0
في الاول من نيسان الحالي، زف خبر اقرار الهيئة العامة للمجلس النيابي لقانون الايجارات المتعلق بالعقود المنجزة قبل 23 تموز من العام 1992 والذي اثار مشكلة مزمنة للمالكين القدامى ليشكل باقراره فك ارتباط بين المالكين والمستأجرين القدامى على مدى تسع سنوات مقبلة لتتحرر بعدها عقود الايجار فتتساوى البدلات بمقدارها ولن يشكو اي مالك من اجحاف به نتيجة تحرير العقود التاجيرية في لبنان بعد انقضاء هذه المدة.

بعضهم اعتبرها صفقة، فيما البعض الآخر اعتبره لزوم ما يلزم، في حين أن ثمة من اعتبر أن هكذا "تمريرة" كتبت لهكذا حكومة وهكذا دورة نيابية انعقدت لتعويض ما فات المجلس من تشريع على مدار اشهر من الاقفال والتعطيل.

لكن، وعلى هامش صدور القوانين، أخطاء بالجملة ولا سيما منها ما تعلق بقوانين ومراسيم الايجارات، فمن خطأ المرسوم الصادر في مطلع العام 2009 بهدف تصحيح الخطأ الى خطأ القانون "التصحيح" بدوره الصادر في الشهر الرابع من العام 2009، الى خطأ المرسوم الصادر في مطلع العام 2012 والذي لا زالت تداعياته ونتائجه السلبية لناحية التضارب في احتساب الزيادات القانونية على بدلات الايجار لا تزال تربك وتشغل المحامين والمحاكم والقضاة والمتقاضين وفريقي عقد الايجار حتى الساعة، وتغرق قصور العدل بمئات الدعاوى الاضافية التي كان لبنان بغنى عنها، ليأتي قانون الايجارات الذي ولد في مطلع نيسان الجاري، فيحمل قنابل موقوتة وعراقيل جمة ومطبات عديدة، وقد شهد شاهد من أهله بالامس عندما أدلى النائب الاستاذ غسان مخيبر عضو لجنة الادارة والعدل النيابية رغم تصديق اللجنة سابقاً على مشروع القانون قبل احالته للهيئة العامة لاقراره بتحفظات عديدة على هذا القانون، وكأنه كتب للبنان أن لا ينعم بما رزق به، لا بمياهه ولا بنفطه ولا بزراعته ولا بصناعته ولا بسياحته، ولا ببيئته أو طبيعته أم موارده .. ولا حتى بما يقرّه مشترعوه بايديهم بعيداً عن اي مؤثرات أم تدخلات خارجية.

فبعيداً عن أي اصطفاف سواء مع المالك أم المستاجر، ومن خلال تقييم لما نص عليه القانون المذكور، فدونه مشاكل وعثرات تعترض مسار تطبيقه كان أجدى بالمشترع تفاديها وقد توقفنا أمام العديد من الملاحظات والعثرات والعوائق التي تحول دون اعتبار هذا القانون سهل التنفيذ وطيعاً ومبسطاً، فها هي المشاكل العملية والقانونية والتنفيذية التي سوف يصطدم بها خلال سنوات من تطبيقه.

1- في القسم الاول: احكام خاصة بصندوق المساعدات


لقد ارتبط تطبيق القانون بشرط انشاء صندوق خاص للايجارات السكنية يكون تابعا لوزارة المالية وتمسك حساباته لدى مديرية الخزينة في هذه الوزارة مما فرض وجوب انشاء رابط قانوني وعقدي وعملاني بين الصندوق المزمع انشاؤه وآلية تطبيق قانون الايجارات، فان تعثر هذا الانشاء توقف تطبيق القانون الذي نحن بصدده حكماً.


2- فرض قانون الايجارات تصنيفاً للمستأجرين لغرض تطبيق مواده، اذ انه فرق بين المستأجرين الذين الذين لا يتجاوز معدل دخلهم الشهري ثلاث اضعاف الحد الادنى للاجور وبين من هم يتخطى دخلهم هذا المعدّل بغية تحديد من يحق له الاستفادة من تقديمات الصندوق المذكور كليا او جزئيا حسب الحالة التي تطرأ على بدلات ايجاراتهم تنفيذا لاحكام هذا القانون وهذا ما سوف يفتح باب الواسطات والمداخلات والتلاعب بالتقارير وزيادة الفساد واستشرائه والطعن بالتقارير العائدة لهذا الغرض كما يعرض باب الاستفادة من الصندوق ام عدمها لتاخير الفصل بمقدار البدلات المستحقة ويؤدي الى تأخير استيفاء الحقوق لاصحابها.


3- تحديد احدى ابواب مداخيل الصندوق بمساهمات من الدولة تلحظ في موازنة وزارة المالية لتغطية التزاماته دون تحديد مقدارها وسقفها وهذا ما سوف يتسبب بتأخير البت بالقرارات الموجبة المعنية والمتوقفة على المساعدات اسوة بتأخير اعتمادات الفيول وسواها مما يتسبب بتأخير تأمين الخدمات للمواطنين كما ربطها بالهبات والتبرعات والوصايا وهذا ما يجعل مقاديرها تدخل في باب الفرضيات والاحتمالات ما قد يؤخر في تطبيق أحكام القانون.


4- ربط القانون بتعيينات للجان تعيين بمراسيم تصدر عن مجلس الوزراء خلال مدة شهرين بناء لاقتراح من وزراء العدل والمالية والشؤون الاجتماعية اضافة الى قضاة متقاعدين وأعضاء منتدبين من بعض الوزارات مما يعرض استكمال التشكيلات تلك للتعثر نتيجة المشاكل التي يعاني منها سير المرفق العام والادارات والوزارات المختصة والمحاصصات والنكايات التي تعطل سير عمل الدول وتشلها كما يحصل دائماً.


5- ارباك فريقي عقد الايجار بتعيين خبراء اربعة محلفين لتحديد بدل مثل الماجور مما سيرتب تكاليف باهظة لكليهما تساوي ملايين الليرات ناهيك عن الوقت الذي تتطلبه اجراءات تعيين الخبراء والوقت الذي يستغرقه اعداد التقارير وابلاغها من المتقاضين الخ..


6- عدم لحظ القانون ان ورثة المستأجر الاصلي الذين يشغلون المأجور هم ايضاً معفيين بحال شراء المسكن من رسوم الفراغ والتأمين وفك التأمين ورسم الطابع وضريبة الاملاك المبنية المتعلقة بالمسكن الذي يشغله.


7- المصير المبهم للامكنة المؤجرة غير السكنية بحيث تبقى الحالة على حالها وتعلق على شرط اصدار قانون ينظم العلاقة فيها بين المؤجر والمستأجر خلال السنوات الاربعة المقبلة.


8- افتقار القانون للتبسيط مما يجعله غير قابل للاستيعاب من قبل المواطنين العاديين ويرتب عليهم جميعاً الاستعانة بذوي الاختصاص من المحامين لترتيب شؤونهم وتسوية علاقاتهم ببعضهم البعض على خلاف القوانين السابقة التي لم تتضمن مثل تلك التعقيدات.

اليوم بتنا في ظل أحكام قانون يصبح نافذاً بعد ستة اشهر من نشره في الجريدة الرسمية، لكن لن يكون تطبيقه على قدر من السهولة المفترضة، بل سوف يغرق اللجان والخبراء والمحامين والكتبة وفريقي العقد والقضاة وكتاب العدل بعشرات آلآف المعاملات التي سوف تعج بشد الحبال والنزاعات التي ستطول وتطول، والخشية من أن تستغرق أكثر من السنوات التسع التي من المفترض أن تكون قد تحررت خلالها عقود الايجار. 

أما السبب فيعود الى ما يصيب لبنان من ضعف واخفاق في حسن رعاية شؤون المواطن وحل معضلاته وابقائه دوماً في أتون الصراعات والنزاعات اتي يدفع اثمانها كثيراً على الدوام .

خاص "ليبانون تايم" - لوسيان عون -  محامٍ وكاتب سياسي  5\4\2014

إرسال تعليق

 
Top