدِّ المبادرات التي تقدّمت بها، للأسف، إلى أيّ مكان، ويبقى أن يضغط الشعب الذي انتخب لوائح عون ويطلب منه النزول إلى المجلس النيابي.

• هل ستبقى الانتخابات تنتظر تسوية إقليمية؟

- المشكلة ليست إقليمية، إنما ننتظر أن يُغيّر الجنرال عون رأيه.

• ما العوامل التي حالت دون الردّ على المبادرة التي أطلقتَها؟ وهل من مبادرات جديدة في الافق؟

- لا أرى إمكان طرح أي مبادرة، فتمسّك عون بموقفه أفشَل كل المبادرات، فإمّا وصوله الى رئاسة الجمهورية أو لا رئيس.

لن نحرق الأسماء

• لماذا لم تُقرِن المبادرة بأسماء؟

- «حرام» إحراق الأسماء قبل اعلان الطرف الآخر قبوله مبدأ التفاوض للوصول الى اسم ثالث. الطرف الآخر لم يعلن اسماً حتى الساعة ولا يزال متمسّكاً بمقاطعة جلسات الانتخاب. وبالتالي، ماذا ينفع طرح أسماء من دون الوصول الى أيّ مكان. الأسماء الممكن طرحها هي من ضمن «14 آذار» في الدرجة الاولى، ومن ضمن لائحة بكركي، وأنا مستعدّ للبحث في كل المجالات، لكن على الطرف الآخر إعلان نيّته الوصول الى تفاهم ما، لكنه غير مستعدّ لذلك.

• هل تعتقد أنّ الرأي العام المسيحي يتعاطف مع مبادرة شبيهة بالتي طرحها عون، في ظلّ الوضع الأمني الداخلي والتطوّرات الخارجية من «داعش» وغيره؟

- الجنرال يحاول غشّ الرأي العام في مكان ما، لكنني لا أرى إمكانية لغشّه لأنّ الرأي العام يعلم أنّ ما يُطرح هدفه الاستعراض الإعلامي فقط لا غير.

• هل يمكن أن تتقاطع مجدّداً مع عون على القانون الأرثوذكسي؟ وما القانون الميثاقي الذي يمكن أن يؤمّن أفضل تمثيل مسيحي؟

- لدينا مشروع قانون اتّفقنا عليه مع الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار «المستقبل» يوصلنا إلى المطلوب. القانون المطروح هو الافضل للمسيحيّين من بعيد ضمن الصيغة اللبنانية، وإذا ذهبنا الى تقسيم البلد فهذا حديث آخر. يمكن أن نصل إلى الاستحقاق النيابي قبل الرئاسي لأنّ الذين يعطّلون لا يزالون يعطّلون علناً، والتي أسماها عون مبادرة هي مدماك جديد للتعطيل وليس لتسهيل الاستحقاق.

يجب تعديل الدستور لإرغام النواب على الحضور

• ألا تعتقد أنّ الدستور يحتاج تعديلاً في شأن انتخاب الرئيس؟ وإلى أيّ حدّ تعتبر أنّ انتخاب الرئيس من الشعب وعلى المستويَين المسيحي والوطني يؤمّن وصول شخصية مسيحية تمثيلية، ويَحول ثانياً دون التعطيل ودون تدخّل خارجي؟

- هناك حاجة لتعديل دستوري لإنجاز الانتخابات الرئاسية كما يجب، ولكن هذه التعديلات يمكن أن تطرح بعد الانتخابات الرئاسية. منصب الرئيس فارغ، ويطرحون التعديلات في توقيت خاطئ.

أمّا التعديل الدستوري الذي يجب إقراره فهو إقفال الباب أمام تغيّب النواب والدفع في اتجاه انتخاب الرئيس في اليوم الأوّل من المهلة الدستورية مثل بقية دول العالم. لا يجب أن تستقيل المؤسسات الدستورية، وعلينا الذهاب إلى انتخابات نيابية ولاحقاً يُطرح تعديل الدستور لقطع الطريق على النواب الذين يرفضون حصول انتخابات رئاسية أو يريدون مصادرتها لأسباب خاصة.

• هل تتبنّى طرحَ مبادرة عون الرئاسية أم تتمسّك بما أطلقتَه سابقاً بشأن عقدِ جلسة انتخابية رئاسية ليومٍ واحد يُصار فيها إلى انتخاب رئيس بمَن حضر؟

- ما يطرحه عون غير قابل للتطبيق، وبالتالي فهي ليست مبادرة. وأدعو مجدداً إلى النزول الى مجلس النواب والى أن يترشّح عون، فيفوز هو برئاسة الجمهورية أو أفوز أنا.

«داعش» والعراق

• كيف تقرأ التحوّلات التي حصلت في العراق، وما تأثيرها على موازين القوى في المنطقة، وهل تعتقد أنّ هذه التطوّرات أربكَت محور الممانعة؟

- التطورات كبيرة وخطيرة ودمويّة، وهي مَدعاة قلق بحكم وجود تنظيم «داعش». من جهة ثانية هذه التطورات أربَكت محور الممانعة وزادت من الإرباك الذي تعيشه المنطقة، ولهذه الاسباب مجتمعة لا يجب الاكتفاء بتحليل هذه الاوضاع ومن المفترض تحصين لبنان في وجهها، وبالتالي سحب المجموعات اللبنانية التي تقاتل في سوريا أوّلاً، ومن العراق إذا كانت موجودة. وفي الدرجة الثانية يجب السيطرة على الحدود اللبنانية - السورية وضبطها.

• هل تتخوّف من أن تنجح «داعش» في تثبيت حضورها، وما تأثيرها وغيرها من التنظيمات على الوجود المسيحي في المنطقة ولبنان؟

- «داعش» تنظيم خارج الزمان والمكان ومشروعه السياسي يتناقض كلياً مع مشروعنا السياسي ومع كل ما نؤمن به. وانطلاقاً من هذا الواقع، أعتقد أنّ تنظيم «داعش» لا يمكنه أن يكبر أكثر لأنّ مشروعه غير قابل للحياة. في العراق أثّرَ هذا التنظيم على المسيحيّين وجعلهم يتركون مناطقهم، فهو لا يعترف بالمسيحيّين ولا بوجودهم إلّا بشروط معينة، المسيحيون ليسوا مستعدّين لها، وبالتالي «داعش» خطر على المسيحيين.

رينا ضوميط - الجمهورية 4\7\2014

إرسال تعليق

 
Top