شكل موقف العماد ميشال عون الاخير المتضمن عرضاً بتعديل الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية من الشعب اشارة منعطف من مرحلة الى مرحلة أخرى تحمل في طيّاتها الولوج في نفق مظلم قد تفلت الامور من عقاله باتجاه الفوضى العارمة ان لم يكن اندلاع اقتتال وسط منطقة مشتعلة بشتى أنواع الحروب المدمرة.
فالعماد عون باعلانه هذا، يكون قد اسدل الستارة أمام مرحلة انطوت صفحتها، فشل خلالها بفرض نفسه مرشحاً حتمياً للوصول الى كرسي الرئاسة، معلناً انطلاقة لمعركة جديدة – من نوع آخر – عنوانها "تعديل الدستور" و"انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة" اسوة بالانظمة الرئاسية في بعض دول العالم.
ماذا يعني اعلان عون؟
مفاد طرحه تغيير خطته السياسية، اسوة بما يفعله القادة العسكريون الميدانيون، واعداد خطة أخرى هجومية ترمي الى السعي بوسيلة معينة لتحقيق الهدف عينه، انما بوسيلة وطرق مختلفة بحيث يصار للوصول الى الهدف المنشود مع صرف النظر عن الخطة الاولى، وهي الخطة "أ" التي اعتمدها عون والمعلومة من الجميع.
فالخطة البديلة تقضي بتعديل الدستور عبر تأمين عدد كاف من النواب لتعديله بحيث يصار الى اقرار بند دستوري يجيز انتخاب رئيس للجمهورية مباشرة من الشعب عبر مرحلتين – على النحو الذي يقترحه عون، وهو وفق حساباته بالتأكيد عملية مضمونة النتائج طالما هو على يقين أن أكثرية الشعب اللبناني سوف يصوّت لصالحه كمرشح للرئاسة.
لكن هذا الطرح دونه مخاطر كبرى مختلفة سوف تنسف كل الجهود والمساعي لابقاء لبنان موحداً ومحافظاً على الحد الادنى لاستقراره، لكونه سيشكل قنبلة موقوتة تفجّر كماً هائلاً من الصراعات الحزبية والطائفية والمذهبية والعقائدية وتلك هي تداعيات فتح هكذا اقتراح:
- انه يفتح شهية كل من يسعى الى تعديل الدستور وابداء اقتراح أم مطلب أم يسعى الى تحسين موقعه السياسي والطائفي.
- انه يمثل مادة متفجرة ستتسبب باشعال الاقتتال وتعميم الفوضى في البلاد وزيادة الاحتقان وتنامي الاحقاد كما يشكل ذريعة لكل من يودّ كسب النفوذ بطريقة أم بأخرى.
- ان الوضع الامني الدقيق والحروب في البلاد والاصطفاف الطائفي الحاضر لا يسمح برمي اية قنابل متفجرة تثير الفوضى، وكما كان عون نفسه يرضخ لتمديد المجلس النيابي، كما للقبول بحكومة توافقية لم يكن ليرضى عن بعض أعضائها، فقط لاسباب تتعلق بابعاد شبح الحرب والاقتتال، فكيف به يجيز لنفسه ابداء طرح تعديل الدستور، وهو يعلم أنه سيفجر صراعاً لن تحمد عقباه، ولن يكون باستطاعة أحد ضبطه في ظل تقارير تفيد عن تنامي الارهاب والارهابيين واستيراد الانتحاريين لخلق توترات أمنية هنا وهناك وفي ظل فراغ رئاسي يقض مضاجع اللبنانيين.
- ان طرح العماد عون كرئيس توافقي حتى الامس، لا يمكن استبداله بطرح رئيس كتلة قد يكون سبباً لتفجير حرب أهلية من جديد في لبنان، واصطفافات بين مؤيد ومعارض لدستور جديد، ولقد كانت مصر حتى الامس خير شاهد على مدى خطورة الانقلابات السياسية والعسكرية وانعكاساتها على كل من الامن والسياسة والاقتصاد.
لا يمكن أن يشكل هذا الطرح مخرجاً لفشل الوصول الى سدة الرئاسة، طالما يعتبره معظم اللبنانيين وسيلة لا هدفاً، يخدم شخصاً ولا يخدم قضية، وقد استنفدت كل الوسائل لبلوغه الكرسي.
اذا كان التمديد بالسابق يخدم اشخاصاً، ويمارس على صعيد التطبيق كتفصيل بذة على قياس شخص، فلا يمكن أن يكون تعديل الدستور على النحو المقترح لافادة وطن وقضية، سيما وأن لبنان نظامه طائفي بحت حتى الساعة، في حين أن بين النظامين البرلماني والرئاسي فارق شاسع في التطبيق والممارسة والتركيبة الدستورية، فلا يكون التعديل مخرجاً دون اقترانه بتعديلاته متوازية ومتوازنة، تفرض نظاماً رئاسياً متكاملاً في الاساس والجوهر.
أما أن يكون الطرح قنبلة دخانية للهروب الى الامام أم لذر الرماد في العيون، أم التملص من واقعة حشر ما، فلا بد أن تترك للمناقشة الجدية على مستوى الوطن وتدرس اقتراحات التعديل على كل المستويات للتحقق من مدى افادة لبنان منه ايجاباً، وان كانت سلبياته أكثر من حسناته فليهمل طالما نحن في مرحلة مخاض عسير، ولسنا في مرحلة استقرار فعلي، والشواهد الردود العنيفة الرافضة لهذا الطرح والتي تنبىء بفراغ أخطر من الفراغ الذي نحن فيه.
أما بعد، فلم تكن ردود قوى الثامن من آذار الا خجولة على الطرح ان لم تكن شبه معدومة، ولو كانت مؤيدة له، فهناك الخطورة بحيث سوف يكون ثابتاً استحضار انقسام عمودي آخر على ما نحن نعاني منه في لبنان.
يكفي لبنان مواد سامة تطرح على موائد القرار، تضرّ أكثر ما تفيد في هذه الظروف الحالكة التي نعيش، تستجلب الصراعات البغيضة وتنمي الحقد في النفوس، لتضيف الى العشرات من الملفات السياسية الساخنة ملفاً محشواً بالمتفجرات، بعدما شبع اللبنانيون تجارب أدمت قلوبهم ودمرت بلدهم وضربت اقتصادهم وهجرت شبابهم، ولم ينقص الا بمن يجاهر بالتضحية باشهر أو بسنوات من الفراغ في سدة الرئاسة بما يذكرنا بأزمنة "الفوضى أم الاذعان".
ألا أبقى لبنان بمعزل عن النكايات والاحقاد والاستهدافات المشبوهة على حلبة صراعات تشبه حقل تجارب وهي أبعد عن شعور أبطالها ومروجيها عن الحس الوطني الصميم.
فالعماد عون باعلانه هذا، يكون قد اسدل الستارة أمام مرحلة انطوت صفحتها، فشل خلالها بفرض نفسه مرشحاً حتمياً للوصول الى كرسي الرئاسة، معلناً انطلاقة لمعركة جديدة – من نوع آخر – عنوانها "تعديل الدستور" و"انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة" اسوة بالانظمة الرئاسية في بعض دول العالم.
ماذا يعني اعلان عون؟
مفاد طرحه تغيير خطته السياسية، اسوة بما يفعله القادة العسكريون الميدانيون، واعداد خطة أخرى هجومية ترمي الى السعي بوسيلة معينة لتحقيق الهدف عينه، انما بوسيلة وطرق مختلفة بحيث يصار للوصول الى الهدف المنشود مع صرف النظر عن الخطة الاولى، وهي الخطة "أ" التي اعتمدها عون والمعلومة من الجميع.
فالخطة البديلة تقضي بتعديل الدستور عبر تأمين عدد كاف من النواب لتعديله بحيث يصار الى اقرار بند دستوري يجيز انتخاب رئيس للجمهورية مباشرة من الشعب عبر مرحلتين – على النحو الذي يقترحه عون، وهو وفق حساباته بالتأكيد عملية مضمونة النتائج طالما هو على يقين أن أكثرية الشعب اللبناني سوف يصوّت لصالحه كمرشح للرئاسة.
لكن هذا الطرح دونه مخاطر كبرى مختلفة سوف تنسف كل الجهود والمساعي لابقاء لبنان موحداً ومحافظاً على الحد الادنى لاستقراره، لكونه سيشكل قنبلة موقوتة تفجّر كماً هائلاً من الصراعات الحزبية والطائفية والمذهبية والعقائدية وتلك هي تداعيات فتح هكذا اقتراح:
- انه يفتح شهية كل من يسعى الى تعديل الدستور وابداء اقتراح أم مطلب أم يسعى الى تحسين موقعه السياسي والطائفي.
- انه يمثل مادة متفجرة ستتسبب باشعال الاقتتال وتعميم الفوضى في البلاد وزيادة الاحتقان وتنامي الاحقاد كما يشكل ذريعة لكل من يودّ كسب النفوذ بطريقة أم بأخرى.
- ان الوضع الامني الدقيق والحروب في البلاد والاصطفاف الطائفي الحاضر لا يسمح برمي اية قنابل متفجرة تثير الفوضى، وكما كان عون نفسه يرضخ لتمديد المجلس النيابي، كما للقبول بحكومة توافقية لم يكن ليرضى عن بعض أعضائها، فقط لاسباب تتعلق بابعاد شبح الحرب والاقتتال، فكيف به يجيز لنفسه ابداء طرح تعديل الدستور، وهو يعلم أنه سيفجر صراعاً لن تحمد عقباه، ولن يكون باستطاعة أحد ضبطه في ظل تقارير تفيد عن تنامي الارهاب والارهابيين واستيراد الانتحاريين لخلق توترات أمنية هنا وهناك وفي ظل فراغ رئاسي يقض مضاجع اللبنانيين.
- ان طرح العماد عون كرئيس توافقي حتى الامس، لا يمكن استبداله بطرح رئيس كتلة قد يكون سبباً لتفجير حرب أهلية من جديد في لبنان، واصطفافات بين مؤيد ومعارض لدستور جديد، ولقد كانت مصر حتى الامس خير شاهد على مدى خطورة الانقلابات السياسية والعسكرية وانعكاساتها على كل من الامن والسياسة والاقتصاد.
لا يمكن أن يشكل هذا الطرح مخرجاً لفشل الوصول الى سدة الرئاسة، طالما يعتبره معظم اللبنانيين وسيلة لا هدفاً، يخدم شخصاً ولا يخدم قضية، وقد استنفدت كل الوسائل لبلوغه الكرسي.
اذا كان التمديد بالسابق يخدم اشخاصاً، ويمارس على صعيد التطبيق كتفصيل بذة على قياس شخص، فلا يمكن أن يكون تعديل الدستور على النحو المقترح لافادة وطن وقضية، سيما وأن لبنان نظامه طائفي بحت حتى الساعة، في حين أن بين النظامين البرلماني والرئاسي فارق شاسع في التطبيق والممارسة والتركيبة الدستورية، فلا يكون التعديل مخرجاً دون اقترانه بتعديلاته متوازية ومتوازنة، تفرض نظاماً رئاسياً متكاملاً في الاساس والجوهر.
أما أن يكون الطرح قنبلة دخانية للهروب الى الامام أم لذر الرماد في العيون، أم التملص من واقعة حشر ما، فلا بد أن تترك للمناقشة الجدية على مستوى الوطن وتدرس اقتراحات التعديل على كل المستويات للتحقق من مدى افادة لبنان منه ايجاباً، وان كانت سلبياته أكثر من حسناته فليهمل طالما نحن في مرحلة مخاض عسير، ولسنا في مرحلة استقرار فعلي، والشواهد الردود العنيفة الرافضة لهذا الطرح والتي تنبىء بفراغ أخطر من الفراغ الذي نحن فيه.
أما بعد، فلم تكن ردود قوى الثامن من آذار الا خجولة على الطرح ان لم تكن شبه معدومة، ولو كانت مؤيدة له، فهناك الخطورة بحيث سوف يكون ثابتاً استحضار انقسام عمودي آخر على ما نحن نعاني منه في لبنان.
يكفي لبنان مواد سامة تطرح على موائد القرار، تضرّ أكثر ما تفيد في هذه الظروف الحالكة التي نعيش، تستجلب الصراعات البغيضة وتنمي الحقد في النفوس، لتضيف الى العشرات من الملفات السياسية الساخنة ملفاً محشواً بالمتفجرات، بعدما شبع اللبنانيون تجارب أدمت قلوبهم ودمرت بلدهم وضربت اقتصادهم وهجرت شبابهم، ولم ينقص الا بمن يجاهر بالتضحية باشهر أو بسنوات من الفراغ في سدة الرئاسة بما يذكرنا بأزمنة "الفوضى أم الاذعان".
ألا أبقى لبنان بمعزل عن النكايات والاحقاد والاستهدافات المشبوهة على حلبة صراعات تشبه حقل تجارب وهي أبعد عن شعور أبطالها ومروجيها عن الحس الوطني الصميم.
المحامي لوسيان عون - منبر "ليبانون تايم" 3\7\2014
إرسال تعليق