0
بالزغاريد والتصفيق وعبارات الـ»أهلاً وسهلاً» إلى العناق والقبلات الحارة، ونثر الورود والأرز، اجتمع أهالي بريح أمس في عرس العودة والتعايش محتفلين بـ»يوم من العمر» وبلحظة نبيلة انتظروها على مدى ثلاثين عاماً، ليختموا عبرها جرحاً نازفاً ويتوّجوا مسيرة المصالحة التي تكللت في العام 2001 بزيارة البطريرك الماروني آنذاك الكاردينال نصرالله بطرس صفير إلى الشوف، فتعانقت معها كنيسة المحبة والتسامح خلوة البر والتقوى في لوحة وطنية نموذجية.

وعلى وقع الطبل والزمر وأغالي الترحيب، استقبل أهالي البلدة، دروزاً ومسيحيين، رجال المصالحة وضيوفها تحت لافتات امتدت في أرجاء البلدة وعلى طول طريق الشوف، مرحبة بـ»أصحاب الأيادي البيضاء ورجال الموقف والاعتدال والحوار، سليمان والراعي وجنبلاط، تحت شعار «اليوم تكتمل فرحتنا بطي الملف»، إيماناً منهم بأن «العيش المشترك نهج ومسار ومصير» و»اننا من بريح الى الجبل الى كل لبنان، عائلة لبنانية واحدة تلتقي على الشراكة والمحبة».

كباراً وصغاراً، احتشدوا منذ ساعات الصباح الباكر في باحة الاحتفال، تجمعهم فرحة العودة وإرادة التسامح، ويرفرف فوقهم العلم اللبناني محطاً بصور رجال المصالحة.

يوم الفرح والتلاقي تحوّل مهرجاناً سياسياً وشعبياً حاشداً، حيث استقبل رئيس الجمهورية ميشال سليمان والبطريرك بشارة الراعي والنائب وليد جنبلاط على وقع اغاني «طلوا حبابنا»، «أهلا بهالطلة» و»زيّنوا الساحة» وهتافات التأهيل مرفقة بعبارة «نوّرتوا». أما التهاني والتبريكات فلم تفارق الأهالي الذين اصطفوا ينتظرون وصول ضيوفهم بشغف وحماس، هذا يقول «دخلك لمين هالبيت» واخرى تردد «شو حلوة الضيعة» وتلك تقول «عادة السيدات وجهن حلو على الاستحقاقات فكفّوا معنا هيك».

«اليوم راجعين نكون متفقين» تردد جانيت خليل التي تعتبر هذا اليوم «يوماً من العمر ننتظره منذ 30 عاماً لنكرس عبره وحدة الجبل وتضامننا كأهالي، فلقد عشنا سوا وربينا سوا، ولكن حصلت الحرب التي لم تكن لا منّا ولا منهم».

أما خالد محاسن فينتظر بدوره هذا اليوم منذ زمن كي «يعود أهلنا المسيحيون ونعود كما كنا، فنبني البلدة بوحدتنا وتضافر جهودنا، لأننا واياهم اخوة وأهل ولم نكن نحبذ ان تقع الحرب».

ويعرب نسيب خليل عن فرحته بالقول: «راجعين على أرضنا وبلدتنا الحلوة بكل طيبة خاطر ومحبة ونتأمل خيراً بالتعاون مع بعضنا البعض».

ويرى نزار يحيى انه «يوم تاريخي لبريح بعد غياب أهلنا المسيحيين، جراء الحرب التي فُرضت على الجميع، واليوم تشرق شمس جديدة بلقاء المحبة، وهذا ما كان ليتم لولا جهود الخيّرين والإرادة الصلبة للنائب جنبلاط الذي أصر على تحقيق العودة الكريمة والمشرفة». ويأمل أن «تشكل المصالحة خطوة نحو انتخاب بلدية نفتقدها منذ الحرب، بحيث يتولى القائمقام تصريف أمور البلدة بالتعاون مع مختارَيها المعينين منذ 30 عاماً».

وتؤكد آمال خليل انه «يوم عظيم وان شاءالله تُزرع المحبة والسلام بيننا، فنحن ربينا سوا وبدنا نعيش سوا».

ويبدي نعمة خليل سروره بالعودة، ويقول: «راجع على بيت أهلي وأرضنا، انه تاريخ أجدادنا وآبائنا وتراثنا الذي لن نتخلى عنه، راجعين بنيّة طيبة لتحسين البلدة بالتعاون مع اخواننا الدروز وما عندنا إلا كل كلمة حلوة».

ولبراءة الأطفال حصتها في المصالحة، بحيث انهمكوا مع أهاليهم في انجاز ترتيبات الاحتفال مرددين «نحن هنا لأن أهلنا سيتصالحون مع بعضهم، مبسوطين لاننا سنجتمع معاً في البلدة، فكلنا بشر وكلنا نفس الشي». وقال أحدهم: «عدت الى ارض جدودي»، مخاطباً الجميع «احبوا بعضكم بعضاً».

وكان للشعر نصيبه مع قصيدة شعرية لابن البلدة سليمان عبدالسلام مما قال فيها «يَامَا الدّهر يا بريح امتحنّا، حنّا وأحمد بحقل الكرامة.. احتفلي اليوم ورَحبي بأحمد وحنّا».

سارة مطر - المستقبل 18\5\2014

إرسال تعليق

 
Top