يحاول قصر بعبدا منذ بدء الشغور الرئاسي الاستمرار بالحياة بشق النفس، وتجهد مديرياته الخمس برفد شرايينه بالنشاط والحركة على الرغم من غياب القلب، أي رئيس الجمهورية، منذ ما يزيد على شهر والذي شكل طيلة ست سنوات الرأس الذي ينظم عمل الجمهورية، ويقف طرفا ثالثا بين الاصطفافات السياسية الحاصلة في البلاد، والدينامو الذي يحرك مديريات المراسم والعلاقات العامة، الامانة العامة، الشؤون القانونية والدستورية، الشؤون الاقتصادية والمالية ومديرية الاعلام إضافة الى لواء الحرس الجمهوري، الذي تكون مهمته الاولى حماية الرئيس وعائلته أثناء وجوده في القصر أو متنقلا على الاراضي اللبنانية أو في أصقاع العالم.
قد لا تكون المرة الاولى التي تصاب فيها الرئاسة الاولى بداء «الشغور»، فقد سبق لها أن عاشت هذه الحالة لأيام في عهد الرئيس بشارة الخوري عام 1952، ثم امتدت الى عام وشهر عند نهاية عهد الرئيس أمين الجميل عام 1989 ونتج عنها إتفاق الطائف، ثم في نهاية عهد الرئيس إميل لحود وبقيت البلاد بلا رئيس لمدة ثمانية أشهر ونتج عنها إنقسام البلاد بين 14 و8 آذار ثم تسوية إتفاق الدوحة، أما اليوم فالشغور في البلاد له طعم آخر، لأن جميع القوى الذين إختلفوا في الماضي، لديهم اليوم قبول ضمني بأن أمور البلاد والعباد يمكن أن تسير من دون «رأس الجمهورية».
الداخل الى قصر بعبدا يشعر بهدوء حزين، فالمديريات الخمس التي تقدم تقاريرها وحصيلة أعمالها الادارية اليوم الى رئاسة الحكومة بعد أن باتت صلاحيات الرئاسة الاولى بيدها، توثق بعملها هذا بشكل أو بآخر عدد الزوار والمناسبات التي تشهدها الرئاسة الثانية والثالثة، والتي كانت في الاساس تتشارك فيها مع رئيس الجمهورية، وكانت جميع هذه المديريات تعمل على قدم وساق يوميا إما لإستقبال زائر دولي أو دبلوماسي، أو لمتابعة الشأن الداخلي اللبناني ومناسباته السعيدة أو مشكلاته الشائكة. أما اليوم فعلى الرغم من استمرار المديرية الفنية في عملها لصيانة كل أرجاء قصر بعبدا، إلا أنها لا تقرب نافورة المياه لتشغيلها بل تبقي المياه فيها راكدة، كما تقتضي أصول البروتوكول، بإنتظار مجيء رئيس يعيدها الى سابق فورانها وحيويتها. أما في البهو الداخلي للقصر فإنضمت صورة الرئيس ميشال سليمان إلى حائط صور الرؤساء السابقين للجمهورية اللبنانية.
في قاعتَي «الاستقلال» و25 أيار» الاثاث، كما السجاد، مغطى بأقمشة خاصة لحفظه، يليهم مكتب الرئيس ثم ممر يؤدي الى مكاتب المستشارين لجهة اليمين، والمدخل المؤدي الى الجناح الرئاسي لجهة اليسار. الابواب كلها مقفلة والحراس الذين كانت مهمتهم حراسة مكتب الرئيس نقلوا الى مهمة أخرى، هي حراسة نادي الضباط القابع في أول الطريق المؤدي الى القصر. في حين انصرف مستشارو الرئيس سليمان الى حياتهم اليومية والعملية التي كانت قبل مجيئهم الى بعبدا، وخلا مكتب السفير ناجي أبي عاصي من زائريه الدبلوماسيين، الذين كانوا يحرصون على الاجتماع عنده قبل، أو بعد، أي لقاء يجمعهم مع رئيس الجمهورية، كذلك غاب النشاط عن مكتب مستشاره الإقتصادي شادي كرم الذي كان عين الرئيس الاقتصادية ونافذته على رجال المال والاعمال، نظرا الى شبكة العلاقات الواسعة التي يملكها كرم في لبنان والخارج، كما غاب الوزير السابق مروان شربل عن تقديم تقاريره الامنية للرئيس خلفا للوزير الحالي عبد المطلب حناوي. أما الوزير السابق خليل الهراوي فيقضي معظم وقته اليوم في مدينته زحلة ليس فقط للتمتع بأجواء الصيف هناك، بل حرصا على التواصل المباشر مع القاعدة الشعبية لآل الهراوي في دار السلام، خصوصا أن خيار ترشحه للنيابة لم يغب عن حساباته السياسية يوما، بل أرجأه في العام 2009 بناء لطلب الرئيس سليمان. أما مستشاره الاعلامي جورج غانم فيخبر عن العديد من المشاريع الوثائقية التي سيتفرغ لإنجازها بعد نهاية العهد. ولم يبق من فريق الرئيس سليمان سوى مدير عام رئاسة الجمهورية أنطوان شقير والمدير العام في رئاسة الجمهورية إيلي عساف.
بعد مكاتب المستشارين وقاعة مجلس الوزراء المقفلة أيضا تبدأ مكاتب المديريات الخمس، هناك يواظب الموظفون على الدوام كالمعتاد وإعداد التقارير ورفعها الى رئاسة مجلس الوزراء كل بحسب إختصاصه، بإستثناء مديرية المراسم والعلاقات العامة التي تحاول استغلال الشغور بمكننة عملها، بعد أن كانت مهمتها الاولى هي استقبال زوار الرئاسة الاولى، في حين تحرص مديرية الاعلام على إرسال التقارير الاقتصادية والدولية والسياسية يوميا الى رئاسة الحكومة. أما لواء الحرس الجمهوري فتوسعت مهامه في حفظ الامن في منطقة بعبدا وجوارها بعد أن تجمدت مهمته في حماية الرئيس.
في كل مكاتب القصر غابت صور الرئيس سليمان عن الاطارات المعلقة على الجدران كما تقتضي الاصول والقوانين، وحلت مكانها ورقة بيضاء في إطار بإنتظار رفع صورة الرئيس الجديد، وحدها غرفة تفتيش الزوار كانت صورتها مختلفة، رفعت صورة «علامة إستفهام» ربما للتدليل على القلق من إطالة فترة الشغور الذي يكتنف صدور الجميع.
قد لا تكون المرة الاولى التي تصاب فيها الرئاسة الاولى بداء «الشغور»، فقد سبق لها أن عاشت هذه الحالة لأيام في عهد الرئيس بشارة الخوري عام 1952، ثم امتدت الى عام وشهر عند نهاية عهد الرئيس أمين الجميل عام 1989 ونتج عنها إتفاق الطائف، ثم في نهاية عهد الرئيس إميل لحود وبقيت البلاد بلا رئيس لمدة ثمانية أشهر ونتج عنها إنقسام البلاد بين 14 و8 آذار ثم تسوية إتفاق الدوحة، أما اليوم فالشغور في البلاد له طعم آخر، لأن جميع القوى الذين إختلفوا في الماضي، لديهم اليوم قبول ضمني بأن أمور البلاد والعباد يمكن أن تسير من دون «رأس الجمهورية».
الداخل الى قصر بعبدا يشعر بهدوء حزين، فالمديريات الخمس التي تقدم تقاريرها وحصيلة أعمالها الادارية اليوم الى رئاسة الحكومة بعد أن باتت صلاحيات الرئاسة الاولى بيدها، توثق بعملها هذا بشكل أو بآخر عدد الزوار والمناسبات التي تشهدها الرئاسة الثانية والثالثة، والتي كانت في الاساس تتشارك فيها مع رئيس الجمهورية، وكانت جميع هذه المديريات تعمل على قدم وساق يوميا إما لإستقبال زائر دولي أو دبلوماسي، أو لمتابعة الشأن الداخلي اللبناني ومناسباته السعيدة أو مشكلاته الشائكة. أما اليوم فعلى الرغم من استمرار المديرية الفنية في عملها لصيانة كل أرجاء قصر بعبدا، إلا أنها لا تقرب نافورة المياه لتشغيلها بل تبقي المياه فيها راكدة، كما تقتضي أصول البروتوكول، بإنتظار مجيء رئيس يعيدها الى سابق فورانها وحيويتها. أما في البهو الداخلي للقصر فإنضمت صورة الرئيس ميشال سليمان إلى حائط صور الرؤساء السابقين للجمهورية اللبنانية.
في قاعتَي «الاستقلال» و25 أيار» الاثاث، كما السجاد، مغطى بأقمشة خاصة لحفظه، يليهم مكتب الرئيس ثم ممر يؤدي الى مكاتب المستشارين لجهة اليمين، والمدخل المؤدي الى الجناح الرئاسي لجهة اليسار. الابواب كلها مقفلة والحراس الذين كانت مهمتهم حراسة مكتب الرئيس نقلوا الى مهمة أخرى، هي حراسة نادي الضباط القابع في أول الطريق المؤدي الى القصر. في حين انصرف مستشارو الرئيس سليمان الى حياتهم اليومية والعملية التي كانت قبل مجيئهم الى بعبدا، وخلا مكتب السفير ناجي أبي عاصي من زائريه الدبلوماسيين، الذين كانوا يحرصون على الاجتماع عنده قبل، أو بعد، أي لقاء يجمعهم مع رئيس الجمهورية، كذلك غاب النشاط عن مكتب مستشاره الإقتصادي شادي كرم الذي كان عين الرئيس الاقتصادية ونافذته على رجال المال والاعمال، نظرا الى شبكة العلاقات الواسعة التي يملكها كرم في لبنان والخارج، كما غاب الوزير السابق مروان شربل عن تقديم تقاريره الامنية للرئيس خلفا للوزير الحالي عبد المطلب حناوي. أما الوزير السابق خليل الهراوي فيقضي معظم وقته اليوم في مدينته زحلة ليس فقط للتمتع بأجواء الصيف هناك، بل حرصا على التواصل المباشر مع القاعدة الشعبية لآل الهراوي في دار السلام، خصوصا أن خيار ترشحه للنيابة لم يغب عن حساباته السياسية يوما، بل أرجأه في العام 2009 بناء لطلب الرئيس سليمان. أما مستشاره الاعلامي جورج غانم فيخبر عن العديد من المشاريع الوثائقية التي سيتفرغ لإنجازها بعد نهاية العهد. ولم يبق من فريق الرئيس سليمان سوى مدير عام رئاسة الجمهورية أنطوان شقير والمدير العام في رئاسة الجمهورية إيلي عساف.
بعد مكاتب المستشارين وقاعة مجلس الوزراء المقفلة أيضا تبدأ مكاتب المديريات الخمس، هناك يواظب الموظفون على الدوام كالمعتاد وإعداد التقارير ورفعها الى رئاسة مجلس الوزراء كل بحسب إختصاصه، بإستثناء مديرية المراسم والعلاقات العامة التي تحاول استغلال الشغور بمكننة عملها، بعد أن كانت مهمتها الاولى هي استقبال زوار الرئاسة الاولى، في حين تحرص مديرية الاعلام على إرسال التقارير الاقتصادية والدولية والسياسية يوميا الى رئاسة الحكومة. أما لواء الحرس الجمهوري فتوسعت مهامه في حفظ الامن في منطقة بعبدا وجوارها بعد أن تجمدت مهمته في حماية الرئيس.
في كل مكاتب القصر غابت صور الرئيس سليمان عن الاطارات المعلقة على الجدران كما تقتضي الاصول والقوانين، وحلت مكانها ورقة بيضاء في إطار بإنتظار رفع صورة الرئيس الجديد، وحدها غرفة تفتيش الزوار كانت صورتها مختلفة، رفعت صورة «علامة إستفهام» ربما للتدليل على القلق من إطالة فترة الشغور الذي يكتنف صدور الجميع.
باسمة عطوي - المستقبل 29\6\2014
إرسال تعليق