0
السلفية الجهادية في سوريا، ولدت من رحم جماعة الإخوان المسلمين، ففي حماة عام 1964 أسست مجموعة من أعضاء الجماعة بقيادة مروان حديد أول مجموعة مسلحة. لقد تأثر مروان حديد بأفكار سيد قطب وكان مقتنعًا بأنّ "الجهاد" هو الطريق الوحيد للتخلص من "بلاء حزب البعث". وفي سبيل ذلك، قام بتشكيل ذراع عسكريّ للجماعة، وذلك من خلال العمل المسلح مع حركة فتح الفلسطينية في قواعد الشيوخ في غور الأردن (1968-1970)، وهناك تمكّن من إعداد النخبة الأولى لتنظيمه الجهادي، الذي سماه "تنظيم الطليعة المقاتلة".

كان تنظيم الطليعة المقاتلة أول تجربة جهادية في سورية تتخذ من العنف أو الكفاح المسلح سبيلًا وحيدًا للتغيير. وقد شهد عقدا السبعينيات والثمانينيات مواجهات مسلحة بين هذا التنظيم الذي انضم إليه التنظيم العام للإخوان المسلمين عام 1980، وبين السلطة انتهت بخروج معظم قيادات التيار الإسلامي بعد موقعة حماة عام 1982. فوجد من بقي حيا من منتسبيها طريقهم إلى خارج سورية، والتحقوا بجبهات "الجهاد" المفتوحة في بقاع متعددة من العالم مثل البوسنة والشيشان، ولعل أحد أبرز وجوه تجربة مروان حديد هو أبو مصعب السوريّ والذي أصبح منظِّر الحركات الجهادية في أفغانستان والجزائر والعراق وسورية.

هذا الواقع تغيَّر بشكل كامل مع الغزو الأميركي للعراق 2003 فقد استثمر النظام السوريّ ورقة القاعدة والجهاديين بشكل جيد في فترة 2003-2008 . فجعل من سوريا ممرًا آمنًا للجهاديين إلى العراق باشراف المخابرات السورية التي قامت بإنشاء قواعد إسناد وإمداد في عدة مناطق من سوريا، وقد تولت أجهزة المخابرات وبشكل شبه علني تحت مسمى "لجان نصرة العراق" مهمة تجنيد المقاتلين السوريين، وتسهيل مرور المجاهدين القادمين من خارج سوريا إلى العراق، إضافة إلى جمع التبرعات من خلال جمعيات خيرية، وأحيانًا في مساجد الأرياف.

كما قدّمت الحكومة السورية فرصة إلى السجناء في المعتقلات وخصوصا سجن صيدنايا في الحصول على تدريبات عسكرية في سوريا، ومن ثم السفر إلى العراق لمحاربة قوات التحالف، هذه التجربة العراقيّة ساهمت في خلق جيل جديد من الجهاديين السوريين. فقد جاء السوريون في المرتبة الثانية من حيث عدد الجهاديين المتوجه للعراق، وقد عاد معظم هؤلاء إلى سوريا بعد تراجع نشاط التيار الجهادي في العراق. فأعيدوا إلى السجون، وسجن معظمهم في سجن صيدنايا العسكري شمال غرب دمشق. حيث قام النظام بتنفيذ برنامج تدريبي عملي لإعداد إسلاميين جهاديين كجزء من اختبار، ليتم استخدامهم لاحقاً في أماكن أو أوقات يحددها النظام، وهو ما بدا مناسباً مع بداية الثورة السورية حيث تمّ إطلاق سراح ما يقارب من ألف إسلامي من صيدنايا والفروع الأمنية داخل سورية، أهمهم زهران علوش قائد جيش الإسلام، وحسان عبود (أبو عبد الحموي) قائد حركة أحرار الشام، وأحمد عيسى الشيخ (أبو عيسى) قائد صقور الشام، وأخطرهم نديم بالوش الذي ظهر دوره في شمال اللاذقية في خطف ضابط من الجيش الحر من تركيا وقتله.

لقد كان النظام الأسدي موفقاً في مسألتين تبدوان متناقضتين، ولكنهما في الحقيقة متكاملتان: تصنيع الإرهابيين ليتم استخدامهم لاحقاً في أماكن أو أوقات يحددها النظام من جهة، وملاحقتهم والقبض عليهم او قتلهم من جهة ثانية، وذلك بحسب المتطلبات الإقليمية والدولية لمكافحة الارهاب وإيحاء للأمركيين أن النظام الاسدي ملتزم بتعهّده بمحاربة الإرهاب.

تيدي رشيد عواد - منبر "ليبانون تايم" 30\6\2014


إرسال تعليق

 
Top