آخر الأخبار

0
من الخطأ الإعتقاد أن اهتمام حزب الله بالحرب الدائرة في سوريا، يقلّ عن اهتمامه بإجراء الإنتخابات الرئاسية أولاً، وبشخص الرئيس العتيد ثانياً، ثم بالبرنامج السياسي، الذي يحمله لسنوات بسنوات مقبلة، وحافلة بمتغيّرات شتّى، لا تقلّ خطورة في لبنان عمّا يجري في عموم المنطقة العربية، والإقليم، الذي يُسمّى في الأدبيات «بالشرق الأوسط» سواء أكان قديماً أم جديداً..

مناسبة هذا الكلام، ثلاثة إهتمامات فرضت نفسها على جدول الأعمال اليومية الأسبوع الماضي، ومرشّحة للإستئثار في الأسابيع المقبلة، بل قل بالأشهر أيضاً:


1- الشروع بتنفيذ الخطة الأمنية في طرابلس، امتداداً إلى البقاع الشمالي والشرقي، وصولاً إلى بيروت، وفقاً لتأكيدات وزير الداخلية نهاد المشنوق.


على أن الأمن ليس عملية انتشار الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، بل تعدّته إلى خطة سياسية تقضي بإقصاء أولئك اللاعبين على خط النار، من جماعات التطرّف إلى أتباع الأزلام، الذين عُرفوا بقادة المحاور، وصولاً إلى اعتبار مسؤول العلاقات السياسية في الحزب الديمقراطي العربي رفعت علي عيد، ملاحقاً، من قبل المحكمة العسكرية، بتهمة الإنتماء إلى «تنظيم إرهابي»، وملاحقة أمير المجاهدين العالميين، الشيخ عمر بكري فستق وآخرين من قادة المحاور الطرابلسية، الذين كانوا يقفون وراء المتاريس، ويتحدثون، وكأنهم جنرالات حرب مثل «مونتغمري و رومل»، على جبهات النورماندي والصحراء الإفريقية وصولاً إلى طريق الهند الشرقية وطريق الحرير عبر المضائق والبحار..


2- مشروع الدكتور سمير جعجع، بوضع نفسه مرشحاً يمثّل «المسيحيين» على طاولة المفاوضات الجارية في الداخل والخارج لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، الأمر، الذي أوجد معادلة معقّدة، على صعيد الحلفاء قبل الخصوم، وإن كانت جبهة الإقليم لا تتأثّر بخلاف هذا الفريق اللبناني من ذاك. أمّا الإيهام بأن الإنتخابات الرئاسية اللبنانية هي في طور اللبننة، فهو ضرب من اللعب على عواطف وعقول أولئك السذّج، الذين إمّا يجهلون، أو يتعامون عن تأثيرات العوامل الخارجية في إنتاج صيغة الرئيس اللبناني، فضلاً عن تسميته..


بهذا المعنى، يأتي جعجع ليدخل اللعبة، كلاعب، متحرّر من تأثيرات الإنتظار القاتل للوقت، واضعاً علاقته مع تيار المستقبل في الساحة الإسلامية على محكّ الموقف من ترشيحه..


ومن الثابت، لأولئك الذين يمتلكون شيئاً كثيراً أو قليلاً من المعلومات ان ترشيح جعجع لنفسه، ليس حدثاً عابراً، أو متعلّقاً بردّ الفعل على معلومات شاعت عن أن «تفاهماً ما» وفي مكان ما، عُقد بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون حول طبيعة العمل المؤسساتي في لبنان، من زاوية أن انتخاب عون للرئاسة الأولى، يمهّد لعودة الحريري إلى رئاسة مجلس الوزراء، إيذاناً بدخول لبنان مرحلة فصل أزمته بالكامل عن تداعيات الحرب السورية، أو عوامل أخرى من أزمات المنطقة، بعدما أضحى لبنان آخذ بالإبتعاد شيئاً فشيئاً عن المسألة الفلسطينية، التي كانت واحدة من عوامل انخراطه بمشروع الحروب الطويلة أو القصيرة في لبنان والمنطقة.


في مرة أو أكثر افترق «المستقبل» عن «القوات اللبنانية» أو بالعكس، ومضى هؤلاء يُعلنون من وقت لآخر أن التحالف بينهما أكبر من «القانون الأرثوذكسي» الذي عارضه «المستقبل» ودعمته «القوات» فضلاً عن سير «المستقبل» في الحكومة الحالية إلى جانب «حزب الله» ومعارضة «القوات اللبنانية» الإنضمام، وقل الأمر نفسه عن الحوار مقاطعة أو مشاركة..


كانت «ثورة الأرز»، المظلّة الأكبر، داخل التيار (14 آذار) الذي أطلق على نفسه «التيار السيادي» في محاولة كانت ترمي إلى التقليل من التصدّعات التي ضربت، مرتكزات هذه المجموعة، بعد جملة من التطورات، لا حاجة للكلام على تأثيراتها اللبنانية والتياراتية، في هذه العجالة..


يحتمي «المستقبل» وراء وحدة القرار داخل 14 آذار، لجهة «وحدة المرشّح». المسألة مختلفة الآن عن اللحظة التي حسم بها الرئيس بشير الجميّل، وكان قائداً «للقوات اللبنانية» عام 1982، معلناً أنه المرشّح الأوحد لرئاسة الجمهورية، وهكذا كان، وهكذا وصل بعد الانتخاب، وقبل أن يتسلّم زمام الحكم في 14 أيلول 1982..


3- أمّا العامل الثالث في سلسلة الإهتمامات المتراكمة، هو ما اصطلح على تسميته بتداعيات «الحرب السورية»، مع تجاوز عدد النازحين السوريين المليون شخص، وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة. لكن الأهم في المسألة هو مشاركة حزب الله في الحرب الدائرة هناك إلى جانب قوات نظام الرئيس بشار الأسد، بمعارضة خصومه من «جبهة النصرة» إلى دولة «داعش» (العراق والشام الإسلامية) إلى الجبهة الإسلامية، وألوية «الجيش السوري الحر»..


والسؤال عشية دخول لبنان مدار الإنتخابات الرئاسية منذ 25 آذار الماضي: هل ثمّة أفق لاشتراك الحزب في تلك الحرب المفتوحة على أزمة أوكرانيا، والصراع الدائر على ثروات النفط والغاز في «الشرق الأوسط الكبير»؟..


المعلومات المتوافرة تؤكّد أن لا جواب على هذا السؤال، لكن الثابت أن خسائر الحزب على أرض المعركة، تطرح أكثر من علامة استفهام في الدوائر الشيعية، التي تقضّها قضية هذا النزف البشري، الذي لا تقوى أرض جبل عامل أو البقاع الشمالي، أو على امتداد «الجغرافيا الشيعية» - إذا صحّت التسمية - أن يستمر من دون تبصُّر!


مرة جديدة، تفرض جغرافيا الصراعات في الشرق الأوسط، وضمن لعبة تاريخية تمتد مع «إنتشار الإسلام العظيم» في آسيا وأفريقيا وصولاً إلى أوروبا الكاثوليكية، على شيعة لبنان، ممثّلة بحزب الله، خوض غمار التداعيات على لبنان الناجمة عن الأحداث الكبرى في هذه النقطة الساخنة من العالم، مع وضع اللبنات الأولى للمشروع الصهيوني في مؤتمر بال قبل العام 1900، دفع الثمن المباشر، بشراً وحجراً وعدم استقرار..


والسؤال من جديد: إلى متى على هذا النحو، وما الصلة القاطعة مع إنتخابات الرئاسة؟ الجواب يتظّهر تباعاً على الأرض.

7/4/2014  اللواء

إرسال تعليق

 
Top