0
لن يتأخر الوقت على العماد ميشال عون، حتى يلمس ان طرحه في ما خصّ تعديل الدستور لانتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب، لا يمكن ان تكتب له الحياة، على اقلّه في المديين الحالي والمتوسط، لألف سبب وسبب، اولها في الشكل وآخرها في التوقيت، دون ان نتوقف حتى عند الهدف والمضمون، اللذين يلزمهما الكثير من الحبر والكلام، ليس فقط تسويف هذا الطرح لدى المسيحيين، بل لاقناع المسلمين، جميع المسلمين، دون استثناء بصوابية الطرح الذي يتلاءم مع المزاج الشعبي اللبناني في الدرجة الأولى، والمتعذّر تحقيقه في وسط الالتهاب الطائفي والمذهبي الذي يكوي العالم العربي بكامله من جهة ثانية، ويلفح لبنان من خلال الحدود، والبؤر النائمة في الداخل، والبؤر الحاضنة، حتى ولو كان تأثيرها محدوداً في الوقت الحاضر، بانتظار الشرارة التي تولع الفتنة والحرب.
ومن حسن الفطن، لدى الجنرال، واي شخصية مسيحية او وطنية اخرى، ان يتأكدوا ان خسارة او اضعاف اي منصب مسيحي او مسلم، عن طريق التعطيل المخلوط بالنكايات والمصالح الخاصة، سينعكس سوءاً وسلباً على صيغة العيش المشترك، وعلى تماسك الدولة وهيبتها، وعلى سمعة لبنان في الخارج، والدليل الكبير المفحم على صحّة هذا القول، الانعكاسات السيئة التي تبرز داخليا من خلال تدهور الاقتصاد وضعف الأمن، وخارجياً بترك اللبنانيين يقلّعون شوكهم بأيديهم، وينتظرون ساعة سقوط لبنان في خانة الدول الفاشلة، دون ان يمدّوا له يد العون حتى في المساعدة على انتخاب رئيس جديد، يمكن ان يعيد الثقة بلبنان وباقتصاده ودوره، مثلما كان على عهد الرئيس الاستثنائي العماد ميشال سليمان، واذا اضفنا الى العوامل السلبية هذه، عاملاً آخراً مهماً، حتى ولو كان معنوياً، كمثل تجاهل نداءات المطارنة الموارنة، ورغبة سيد بكركي البطريرك بشاره الراعي، بوجوب تقديم انتخاب رئيس الجمهورية على ما عداه من المطالب والطروحات والاستحقاقات الاخرى، يمكن عندها ان تتحقق من مدى تأثير تفكك الروابط المتينة التاريخية التي كانت تشدّ العائلات الروحية بعضها مع بعض، وكذلك الروابط التي تشدّ العائلات ضمن الطائفة الواحدة والمذهب الواحد، ما يمكن ان يهدد بقيام تفسّخ شامل في المجتمع اللبناني الواحد، خصوصاً غير المفترقات والخيارات الوطنية الكبيرة، كمثل الدخول في خلافات حول الهوية والانتماء والحقوق وتعديل الدستور والمثالثة والغاء الطائفية السياسية، وطرح العماد عون بالامس واحد من هذه الامور الخلافية التي تحتاج الى تشاور وتفاهم وحوار، مسيحي - مسيحي أولاً، ومسيحي - اسلامي ثانيا، في المكان والزمان المناسبين، وليس أنسب من قصر بعبدا مكاناً للحوار والتفاهم وبرعاية رئيس للجمهورية يكون اباً للجميع وضابطاً للجميع تحت سقف الدولة ومؤسساتها ودستورها وقرارها السيّد الحرّ.

* * * *
 
بدلاً من اطلاق طرح خلافي بامتياز، على اعتبار ان المسلمين بمجموعهم، يسبقون المسيحيين الى رفض طرح انتخاب رئيس للجمهورية عن طريق الشعب، لماذا لا يتم العمل الجدّي على استكمال ما نصّ عليه اتفاق الطائف، تنفيذ اللامركزية الادارية الموسّعة - الغاء الطائفية السياسية - انشاء مجلس للشيوخ يبت بالقضايا الاساسية الخلافية - انتخاب مجلس للنواب خارج القيد الطائفي للاهتمام بقضايا الناس الحياتية والامنية والاجتماعية والاقتصادية، وتفعيل المجالس التي نصّ عليها الدستور ويتم تهميشها مثل المجلس الدستوري والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، والنجاحات في مثل هذه الميادين، هي التي تكوّن صورة الرئيس القوّي، لانها هي الاعمدة القوية التي تحمل الدولة القويّة، ولنا في الرئيس اللواء فؤاد شهاب خير مثل على الرئيس القويّ بالمؤسسات التي بناها واوجدها وما زال اللبنانيون يفخرون بها بعد اكثر من خمسين سنة على انشائها.
مرتا.. مرتا تهتمين بأمور كثيرة والمطلوب واحد الآن وهو انتخاب رئيس للجمهورية، والباقي تفاصيل قابلة للحوار.

فؤاد أبو زيد - الديار 3\7\2014

إرسال تعليق

 
Top