في المباراة التي خاضتها المانيا والجزائر، انحاز اللبنانيون والعرب من مؤيدي منتخب البرازيل في مباريات كأس العالم، الى الجزائر، وفاضت عبارات التأييد عبر "فايسبوك" و"تويتر" انطلاقاً من موقف تضامن عربي. أما الاشادة عبر قنوات "الجزيرة" فتجاوزت العروبة الى الاسلام، كأن المباراة وجه من وجوه الصراع المذهبي - الديني ما بين الطوائف. وقد سألت في اليوم التالي احدهم: "ماذا لو كانت البرازيل هي التي تلعب محل المانيا، هل كنت لتقف مع الجزائر وتتحمس لفريقها؟". أجاب: "لا، مع البرازيل دائماً". عندها اجبته "بئس عروبتكم هذه المتبدّلة المتلوّنة التي تستعمل في المواسم وفق اهواء اصحابها".
العروبة الحق في مسيرتها كانت حالة متقدمة لشعوب هذه المنطقة، تشبه المواطنة والأممية والشعوبية، وكل حالات الانتماء الاوسع مدى من المذهب والطائفة، والحي والعشيرة والقبيلة والعائلة.
العروبة تلك تبدلت مع الزمن، ولم تتمكن من الصمود في مواجهة الانتماءات المتعددة الاخرى. فالانتماء الى مصر "أم الدنيا" صار أقوى من عروبة لم تتمكن من جعل المصري القبطي مواطناً في الدرجة الاولى، يتساوى في الحقوق والواجبات مع مواطنه المسلم.
وانتماء الخليجيين الى دول الخليج العربي ومجلسه للتعاون يتقدم ولاءهم للعروبة ككل. وقضية فلسطين، التي شكلت محور القضايا العربية صارت في خبر كان.
و"بعث" العراق العلماني لم يصمد أمام همجية المجموعات التكفيرية والارهابية السنية والشيعية، التي تقاتلت في ما بينها، وقضت على تنوع كبير يضم الكلدان والاشوريين. ولم ينجُ سوى الاكراد لانهم اقاموا كيانهم الخاص.
والبعث السوري ايضاً فشل في ردم هوة الفروق ما بين السوريين، اذ في أول محنة ظهرت التناقضات، وانقسم السوريون بحسب انتماءاتهم المذهبية.
هكذا اثبت الاسلام تفوقه على العروبة، او انه لا يتعايش مع قيم من خارجه، وهو كقيمة إلهية منزلة، (مثل الاديان الأخرى) لا يمكنه الا القضاء على كل من يختلف معه في المبادىء والقيم، وحتى في العادات والممارسات اليومية.
وإذا كان متوقعاً للعروبة ان تصمد أمام محاولات التفرقة المذهبية، فإنها تهالكت سريعاً، بل لنقل انها تراجعت مع الزمن.
في اليومين الماضيين، ومع مباريات كأس العالم، ظهرت عروبة رهن الطلب، أداة نخرجها من المخبأ كلما احتجنا إليها. لكننا نعود لنطمسها اياماً وليالي، لتطل علينا "داعش"، والمقاومة الاسلامية، ولتعم الهيمنة العثمانية تارة، والفارسية طورا.
ليست المشكلة في العروبة بذاتها، بل في العرب الذين لم يطوروا الفكرة، بل وثقوا ارتباطها بالاسلام لتصير في وحدة معه، وتفقد معناها.
غسان حجار - النهار 3\7\2014
العروبة الحق في مسيرتها كانت حالة متقدمة لشعوب هذه المنطقة، تشبه المواطنة والأممية والشعوبية، وكل حالات الانتماء الاوسع مدى من المذهب والطائفة، والحي والعشيرة والقبيلة والعائلة.
العروبة تلك تبدلت مع الزمن، ولم تتمكن من الصمود في مواجهة الانتماءات المتعددة الاخرى. فالانتماء الى مصر "أم الدنيا" صار أقوى من عروبة لم تتمكن من جعل المصري القبطي مواطناً في الدرجة الاولى، يتساوى في الحقوق والواجبات مع مواطنه المسلم.
وانتماء الخليجيين الى دول الخليج العربي ومجلسه للتعاون يتقدم ولاءهم للعروبة ككل. وقضية فلسطين، التي شكلت محور القضايا العربية صارت في خبر كان.
و"بعث" العراق العلماني لم يصمد أمام همجية المجموعات التكفيرية والارهابية السنية والشيعية، التي تقاتلت في ما بينها، وقضت على تنوع كبير يضم الكلدان والاشوريين. ولم ينجُ سوى الاكراد لانهم اقاموا كيانهم الخاص.
والبعث السوري ايضاً فشل في ردم هوة الفروق ما بين السوريين، اذ في أول محنة ظهرت التناقضات، وانقسم السوريون بحسب انتماءاتهم المذهبية.
هكذا اثبت الاسلام تفوقه على العروبة، او انه لا يتعايش مع قيم من خارجه، وهو كقيمة إلهية منزلة، (مثل الاديان الأخرى) لا يمكنه الا القضاء على كل من يختلف معه في المبادىء والقيم، وحتى في العادات والممارسات اليومية.
وإذا كان متوقعاً للعروبة ان تصمد أمام محاولات التفرقة المذهبية، فإنها تهالكت سريعاً، بل لنقل انها تراجعت مع الزمن.
في اليومين الماضيين، ومع مباريات كأس العالم، ظهرت عروبة رهن الطلب، أداة نخرجها من المخبأ كلما احتجنا إليها. لكننا نعود لنطمسها اياماً وليالي، لتطل علينا "داعش"، والمقاومة الاسلامية، ولتعم الهيمنة العثمانية تارة، والفارسية طورا.
ليست المشكلة في العروبة بذاتها، بل في العرب الذين لم يطوروا الفكرة، بل وثقوا ارتباطها بالاسلام لتصير في وحدة معه، وتفقد معناها.
غسان حجار - النهار 3\7\2014
إرسال تعليق