مَن منّا لا يستخدم وسائل التواصل يوميّاً؟ فقد أصبحت جزءاً أساسيّاً من حياتنا لا يمكن الاستغناء عنه. ففيما يستخفّ كثيرون بخطورة استخدامها، كشفت دراسات كثيرة أنّها أنتجَت أمراضاً عدّة غالبيّتها نفسيّة.
ولمناقشة هذا الموضوع، كان لـ«الجمهوريّة» مقابلة مع طبيبة النفس شارلوت الخليل، تحدّثت خلالها عن علاقة وسائل التواصل بعلم النفس والأمراض النفسيّة التي باتت موجودة وبكثرة، بسبب سوء استخدام هذه الوسائل، فقالت بدايةً: «وسائل التواصل هي وسائل يعتمدها الإنسان من خلال سلوك معيّن، وبما أنّ علم النفس يهتمّ بكلّ ما يخصّ السلوك الإنسانيّ فهو بالطبع يهتمّ بدرس هذا العامل الجديد الذي بات يؤثّر في جميع الناس وفي طريقة تعاطيهم وعلاقتهم ببعضهم، على المستويين الإنساني والشخصي».
وأوضحت: «وُلدَت وسائل التواصل لتجعل التواصل مُتاحاً على رغم المسافات، لكنّ الناس استخدموها وذهبوا بها إلى أقصى الحدود، فهذه الوسائل ليست أمراً خاطئاً، إنّما طريقة استخدامها هي خطأ في حَدّ ذاته، فقد باتت تستخدم فقط للتعارُف ولفت الأنظار. وبالنسبة إلى علم النفس، تكمُن المشكلة حين يصبح هناك إفراط في استخدام وسائل التواصل».
الصوَر الجريئة
أرجعت الخليل أسباب الصوَر الجريئة التي نراها على وسائل التواصل الى عوامل عدّة، منها لفت النظر والتعارف إلى أشخاص خصوصاً من الجنس الآخر. «كذلك هناك أشخاص يغذّون ثقتهم بأنفُسِهم من خلال الـ«likes»، لكن أحياناً أخرى يكون الوضع مُختلفاً إذ إنّهم ينتظرون الـ likes ليزيدوا هذه الثقة.
وإذا لم يحصلوا على العدد الكافي يظنّون أنّ هناك مشكلة في الصورة. وهناك أسباب تنتج مِن اضطرابات نفسيّة مثل الـexhibitionism أي الشخص الذي يعمد إلى التعرّي للفت النظر، أو الـ voyeurism أي الشخص الذي يحبّ استراق النظر إلى الآخرين والتدخّل في أمورهم الخاصة. ولأنّ وسائل التواصل مشرّعة، أصبح من السهل لهؤلاء الأشخاص الذين يعانون هذه الإضطرابات أن يظهروها بلا حواجز».
ولدى سؤالنا: «متى تصبح وسائل التواصل عاملاً مرضيّاً؟»، قالت الخليل: «بالنسبة إلى علم النفس، حين تتخطّى التصرّفات حدوداً مُعيّنة تفرضها الأعراف والتقاليد والآداب الإجتماعيّة العامة المرتبطة بالمجتمع، تُعَدُّ عندها في خانة عَدم الاتّزان النفسي. التكنولوجيا وُجدت لخدمة الإنسان ومساعدته، لكن حين يصبح الإنسان هو مَن يخدمها تحدث المشكلة، فيُصبح كُلّ شيء متعلّقاً بهذه الوسائل وينتظر الشخص باستمرار «feedback» الشخص الآخر، وهنا يبدأ القلق عند علماء النفس».
الـ«فوتوشوب»
وفي ما يخصّ الـ«Photoshop»، أشارت الخليل إلى أنّ «المُشكلة هي عندما يستخدم الأشخاص هذه التقنيّة لتغيير مظهرهم إلى درجة يُصبحون فيها غير معروفين، فتكون عدم ثقتهم في أنفسهم مترسّخة ومتجذّرة في داخلهم، فيلجأون الى الكذب والخداع لبناء علاقاتهم بالآخرين».
دور الإعلام
وأشارت الخليل إلى أنّنا نعيش في عالم يُعلّق أهمّية كبيرة على الصورة، خصوصاً الصورة النمطية، لذلك بتنا نرى أشخاصاً كثيرين يُحاولون التشبُّه بالمشاهير. وقالت: «بما أنّ أشخاصاً كثيرين ليسوا راضين بشكلهم الخارجي، فهُم يتأثّرون بشدّة بما يرون في وسائل الإعلام، فيلجأون الى الوسائل التكنولوجيّة من أجل الاختباء وراء صورة وبناء علاقات وهميّة مع الآخرين، وهنا يُطرح السؤال عن الهويّة الفرديّة».
وتابعت: «إذا تكلّمنا عن تأثّر المرأة بما تشاهد، نجد أنّها تتأثّر به كثيراً، فهي مستعدّة لتغيير مظهرها تلبيةً لِما هو شائع في المجتمع، وإلّا اعتقدت أنّها مرفوضة اجتماعيّاً».
المراهقون
وعن نسبة تأثّر المراهقين بالتكنولوجيا، قالت الخليل: «ساعدت وسائل التواصل الإجتماعي المراهقين على الانفتاح على العالم والتثقّف، لكن في المقابل نجد أنّ الإنترنت باتَ مصدراً سهلاً للخداع يفتقد الى الملاحقة القانونيّة، فالمراهق يكون في طور تكوين شخصيّته وإثبات هويّته، لذلك يُمكن أن يكون ضحيّة لأعمال خاطئة.
أمّا الأهل فهم الجهة الوحيدة القادرة على مساعدته على عدم الانجرار وراء ما قد يؤثّر به سلباً، وعليهم بناء علاقة جيّدة مع أبنائهم منذ الصغر، وأن يكونوا مثالاً جيّداً لهم، من خلال عدم الإفراط في استخدام وسائل التواصل، وتنظيم استخدام أولادهم لهذه الوسائل».
أهميّة المعرفة
وأكملت الخليل: «من المهمّ جداً أن يطّلع الأهل ويتثقّفوا معلوماتيّاً لكي يكون لديهم عِلم بما يجري من حولهم، فهناك أشخاص يحضّون الأولاد على القيام بتصرّفات غير لائقة على الإنترنت، كالتعرّي وممارسة الدعارة... من هنا على الأهل مُراقبة أولادهم والتنبُّه الى أيّ تغيير في تصرّفاتهم».
ظاهرة الـ«سيلفي»
إلى ذلك، أكّدت الخليل أنّ الـ«سيلفي»، أي الـ«أنا»، لا تمتُّ بصلة الى «التواصل»، موضحة: «على رغم أنّ النرجسيّة مُهمّة ليُكوّن الشخص ذاته، إلّا أنّه عندما يُصبح هناك إفراط في التقاط «السيلفي» يُمكن أن يؤدّي ذلك إلى أمراض نفسيّة مُستقبَلاً».
الخصوصيّة
ولمَن يعرضون تفاصيل حياتهم الشخصيّة على الإنترنت، قالت الطبيبة النفسيّة: «الخصوصيّة أساسيّة في حياة كلّ إنسان لأنّها تحافظ على علاقة معيّنة مع الذات، وربّما يظنّ مَن يعرض تفاصيل حياته الشخصيّة أمام الجميع أنّه يعيش حياة «المشاهير»، لكن هذا وَهْم».
وختمت الخليل حديثها قائلة: «يجب على الشخص أن يعيش حياة واقعيّة ويكتفي بعدد مقبول من المعجبين والأصدقاء وألّا يطمح إلى الحصول على المئات منهم، وإلّا أصبح مُضطرباً نفسيّاً، فمعظم الأشخاص يظنّون أنّهم يعيشون حياة اجتماعيّة، لكنّ الواقع يكون أنّهم يعيشون في عزلة. وعلينا الحفاظ على العلاقات الفعليّة والملموسة والواقعيّة لكي نكون أشخاصاً أسوياء».
ولمناقشة هذا الموضوع، كان لـ«الجمهوريّة» مقابلة مع طبيبة النفس شارلوت الخليل، تحدّثت خلالها عن علاقة وسائل التواصل بعلم النفس والأمراض النفسيّة التي باتت موجودة وبكثرة، بسبب سوء استخدام هذه الوسائل، فقالت بدايةً: «وسائل التواصل هي وسائل يعتمدها الإنسان من خلال سلوك معيّن، وبما أنّ علم النفس يهتمّ بكلّ ما يخصّ السلوك الإنسانيّ فهو بالطبع يهتمّ بدرس هذا العامل الجديد الذي بات يؤثّر في جميع الناس وفي طريقة تعاطيهم وعلاقتهم ببعضهم، على المستويين الإنساني والشخصي».
وأوضحت: «وُلدَت وسائل التواصل لتجعل التواصل مُتاحاً على رغم المسافات، لكنّ الناس استخدموها وذهبوا بها إلى أقصى الحدود، فهذه الوسائل ليست أمراً خاطئاً، إنّما طريقة استخدامها هي خطأ في حَدّ ذاته، فقد باتت تستخدم فقط للتعارُف ولفت الأنظار. وبالنسبة إلى علم النفس، تكمُن المشكلة حين يصبح هناك إفراط في استخدام وسائل التواصل».
الصوَر الجريئة
أرجعت الخليل أسباب الصوَر الجريئة التي نراها على وسائل التواصل الى عوامل عدّة، منها لفت النظر والتعارف إلى أشخاص خصوصاً من الجنس الآخر. «كذلك هناك أشخاص يغذّون ثقتهم بأنفُسِهم من خلال الـ«likes»، لكن أحياناً أخرى يكون الوضع مُختلفاً إذ إنّهم ينتظرون الـ likes ليزيدوا هذه الثقة.
وإذا لم يحصلوا على العدد الكافي يظنّون أنّ هناك مشكلة في الصورة. وهناك أسباب تنتج مِن اضطرابات نفسيّة مثل الـexhibitionism أي الشخص الذي يعمد إلى التعرّي للفت النظر، أو الـ voyeurism أي الشخص الذي يحبّ استراق النظر إلى الآخرين والتدخّل في أمورهم الخاصة. ولأنّ وسائل التواصل مشرّعة، أصبح من السهل لهؤلاء الأشخاص الذين يعانون هذه الإضطرابات أن يظهروها بلا حواجز».
ولدى سؤالنا: «متى تصبح وسائل التواصل عاملاً مرضيّاً؟»، قالت الخليل: «بالنسبة إلى علم النفس، حين تتخطّى التصرّفات حدوداً مُعيّنة تفرضها الأعراف والتقاليد والآداب الإجتماعيّة العامة المرتبطة بالمجتمع، تُعَدُّ عندها في خانة عَدم الاتّزان النفسي. التكنولوجيا وُجدت لخدمة الإنسان ومساعدته، لكن حين يصبح الإنسان هو مَن يخدمها تحدث المشكلة، فيُصبح كُلّ شيء متعلّقاً بهذه الوسائل وينتظر الشخص باستمرار «feedback» الشخص الآخر، وهنا يبدأ القلق عند علماء النفس».
الـ«فوتوشوب»
وفي ما يخصّ الـ«Photoshop»، أشارت الخليل إلى أنّ «المُشكلة هي عندما يستخدم الأشخاص هذه التقنيّة لتغيير مظهرهم إلى درجة يُصبحون فيها غير معروفين، فتكون عدم ثقتهم في أنفسهم مترسّخة ومتجذّرة في داخلهم، فيلجأون الى الكذب والخداع لبناء علاقاتهم بالآخرين».
دور الإعلام
وأشارت الخليل إلى أنّنا نعيش في عالم يُعلّق أهمّية كبيرة على الصورة، خصوصاً الصورة النمطية، لذلك بتنا نرى أشخاصاً كثيرين يُحاولون التشبُّه بالمشاهير. وقالت: «بما أنّ أشخاصاً كثيرين ليسوا راضين بشكلهم الخارجي، فهُم يتأثّرون بشدّة بما يرون في وسائل الإعلام، فيلجأون الى الوسائل التكنولوجيّة من أجل الاختباء وراء صورة وبناء علاقات وهميّة مع الآخرين، وهنا يُطرح السؤال عن الهويّة الفرديّة».
وتابعت: «إذا تكلّمنا عن تأثّر المرأة بما تشاهد، نجد أنّها تتأثّر به كثيراً، فهي مستعدّة لتغيير مظهرها تلبيةً لِما هو شائع في المجتمع، وإلّا اعتقدت أنّها مرفوضة اجتماعيّاً».
المراهقون
وعن نسبة تأثّر المراهقين بالتكنولوجيا، قالت الخليل: «ساعدت وسائل التواصل الإجتماعي المراهقين على الانفتاح على العالم والتثقّف، لكن في المقابل نجد أنّ الإنترنت باتَ مصدراً سهلاً للخداع يفتقد الى الملاحقة القانونيّة، فالمراهق يكون في طور تكوين شخصيّته وإثبات هويّته، لذلك يُمكن أن يكون ضحيّة لأعمال خاطئة.
أمّا الأهل فهم الجهة الوحيدة القادرة على مساعدته على عدم الانجرار وراء ما قد يؤثّر به سلباً، وعليهم بناء علاقة جيّدة مع أبنائهم منذ الصغر، وأن يكونوا مثالاً جيّداً لهم، من خلال عدم الإفراط في استخدام وسائل التواصل، وتنظيم استخدام أولادهم لهذه الوسائل».
أهميّة المعرفة
وأكملت الخليل: «من المهمّ جداً أن يطّلع الأهل ويتثقّفوا معلوماتيّاً لكي يكون لديهم عِلم بما يجري من حولهم، فهناك أشخاص يحضّون الأولاد على القيام بتصرّفات غير لائقة على الإنترنت، كالتعرّي وممارسة الدعارة... من هنا على الأهل مُراقبة أولادهم والتنبُّه الى أيّ تغيير في تصرّفاتهم».
ظاهرة الـ«سيلفي»
إلى ذلك، أكّدت الخليل أنّ الـ«سيلفي»، أي الـ«أنا»، لا تمتُّ بصلة الى «التواصل»، موضحة: «على رغم أنّ النرجسيّة مُهمّة ليُكوّن الشخص ذاته، إلّا أنّه عندما يُصبح هناك إفراط في التقاط «السيلفي» يُمكن أن يؤدّي ذلك إلى أمراض نفسيّة مُستقبَلاً».
الخصوصيّة
ولمَن يعرضون تفاصيل حياتهم الشخصيّة على الإنترنت، قالت الطبيبة النفسيّة: «الخصوصيّة أساسيّة في حياة كلّ إنسان لأنّها تحافظ على علاقة معيّنة مع الذات، وربّما يظنّ مَن يعرض تفاصيل حياته الشخصيّة أمام الجميع أنّه يعيش حياة «المشاهير»، لكن هذا وَهْم».
وختمت الخليل حديثها قائلة: «يجب على الشخص أن يعيش حياة واقعيّة ويكتفي بعدد مقبول من المعجبين والأصدقاء وألّا يطمح إلى الحصول على المئات منهم، وإلّا أصبح مُضطرباً نفسيّاً، فمعظم الأشخاص يظنّون أنّهم يعيشون حياة اجتماعيّة، لكنّ الواقع يكون أنّهم يعيشون في عزلة. وعلينا الحفاظ على العلاقات الفعليّة والملموسة والواقعيّة لكي نكون أشخاصاً أسوياء».
ماريانا أبي يونس - الجمهورية 3\7\2014
إرسال تعليق