تُعرف ظهيرة الحبوش الأيوبي بأم رضوان، وهي أكبر معمرة في عفصديق والكورة، وما زالت تتمتع بصحة جيدة ونشاط قلّ نظيره عند مجايليها.
لا ترضى أم رضوان أن يخدمها أحد، وتتمنى أن لا تعيش إلى ذلك اليوم الذي تعذبها فيه الشيخوخة. فهي راضية وسعيدة بحياتها طالما هي تخدم نفسها وغيرها، والجميع يحبها ويزورها.
أكثر ما تعتز به أم رضوان هو محبة الناس لها، لذلك ما زالت تقوم بزيارات للأصدقاء في عفصديق وخارجها بالرغم من سنها، وقد تجاوز عمرها الـ105 أعوام.
تزوجت أم رضوان باكراً، بعمر 13 سنة، وكانت تتمنى أن تبقى تلعب مع بنات عمّها في بدبهون، وتتزوج بعمر أكبر، إلا أنّ سفر والدها، وبقائها وحيدة مع والدتها، وخسارة عائلتها أملاكها بسبب وضع وكيل عليها أيّام الحكم العثماني، وبيعه جميع أرزاق العائلة التي كانت تقارب ثلثي أراضي البلدة، دفع بوالدتها إلى تشجيعها على الزواج. وهي اليوم غير نادمة على زواجها، بل راضية، وشاكرة الله على كل ما منحها إياه، ولاسيما أنّ عائلتها مكونة من أربعة شبّان وفتاتين ولكل منهم عائلة وأحفاد، إلّا الابن الأصغر محمد الذي يسكن معها في بيت العائلة، وقد تجاوز السبعين من العمر ولم يتزوّج.
تتمتع أم رضوان بهمة ونشاط لافتين، فهي تقوم كل صباح بتنظيف المنزل وتحضير الطعام واستقبال الضيوف وتحضير القهوة، بالرغم من أنّ ابنها محمد لا يريدها أن تقوم بالأعمال المتعبة والصعبة حفاظاً على صحتها، لكنها تتحين فرصة غيابه لتقوم بكل مهمات المنزل، إذ أنّها لا تستطيع الجلوس والراحة قبل إتمام أعمال المنزل كلّها.
وفي حين أنّها لم تخضع لأي عملية جراحية، ولا تعاني من أمراض مستعصية، فإنها تسير من دون عصا، ولا تضع نظارات طبية، وسمعها جيد، وهو أفضل من سمع ابنها محمد، وفق قولها. ترى أنّ سبب عافيتها يعود للمحافظة على نظام غذائي أساسه اللبن، فتنوّع المأكولات لا يغريها على الموائد، وهي تأكل صنفاً واحداً إن كانت في منزلها أو ضيفة عند معارفها، وهي لا تشرب الماء أثناء الأكل بل بعده بنحو ربع ساعة على أقل تقدير. وتعتبر أن المشاكل الصحية كلها سببها المأكولات غير الصحية وغير المنظمة على وجبات ثلاث محددة.
تعتز أم رضوان بما صنعته يداها من أشغال يدوية طوال سنوات، وهي كانت تبيع قسماً منها وقسماً آخر تهديه حتى لم يبق لديها أي قطعة من أشغال «الصنارة» أو «الصوف».
وهي تتذكّر زمن الاحتلال العثماني وقسوته، إلّا أنّها سرعان ما تردّد مقدّمة لأغنية حفظتها لدى خروج الأتراك ودخول الجيوش الفرنسية، ومطلعها: «إجانا خبر من باريس أنو فرنسا منصورة».
لم تكن تتوقع أم رضوان أن تعيش إلى عمر يفوق المئة. فكل صديقات العمر رحلن. وهي تصلي أن لا تحتاج إلى أحد حتى نهاية عمرها». وتتمنى ألّا تعيش لتسمع أحداً يقول لها: «ما إلنا طشم عليك»، أي أن يعبّر أحد عن ضجره منها.
فاديا دعبول - السفير 8\6\2014
فاديا دعبول - السفير 8\6\2014
إرسال تعليق