0
ببساطة وخفّة، يتنقل الجنرال من طرح إلى بديل، من تعبئة حول ضرورة تكسير رأس الأسد ودكّ أسوار دمشق إلى تعبئة متعلقة بضرورة "تثبيت المسيحيين" من خلال الإنضواء ضمن مجموعة جيش بشار، برتبة متدنية ما دون الـ"كابورال".

من صدام حسين إلى نوري المالكي ومن حافظ إلى بشار الأسد وخيبات الرهانات العونية تتكرر، يستهِّل العماد الرئيس عون كلامه في المجلس النيابي عام 2005 مطالباً بضرورة تحديد المربعات الأمنية وهذا ما ورد في متن "الكتاب البرتقالي" مهاجماً "حزب الله" وارهابه، قبل أن يُوقِّع تفاهماً يُعطي "ولاية الفقيه" على شاطىء المتوسط الأوكسيجين المسيحي المطلوب من دون أي مردود غير شخصي لهذه الفئة الأساسيّة في التركيبة الكيانية للبنان.. النتيجة: يُدفن الـ Orange Book تحت تاسع أرض.

يصف الرئيس أميل لحود بأبشع أنواع النعوت بعد تسليمه موقع الأمن العام (المسيحي) للضابط الشيعي جميل السيد واعداً بحتمية استعادته، قبل أن يصفِّق لتعيين "الماروني" عباس ابراهيم.

يوضِّب حقيبته في الدوحة رافضاً الاتفاق على ترئيس العماد ميشال سليمان، يدخل النائب محمد رعد ويبلغه القرار الإيراني - السعودي، يعود إلى لبنان حاملاً راية ميشال سليمان، كيف لا، و"هو من نفس المدرسة ويرتدي نفس البذّة العسكرية.. قالها عون من الرابية بصوتٍ يكاد يختنق ودمعة تراقصت أمام العدسات من دون أن تسقط، قبل أن يعود ويهاجم "رفيق السلاح" من أمام باب ملحمة في بلدة نابيه المتنية واعداً بتقصير ولايته "غير الشرعية" بطريقة شعبويّة - تهريجيّة بدلاً من اعتماد الآلية البرلمانية السليمة لمسائلة الرؤساء، فيما لو دعت الحاجة.

يُهاجم قانون الستين، يهلل للمركّب، يطالِب بالنسبيّ على أساس لبنان دائرة واحدة، يتقوقع متمسكاً بالأرثوذكسي، تطير الانتخابات، يعترض شكلياً ومن ثم لا يستقيل لاجبار المجلس على انتخابات فرعية تعطي موقفه ومقامه المشروعيّة المطلوبة والمصداقيّة المفقودة.. المجلس النيابي غير شرعي يقول الجنرال.. وإذ، يطلب من هذا المجلس تعيينه (لا انتخابه) رئيساً، وإلا: لنذهب إلى تهديم الهيكل، لنطالب بانتخاب الرئيس مباشرةً من الشعب.. والشغور الرئاسي غير مُقلِق بنظره.. عادي.. فراغ ومشاوي والشباب..

استشهاد رفيق الحريري سرّع الانسحاب السوري يقول عون، ليعود ويؤكد أن الحريري هو فقيد عائلته وليس شهيد الوطن، نتفِّق مع سعد الحريري على %95 من الأمور، ومن ثُم نُسقِطه من منبر الرابية وهو يقابل الرئيس الأميركي باراك أوباما.. نقطع الـ"وان واي تيكت"، تُفتح المنابر لعمر بكري فستق وكلّ من يبرع في شتم السعوديّة ويُشكِّك في مشروعيّة تمثيل آل الحريري، نستجلب التطرف، نشيطِن الملك عبدالله بصورة كاريكاتورية على جسر جلّ الديب، نطبع "الإبراء المستحيل" قبل أن "نكتشف" أن نجيب ميقاتي هو "بن لادن" بربطة عنق، و"سعد الدين بن رفيق" هو رمز الاعتدال.. صار إسمه "الشيخ سعد". ندخِل "الإبراء المستحيل" إلى الفريزر.

وليد جنبلاط بالنسبة للبارومتر العوني مشكلة المشاكل، هو زعيم كتلة نيابية لها وهجها في لحظات التودد، وهو سارِق وقاتِل ومصادِر لأجراس الكنائس أحياناً.. وهو أيضاً: "بيضة ممودرة".

أخر صيحات الجنرال ميشال عون، كانت دعوته اليوم إلى انتخاب الرئيس مباشرةً من الشعب.. يا لها من فكرة برّاقة لدكّ أخر المعاقل المسيحيّة، أيّ "سليمٍ" هذا الذي أقنع "زعيم أنطاكية وسائر المشرق" بهذه "العبوة" اللعينة.
 
أواخر القرن الماضي، "تمرَّد" الجنرال فكان 13 تشرين وكانت كارثة دفعنا ولم نزل أثمانها الباهظة احتلالاً وقمعاً ومقاطعة وهجرة وشهداء ودماء وأسرى في سجون البطش والعار، وها هو اليوم يُكرِّر "التمرّد".. فهل من طريقة لتحطيم الهيكل غير التي طرحها العماد ميشال عون؟ كان الله بعون الموارنة وعون لبنان.. الله ينجّينا.. 

بشارة خيرالله - ليبانون تايم  30\6\2014

إرسال تعليق

 
Top