0
تؤكد مصادر ديبلوماسية، أن ليس من مصلحة لبنان أن يأخذ موضوع النزوح السوري إليه، بُعداً سياسياً، والتعامل معه على هذا الاساس. بل انّ المصلحة تقتضي أن تتم معالجة هذا الموضوع وتداعياته السياسية والأمنية والاقتصادية وعقلية التعاطي معه، في ظل وجود دعم دولي لمساعدة النازحين من جهة، ودعم دولي كبير للحكومة اللبنانية للحفاظ على الاستقرار، من جهة ثانية.

لبنان في الأساس لم يطلق صفة اللجوء على أي لاجئ سوري، إنّما جاء إطلاق صفة اللاجئ بناء على تصنيف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، لذا ليس للبنان بالتالي آلية في هذا الشأن، وبالتالي اعتمدت صفة اللاجئ لأنّ الأمم المتحدة وصفته على هذا الأساس، لا سيما وأنّ لبنان غير موقّع على معاهدة جنيف 1951 حول اللاجئين. وقد اعتبرت المفوضية كل مَن يحمل إقامة مؤقتة ويحصل على مساعدات وهناك استحالة في عودته لأسباب أمنية ومخاطر تطاله، لاجئاً. لبنان سجّل اللاجئين على أنّهم لاجئون على هذا الأساس ويشرف على منحهم المساعدات.

لذلك فإنّ الأفكار الرئيسية للخطّة التي وضعتها اللجنة الوزارية المصغرة برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وعضوية وزراء الخارجية والمغتربين، والداخلية والبلديات، والشؤون الاجتماعية، تضمّنت أربعة عناصر. الأوّل ربط قبول النزوح أو اللجوء بوجود عمليات عسكرية قريبة من الحدود، بحيث أنّ المناطق التي لا تشهد عمليات لا يمكن قبول نزوح منها إلى لبنان. والثاني إسقاط صفة النازح عن كل مَن يخرج من لبنان إلى سوريا ويحق له الدخول إلى لبنان كسوري عادي، ولا يمكن اعتباره نازحاً. والثالث أن يتم البحث مع المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في تحديد مَن هو النازح. ورابعاً المباشرة باتصالات لتوفير تجمّعات سكنية للاجئين السوريين داخل سوريا أو في المناطق العازلة، وهذا يحتاج إلى جهد من الخارج، ويتم العمل الآن على تنفيذ هذه العناوين.

وتأتي عناوين هذه الخطة في اطار الآلية التي وضعتها الحكومة والتي تهدف أوّلاً إلى تثبيت عدد السوريين النازحين إلى لبنان والحؤول دون زيادته، ثم العمل لخفض هذا العدد عبر إجراءات يمكن اتخاذها في مقدمها التحديد بشكل فعلي مَن هو النازح، إذ ليس كل مَن يقول إنّه نازح يجب اعتباره كذلك، لأنّ هناك نزوحاً إنسانياً حقيقياً، ونزوحاً اقتصادياً لكسب مساعدات مالية وعينية. ذلك أنّه يجب تحديد مَن يستحق فعلياً أن تطبق عليه صفة النازح، وغير النازح يتم التعامل معه على أساس سوري عادي يحتاج إلى إقامة.

واحدى الاشكاليات بين لبنان والمفوضية هي تحديد النازح، وبالتالي لبنان يتخذ إجراءات من جهته توجب تحديد مَن هذا النازح. فآلية تنظيم وجود النازحين السوريين في لبنان توجب ذلك، لا سيما وأنّ لبنان لم ينظم الموضوع سابقاً، كما هي الحال في تركيا والاردن. وبالتالي يجب تحديد مَن هو نازح ومَن هو غير نازح خصوصاً وأنّ حدود لبنان مفتوحة.

ويعتبر لبنان أنّه عندما يعود النازح المسجّل إلى سوريا يخسر صفة النزوح الذي يحتاج إلى رعاية. لكن يمكنه العودة بصفته سورياً عادياً. وليس هناك أي جهة في لبنان تمنع عودة السوريين إلى لبنان، لكن لا يمكن تشجيعهم على ذلك لمجرّد أنّهم يأتون ويأخذون مساعدات. ومن حق لبنان العناية أولاً بمصالح شعبه، وأي سوري يتجاوز حدود النزوح المعمول بها وفق القرارات والمواثيق والمعاهدات الدولية وآلية الحكومة ومصلحة لبنان العليا، يبطل اعتباره نازحاً. هناك عبء المليون ونصف المليون نازح سوري على الأقل من نواحٍ سياسية وأمنية واقتصادية مع عبء اربعة ملايين لبناني، ولم يعد في استطاعة لبنان تحمّل هذا العبء. والإجراءات التي يقوم بها لبنان، وفقاً للمصادر، معتمدة في كل الدول، والأمم المتحدة أوّل مؤسسة دولية تحترم القوانين والمعاهدات الدولية، ولبنان جزء لا يتجزأ من المنظومة الدولية. وفي البروتوكول الإضافي حول اللاجئين التابع للمعاهدات الدولية والصادر في 1961، فإنّ أي لاجئ يعود إلى بلده يفقد صفة اللاجئ. ولبنان لا يخالف القانون الدولي، لذا لبنان لا يمنع عودة النازحين ولكن تبطل مفاعيل بطاقة النزوح التي يحملون.

وجرى فههم خاطئ للإجراءات اللبنانية، لذا انّ المقصود ليس منع الدخول، بل إبطال صفة اللاجئ فقط. وهذا الموقف يتم توضيحه أيضاً للحكومة السورية التي استغربت الإجراءات. والموضوع يعالج بالطرق الديبلوماسية.

ثريا شاهين - المستقبل 8\6\2014

إرسال تعليق

 
Top