0
في الواقع لا يرتبط صمت الرئيس أمين الجميّل وحرب، إلّا بموقف تيار «المستقبل»، الذي هو المؤشر على موقف سعودي لم يتبلور بعد. من المنتظر أن تبدأ داخل 14 آذار محاولات لجمع جعجع والكتائب، وفق قاعدة المصلحة المشتركة في الاتفاق على مرشح واحد. ما هي هذه المصلحة؟

كيف يمكن إقناع الكتائب بتأييد ترشيح جعجع؟ وماذا على جعجع أن يفعل لينال هذا التأييد؟ كل ذلك سيبحث في الأيام القليلة المقبلة، وربما ينكسر الصمت ويعلن الموقف من التأييد أوعدمه.

على صعيد العلاقة مع «المستقبل»، تخطّى ترشيح جعجع كل التسريبات الحالمة التي أطلقها «التيار الوطني الحر» عن اتفاق بين النائب ميشال عون والرئيس سعد الحريري سيؤدي الى دخول عون الى قصر بعبدا. جعجع نفسه لم «يقبض» هذه المزحة ولم يأخذها منذ البداية على محمل الجد.

يقول إنّ احتمال الاتفاق بين عون والحريري في موضوع الرئاسة يساوي مجموعة أصفار. عون تبرّع بنفسه لنفي كل موجة التفاؤل العونية غير الواقعية، عندما حذّر الحريري من تبنّي ترشيح جعجع.

هذا التحذير يناقض تماماً ما روّجه العونيون بأنّ كل ما هو مطلوب من كتلة «المستقبل» أن تؤمّن النصاب، والبقيّة مؤمّنة. كذلك يناقض التحذير، أجواء التفاؤل العونية التي عامت على السطح بعد لقاء روما، فالذي لا يخاف من التصويت يذهب الى المجلس النيابي، ويشارك في السباق، ولا يطرح معادلة «أنا أو الفوضى»، وشقيقتها «أنا أو لا أحد».

تقدّمت العلاقة كثيراً بين «المستقبل» و»القوات». ويتّجه الحريري بعد تذليل صعوبات تعدّد الترشيحات المسيحية، وبعد استمزاج رأي الناخب العربي الأوّل المملكة العربية السعودية، إلى دعم ترشيح جعجع، من دون ربط ذلك حكماً بالنتائج.

لهذه الموافقة أكلاف ولكن لها ايجابيات كثيرة. بعض الخبثاء يعتبرون أنّ تأييد الحريري لترشيح جعجع شيك بلا رصيد، وأنّ مرشحاً توافقياً سيتمّ التوافق عليه على أنقاض المعركة الرئاسية لجعجع، لكنّ ذلك لا ينسجم مع واقع أنّ معركة إذا انطلقت لا يملك أحد طريقة وقفها، إلّا إذا كان سيف الفراغ هو الحلّ الوحيد لتلافي الإحراج.

خطا ترشيح جعجع خطواته الاولى وبات أمراً واقعاً على الحلفاء التعامل معه، وعلى الخصوم مواجهته. الأكيد حتى الآن أنّ ما من جهة عربية أو دولية قد اتّخذت موقفاً، أو اختارت مرشّحاً.

فرنسا وضعت ثقلها مع المملكة العربية السعودية، وأقنعتها بجدوى التمديد سنتين للرئيس ميشال سليمان، واتّخذ قرار بمنح الجيش اللبناني بواسطة رئيس الجمهورية مبلغ 3 مليارات دولار، ولكنّ المسعى اصطدم برفض حزب الله القاطع. فرنسا أيضاً جسّت النبض وطرحت اسماً مستقلّاً وأيضاً لدى السعودية، لكنّ ذلك أيضاً انطفأ في المهد.

تدور بين السعودية وإيران مواجهة بالواسطة ومباشرة، في سوريا والعراق، واليمن ولبنان. معركة الرئاسة اللبنانية تبدو الأقل أهمية، على جدول أعمال المتحاربين، ولهذا أتى ترشيح جعجع في سياق مواجهة، لا يريد طرفاها أن تستعر أكثر، خصوصاً في لبنان.

يؤمن جعجع أنّ ما من أحد سيتبرّع لخوض معركة بالنيابة عنه أو عن حلفائه. هذه المعادلة تطبّق في رأيه على الأفراد والمجموعات والدول. كلّ ما فعله قبل أشهر، هو إعلام من يجب أن يعلم، أنّه سيخوض معركة الرئاسة. عِلمٌ وخبر كانا كافيين لبدء المعركة، التي يعرف أنّ امتداداتها تتخطّى مجلس النواب اللبناني، والتي يأمل أن تكون فرصة لاستعادة توازن مع مشروع إيران في لبنان، من خلال مواجهة المرشّح الذي سيحمل هذا المشروع، أيّاً كان هذا المرشّح.

5/4/2014 أسعد بشارة - الجمهورية

إرسال تعليق

 
Top