تجري غداً مراسم تنصيب المشير عبد الفتاح السيسي رئيساً لجمهورية مصر العربية، بعد فوزه الساحق في الانتخابات الرئاسية. وتهرع دول كثيرة في العالم للمباركة للسيسي بهذا الفوز، ومحاولة الظهور بموقف الداعم له، من خلال المشاركة في حفل تنصيبه.
ويبدو أن إسرائيل هي أول الخاسرين للمشاركة في هذا الحفل، بسبب تجنب مصر دعوتها إلى حضوره.
وتلقت إسرائيل بغير رضى الأنباء التي تحدثت عن أن مصر لن تدعو كلاً من تركيا وقطر وتونس وإسرائيل للمشاركة في حفل تنصيب السيسي. وربما تحول شعور عدم الرضى هذا إلى قلق وغضب، بعدما أذيع أن مصر دعت إيران إلى المشاركة في حفل التنصيب.
وازداد هذا القلق بعدما جرت اتصالات مكثفة في الأيام الأخيرة، وفق موقع «والا» الإخباري، خرجت منها إسرائيل بانطباع أن «الأجواء إيجابية» وأن مصر ستقدم للسفارة الإسرائيلية في القاهرة دعوة لحضور المراسم.
وبحسب الموقع، فإن النقاش في إسرائيل حول مستوى المشاركة لم يعد مجدياً، وانه إذا وجهت الدعوة في وقت متأخر، فإن من سيمثل إسرائيل في المراسم سيكون الملحق في السفارة الإسرائيلية أرييل شيبرنسكي.
ولم تخف إسرائيل فرحتها لسقوط حكم «الإخوان المسلمين» في مصر، بعدما كانت تروج طوال الوقت بأن ما تشهده المنطقة ليس «ربيعاً عربياً» وإنما هو «خريف إسلامي».
وتعاملت إسرائيل مع إطاحة حكم «الإخوان» على أنه أمر إيجابي، وعمدت إلى تشجيع الإدارة الأميركية على قبول الواقع الجديد. كما رحبت إسرائيل بموقف السيسي ـ عندما كان مرشحاً ـ من «معاهدة السلام» معها، حيث اعتبر السلام ذخراً إستراتيجياً لمصر.
ولاحظت مراسلة الشؤون العربية في «يديعوت أحرونوت» سمدار بيري أن مسؤولين مصريين يعزون عدم دعوة أي من المسؤولين الإسرائيليين لحضور حفل تنصيب السيسي إلى «أسباب فنية»، فالسفير الإسرائيلي الجديد، حاييم كورن، موجود في القاهرة، لكنه لم يقدم بعد أوراق اعتماده للرئيس المصري. والبرتوكول الديبلوماسي المتشدد يحظر عليه المشاركة في احتفالات رسمية من هذا النوع.
من جهته، اعتبر معلق الشؤون العربية في «هآرتس» تسفي بارئيل أنه بوسع إسرائيل وتركيا وقطر أن تنظم لنفسها حفلاً بديلاً لتنصيب الرئيس المصري، لأن هذه الدول الثلاث ليست مدعوة للمشاركة في حفل التنصيب الرسمي.
وحاول بارئيل الإيحاء بأن موقف مصر من تركيا وقطر، اللتين حافظتا على علاقتهما مع «الإخوان المسلمين»، ونددتا بإطاحة حكمهم، يوفر نوعاً من العزاء لإسرائيل.
ولكن هذا العزاء لا يعوض البتة دعوة مصر لإيران، والتي لم تكن لتتم، وفق بارئيل، من دون موافقة سعودية. وربما أن هذا مصدر قلق آخر لإسرائيل التي ترى في دعوة إيران نوعاً من تقارب الدول العربية، خصوصاً السعودية ومصر، معها.
وفي هذا السياق، أشار بارئيل إلى دعوة وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل نظيره الإيراني محمد جواد ظريف إلى زيارة الرياض، وزيارة أمير الكويت صباح الأحمد الصباح الأخيرة لطهران، في إطار وساطة بين السعودية وإيران.
وإذا حدث وشارك الرئيس الإيراني حسن روحاني في حفل التنصيب، فسيكون ثاني رئيس إيراني يزور مصر بعد محمود أحمدي نجاد خلال ثلاثة عقود ونصف العقد.
وخلص بارئيل إلى أن «السيسي كان ربما سيدرس دعوة إسرائيل إلى مراسم التنصيب لو أن أحداً بمنصب رفيع كان قد هنأه بالفوز بالرئاسة. فقد سبق لنتنياهو أن هنأ مرسي وتمنى له النجاح».
وأمس، للمرة الأولى منذ انتهاء الانتخابات المصرية تحدث مسؤول رسمي إسرائيلي مع السيسي. وهنأ كل من الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هاتفياً الرئيس المصري المنتخب.
وأشار بيريز في مكالمته إلى أن «إسرائيل ملتزمة بالحفاظ على اتفاقيات السلام بين إسرائيل ومصر وتعزيز التعاون بينهما في كل الميادين».
وتمنى بيريز لمصر الازدهار والنجاح، معرباً عن أمله بأن يقود الرئيس السيسي الشعب المصري نحو تحقيق إنجازات كبيرة. وقد شكر السيسي بدوره بيريز ونتنياهو على هذه التهنئة.
تجدر الإشارة إلى أن الصحافة الإسرائيلية تتحدث عن توسيع التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل بعد سقوط حكم «الإخوان»، وذلك نتيجة ما يجري من عمليات إرهابية في سيناء. وقد أعربت إسرائيل عن تثمينها للجهد المصري خصوصاً في إغلاق الأنفاق والحملة ضد حركة حماس.
وكان الباحث في «مركز دراسات الأمن القومي» إفرايم كام، قد أشار في تحليله لنشرة «نظرة على» إلى أن «انتخاب السيسي هو الاحتمال الأفضل لإسرائيل. وبالتأكيد فإنّ حكمه أفضل من حكم الإخوان، الذين كانت مقاربتهم الأساسية لإسرائيل معادية، كما أن منافسه، حمدين صباحي، ابدى تحفظاً تجاه إسرائيل وأعلن دعمه لحركة حماس. وفي مقابل هؤلاء، فإنّ السيسي يعرض السلام مع إسرائيل كذخر إستراتيجي لمصر، ولا يشكك بضرورته، وقد أعلن صراحة أنه سيحترم اتفاق السلام».
ومع ذلك، فإن إيلي أفيدار، الذي عمل في الماضي مستشاراً لأرييل شارون، كتب قبل أشهر في «معاريف» أن «السيسي، مثل (الرئيس المخلوع حسني) مبارك وربما أكثر منه، ليس صديقاً لإسرائيل. وهو ليس صديق الولايات المتحدة، ويصعب العثور على حليف طبيعي له خارج القاهرة. السيسي وطني من النوع الذي تنجبه مصر من أواسط القرن الماضي. ومنذ تولى السلطة تعاون مع إسرائيل حينما توافق التنسيق مع المصالح الوطنية المصرية، لكنه سمح بانتقاد فظ لإسرائيل ونشر قضايا تجسس واهمة في توقيت مناسب للإيحاء للشعب المصري بأنه ليس حليفاً لإسرائيل أو واشنطن، وبالتالي فإنه ليس خاضعا لهما».
وأشار أفيدار إلى أهمية «ألا تتعامل إسرائيل مع ما يجري في مصر لا بروح الفرحة الطاغية ولا بشعور اقتراب الكارثة، حيث ستظل العلاقات بين مد وجزر. ولذلك لا ينبغي عناق الرئيس المصري حتى لا يتحول العناق إلى عبء عليه وعلى حكومته في الشارع، وأيضاً عدم ضعضعة العلاقات»، داعياَ إلى أن «لا تطلب إسرائيل من يهود الولايات المتحدة ومنظماتهم معانقة السيسي. فمثل إسرائيل، المحبة الزائدة عن اللزوم من جانب واشنطن ليست هدية إيجابية في القاهرة».
حلمي موسى - السفير 8\6\2014
حلمي موسى - السفير 8\6\2014
إرسال تعليق