0
أشار رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى ان افتتاح الصرح الاستشفائي الحكومي في دير القمر، يعكس الاصرار على تعميم الخدمات الضرورية على كل المناطق. وتكتسب الخطوة، اهمية اضافية في هذه المنطقة بالذات، لأنها تساعد في تثبيت أبناء الجبل والدير في أرضهم، وتحصن العودة بتأمين متطلبات الصمود.

وإذ كرر سليمان النداء للحفاظ على المؤسسات اللبنانية الجامعة، وفي مقدمها رئاسة الجمهورية، رمز وحدة الدولة وسيادتها، مع استغلال الايام القليلة الباقية لانتخاب رئيسٍ جديد، يؤمن استمرار النظام والكيان، كي لا تجرفنا عواصف المنطقة، فإنه دعا الى الحفاظ على رأس الدولة للحفاظ على لبنان.


وأكد رئيس الجمهورية انه سيتابع من موقعه الجديد الذي يبدأ بعد 25 ايار، ليحمي، والنائب وليد جنبلاط من موقعه المعتدل، المواقف والثوابت التي جاهرا بها وعملا لها، لمساعدة الرئيس الجديد والحكومات المتعاقبة على متابعة تنفيذ اعلان بعبدا، مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، متابعة تنفيذ خلاصات المجموعة الدولية وتسليح الجيش كي يتنكب وحده مسؤولية الدفاع عن الوطن وحماية ثرواته.


مواقف سليمان جاءت في خلال حفل وضح حجر الاساس لمستشفى دير القمر الحكومي.

 

وقائع الاحتفال
وكان سليمان وصل حوالي الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم الى موقع المستشفى حيث كان في استقباله وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور ورئيس مجلس بلدية دير القمر انطوان البستاني والرئيس العام للرهبانية المريمية المارونية الاباتي بطرس طربيه، في حضور جنبلاط وممثل عن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وعدد من الوزراء والنواب ورجال دين وفاعليات المنطقة وحشد من الاهالي والمدعوين.

 

رئيس بلدية دير القمر
بدأ الاحتفال بالنشيد الوطني، ثم تحدث عريف الحفل مرحبا بسليمان والحضور، ألقى بعدها رئيس مجلس بلدية دير القمر كلمة شكر فيها للرئيس سليمان رعايته وحضوره لوضع حجر الاساس لهذا المستشفى، منوها بدوره وجهوده ومتابعته الدائمة عبر توجيهاته ليصبح الحلم واقعا وينفذ هذا المشروع.

 

طربيه
ثم كانت كلمة لطربيه قال فيها: "ان هذا اليوم من ايام الشوف تاريخي بعد أن تكرست المصالحة بين ابناء الجبل، ونحن نعيش اليوم يوما إنمائيا بامتياز برعاية فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان والبطريرك الراعي والنائب جنبلاط. إن بلدة بريح تفرح اليوم بانطلاق ورشة البناء في منازلها وكنيستيها، ونحن اليوم نحتفل بوضع حجر الاساس لمستشفى دير القمر الحكومي راجين ان يتم تنفيذه بسرعة".

 

وثمن طربيه "أهمية هذا المشروع لناحية تثبيت اهل المنطقة في بلداتهم ولينعموا بالطمأنينة، وهذا ما حدا بالرهبانية المريمية الى تقديم قطعة الارض هذه الى بلدية دير القمر. ان هذه المناسبة هي تحقيق إنماء إجتماعي يعود بالخير الى اهالي الشوف، مقدرا بإجلال رغبة صاحب الرعاية الرئيس ميشال سليمان الذي سهل الطريق لتنفيذ هذا المشروع، وطلب من القيمين في الدولة للقيام بالجهود اللازمة لتأسيس وبناء هذا المستشفى".
 

ابو فاعور
وألقى ابو فاعور كلمة بالمناسبة قال فيها: "فخامة الرئيس، برعايتكم اليوم يختتم جرح كبير وتطوي ووليد بك وغبطة البطريرك صفحة سوداء، صفحة الايام السوداء وليالي الجمر. هذا اليوم الذي لا يشبهه إلا يوم شبيه في آب من العام 2001، عندما تشرف الجبل بزيارة غبطة البطريرك صفير الى المختارة، وكان يوم المصالحة الكبير. 


تستكملون اليوم هذه المصالحة بالانماء، في هذا الصرح الذي تضعون حجر الاساس له، هذا الصرح الذي أتعهد كوزير صحة في ان يتم انجازه في وقت قريب جدا، بكلفة بين 7 الى 8 ملايين دولار لمستشفى سعة أربعين سرير يؤمن الخدمة الاستشفائية لدير القمر ولهذه المنطقة. وأنا كوزير مكلف ومعني، أتعهد أمام أهالي هذه المنطقة أن يتم إنجاز هذا الامر بشكل سريع، ليس فقط من ناحية البناء والتجهيز بل ايضا تأمين الكادرات الطبية والادارية في أقرب وقت، تنفيذا لتوجيهات فخامتكم وإلتزاما بأمانتي تجاه وليد بك الذي يحرص على هذه المنطقة أكبر حرص".
 

تابع: "قديما قيل أن الله يطلب من الناس أن يتقدموا ويبنوا له هيكلا من الحب فلا يتقدم له الناس إلا بالحجارة. فخامتكم ووليد بك وغبطة البطريرك اليوم لا تقدمون هيكلا من الحجارة، بل هيكلا من المصالحة الحقيقة. وهو الذي يكرس المصالحة ويكرس العودة. وأقول: فخامة الرئيس عهدك اخضر ومحبتك لهذه المنطقة كبيرة".
 

سليمان
والقى سليمان قبل ان يضع حجر الاساس للمستشفى وإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية، الكلمة الآتية: "في دير القمر، لا يضل الزمن طريقه، يأخذنا الى ماض يعتمر قبعة الحاضر. فليس من ماض ولو سحيقا يمضي.
هو يقفز من حجارة قديمة، من ازقة عتيقة، من وجوه تطوف فوق العتبات والقناطر لتستقر في الذاكرة والمساحة البيضاء في ضمير الوطن. فخرالدين، باني المدماك الاول في الفكرة اللبنانية، يتفقد طيفه عاصمة امارته واحوال لبنان. كميل شمعون، الرئيس الذي جعل لبنان موسم أنوار دائما، من بعلبك المهرجان الى بيروت الحداثة، الى طرابلس وصيدا وصور، وكل حصاد الازدهار في لبنان والانتشار.
 

اوغست باشا اديب، اول رئيس حكومة للجمهورية اللبنانية سنة 1926. فؤاد افرام البستاني، أول رئيس للجامعة اللبنانية ودائرة المعارف الحية، بالإضافة الى كل البساتنة في الدير والشوف، وكل اهل الفكر والفن والقضاء والادارة. سيدة التلة حاضنة الشهداء وحامية دير القمر التي يقصدها الشوفيون، وابناء هذا الجبل الاشم، ايمانا بالعيش المشترك، وتعبيرا صادقا عن المعتقدات والقيم الواحدة.
 

ايها السيدات والسادة.
كل مكان ذاكرة، وباطن الذاكرة ذكرى وحدث. هكذا هي ذاكرة دير القمر، سجل مفتوح على محطات ناصعة. ساحتها، شهدت مهرجان المعارضة في صيف العام 1952، الذي اطلق الثورة البيضاء، وهي اول وآخر ثورة شعبية ديموقراطية في تاريخ لبنان، دفعت رئيسا كبيرا الى الاستقالة. كم تبدو المسافة بعيدة بين الامس واليوم، وكم تبدو المقارنة صعبة وقاسية مع واقعنا الحاضر.

 

رئيس الاستقلال، استقال احتراما للارادة الشعبية، ولمنع ذبح الدستور والميثاق، وسفك الدماء في سبيل السلطة. فيما انهار الدماء حولنا، تجري على مذبح الديموقراطية المغتالة، واغراء السلطة المطلقة. والثورة الشعبية، اتبعت الاساليب الديموقراطية ووسائل الاحتجاج المشروعة. فلا انقلاب نفذه قائد الجيش، الذي تسلم الحكم وسلمه طوعا، ولا مقاطعة او تعطيل نصاب، بل، منافسة شريفة افضت في اليوم الثالث، الى انتخاب رئيس جديد بالتوافق، بعدما انسحب المرشح حميد فرنجية للمرشح كميل شمعون.
 

انها عبرة من تراث لبنان العريق بالديموقراطية، وادانة لكل من يستسيغ الفراغ الرئاسي في الاستحقاق الراهن، منتظرا اما صفقة خارجية، او كلمة سر او فرضا لامر واقع، تحتمه المفاضلة بين فراغ خطير، وخيار بالاضطرار. انها عبرة ، لكل من لا يؤمن بتداول السلطة، انها عبرة للنواب الكرام لانتخاب رئيس للجمهورية في الفترة المتبقية من الايام العشرة الاخيرة التي تسبق موعد انتهاء الولاية والتي يتحول فيها المجلس حكما هيئة انتخابية، وقد وجهت بالامس رسالة وفقا لصلاحياتي الدستورية الى النواب لتشجيعهم على الانعقاد حتى إنتخاب الرئيس العتيد.
 

انها عبرة، للامتناع عن التمديد للمجلس النيابي بتاريخ 31/05/2013، إنها عبرة للإمتناع عن التمديد للمجلس النيابي بتاريخ تشرين الثاني 2014، واجراء الانتخابات في موعدها وفقا لقانون حديث يصحح التمثيل، تلافيا للاعتماد الالزامي لقانون الستين، طبقا لما توافقنا عليه في جلسة الحوار الاخيرة في 5 ايار 2014.
 

في سجل دير القمر ايضا، اللقاء الضروري بين المختارة ودير القمر، لإنجاح الثورة البيضاء، بائتلاف فريد، جمع في جبهة واحدة اطيافا مختلفة من الاحزاب والشخصيات الملتزمة والمستقلة. آنذاك، كانت المعارضة لوحة وطنية، لا اصطفافا طائفيا يقفل الطوائف، ويغلق نوافذ الفرص والطموح على المستقلين والعلمانيين والديموقراطيين.

لقد اجتمع في اطار المعارضة، الدرزي كمال جنبلاط، والموارنة كميل شمعون وبيار اده واميل بستاني، والسني انور الخطيب، والارثوذكسي غسان تويني، والشيعيان عادل عسيران وعبدالله الحاج، والارمني ديكران توسباط.

 

صحيح أن العلاقات والوشائج الوثيقة في الجبل، تعرضت لاحقا لانتكاسات خطيرة، دفع ثمنها غاليا ابناء الجبل وكل لبنان، إلا أن معادلة كميل وكمال، وفرت على اهل الشوف المزيد من الصفحات السود.
 

هذا الاسلوب، الذي يحترم الاختلاف رغم حدة الخلاف، شكل ويشكل نموذجا يحتذى، في الحفاظ على خصائص التركيبة اللبنانية، الغنية بعناصر التنوع والتباين والتنافر. وفي هذا السياق، لا بد من أن انوه بالعلاقة المميزة والثابتة، مع الزعيم وليد جنبلاط، والتي رغم تباينات عابرة في محطات، بعضها اساسي، استمرت راسخة في خط مستقيم، حيث دعم موقعي ودوري كمسؤول اقسمت على الدستور، واعتمدت على دوره كزعيم سياسي كبير، وركن من اركان الوفاق الوطني، وهو يمثل مكونا اساسيا في الوطن، وموقعا وازنا ومرجحا لخيارات وسطية تبقى حاجة ماسة وعنصرا اساسيا لتثبيت الاستقرار والاعتدال.
 

معك ايها العزيز وليد سنتابع. انت من موقعك الثابت كزعيم وطني معتدل، وانا من موقعي الجديد الذي يبدأ بعد 25 ايار لنحمي ما ارسيناه حتى الان. لنحمي المواقف والثوابت التي جاهرنا بها وعملنا لها. معا لنساعد الرئيس الجديد والحكومات المتعاقبة على:

- متابعة تنفيذ اعلان بعبدا


- مناقشة الاستراتيجية الدفاعية


- متابعة تنفيذ خلاصات المجموعة الدولية


- تسليح الجيش كي يتنكب وحده مسؤولية الدفاع عن الوطن وحماية ثرواته. وسيتوجه اليوم قائد الجيش الى المملكة العربية السعودية لتوقيع العقد بين الجيش اللبناني والمملكة والجيش الفرنسي لتنفيذ هبة 3 مليارات دولار، 3 مليارات وليس أقل.


ايها السيدات والسادة

إن افتتاح هذا الصرح الاستشفائي الحكومي، يعكس الاصرار على تعميم الخدمات الضرورية على كل المناطق. وتكتسب الخطوة، اهمية اضافية في هذه المنطقة بالذات، لأنها تساعد في تثبيت أبناء الجبل والدير في أرضهم، وتحصن العودة بتأمين متطلبات الصمود. وهكذا تعود دير القمر، لا عاصمة للإمارة والامراء فحسب، بل نقطة تلاق ونموذجا للعيش، وجسرا يربط الماضي العريق بالمستقبل الموعود.


من عاصمة لبنان القديم بالذات، وعلى مسافة قريبة من قصر بيت الدين، الذي يرمز الى استمرار الحكم اللبناني، وحيث حرصت على احياء التقليد السنوي، بالاصطياف في هذا الصرح التاريخي، أكرر النداء، مع صرخة ضمير، للحفاظ على المؤسسات اللبنانية الجامعة، وفي مقدمها رئاسة الجمهورية، رمز وحدة الدولة وسيادتها، مع استغلال الايام القليلة الباقية لانتخاب رئيس جديد، يؤمن استمرار النظام والكيان، كي لا تجرفنا عواصف المنطقة.


لذلك ادعوكم الى الحفاظ على رأس الدولة للحفاظ على لبنان. تهنئتي لدير القمر والجوار واهل الشوف بهذا المستشفى، وتقديري لوزير الصحة العامة، وللبلدية، ولوزراء الصحة الذين تعاقبوا على إقرار هذا المشروع، ولمجلس الانماء والاعمار، وللرهبانية اللبنانية المريمية، على امل تنفيذ هذا المشروع من دون مماطلة، ووفقا لأرقى المعايير الفنية والشفافة. عشتم وعاش لبنان".


منح وسام الارز

ثم منح سليمان وسام الارز الوطني من رتبة ضابط اكبر للوزير السابق ناجي البستاني تقديرا لجهوده، وقال: "اغتنم هذه المناسبة، لأعبر عن شكري العميق وتقديري للاستاذ ناجي البستاني، الذي رافق مسيرتي في قيادة الجيش، ورئاسة الجمهورية، وكان لي خير معاون ومساعد. ولذلك قررت منحه وسام الارز الوطني من رتبة ضابط اكبر".

 

دير مار عبدا
وبعد انتهاء الاحتفال، انتقل رئيس الجمهورية الى دير مار عبدا - الشوف، حيث بدأ جولته بزيارة لكنيسة الدير، والمتحف التابع له قبل ان يدون كلمة في السجل الذهبي للدير هنا نصها: "في قلب الجبل تجلت كنيسة مار عبدا بالصلاة نور قداسة بهي يستظل بها كثيرون من ابناء المنطقة. اليوم تبقى شهادة ابناء الجبل، من مختلف الطوائف، حاجة لبنان، وطن الرسالة، إلى الإخلاص لذاته والشهادة لقيمه في محيطه والعالم. انني اذ اشارككم، آباء واخوة ومؤمنين فرح زيارة كنيستكم، ارفع دعائي لتواصلوا مسيرة الوفاء لإيمانكم، لتبقوا موضع تقدير العائلة اللبنانية".


17\5\2014

إرسال تعليق

 
Top