ما بين التمديد للرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي تنتهي ولاية رئاسته في 25 مايو 2014، وما بين انتخاب رئيس جديد للبلاد، يأتي احتمال الفراغ الرئاسي المتوقع، إذا لم يتم الاتفاق على رئيس توافقي يخدم المرحلة العصيبة التي تمر بها البلاد والمنطقة، وإذا حجبت بعض الأطراف السياسية صوتها وحضورها عن جلسات انتخاب الرئيس العتيد، لضرب الدستور وعدم اكتمال النصاب المفروض لانعقاد أي جلسة نيابية.
وسط هذه الصورة، يقدم الخبير القانوني والدستوري والوزير السابق إدمون رزق في حديث خاص لـ"اليوم"، تحليلاً إستناداً الى الدستور اللبناني حول انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية".
ويجزم رزق بأن "عدم تأمين النصاب" هو إخلال بواجب أخلاقي ووطني، بل من جرائم "الارتكاب بالامتناع عن الفعل". و"كل ما حصل من تمديدات وانتخابات هي مخالفة للدستور وهي وصمة عار في تاريخ لبنان"، مؤكداً ان لبنان بحاجة الى شمولية الثقافة والى من يستوعب الوضع ويتحلى بالخبرة والقدرة".
ويجزم رزق بأن "عدم تأمين النصاب" هو إخلال بواجب أخلاقي ووطني، بل من جرائم "الارتكاب بالامتناع عن الفعل". و"كل ما حصل من تمديدات وانتخابات هي مخالفة للدستور وهي وصمة عار في تاريخ لبنان"، مؤكداً ان لبنان بحاجة الى شمولية الثقافة والى من يستوعب الوضع ويتحلى بالخبرة والقدرة".
لا نريد كرسياً "للبطل" بل نريد بطلاً حقيقياً للكرسي
وأوضح رزق انه "عند البحث عن شخص من أجل مهمة، تكون ثمة قواعد لأهلية القيام بتلك المهمة، لافتاً الى انه "لتحديد المواصفات والكفاءات يجب اعتماد الملفات الشخصية وتحاشي تكرار تجربة "أصحاب السوابق" في الفشل والخطأ الفادح، فالمفروض اللجوء الى "المجرب" وليس وضع اشخاص "تحت التجربة".
وأوضح رزق انه "عند البحث عن شخص من أجل مهمة، تكون ثمة قواعد لأهلية القيام بتلك المهمة، لافتاً الى انه "لتحديد المواصفات والكفاءات يجب اعتماد الملفات الشخصية وتحاشي تكرار تجربة "أصحاب السوابق" في الفشل والخطأ الفادح، فالمفروض اللجوء الى "المجرب" وليس وضع اشخاص "تحت التجربة".
وقال: "المطلوب اعتماد الملفات الموجودة في الذاكرة الجماعية للبلد، فلا يؤتى برئيس التجربة بل يبحث عن رئيس مجرب: لا نريد كرسياً "للبطل"، بل نريد بطلاً حقيقياً للكرسي، معتبراً ان "هنالك حالة اغراقية من الاستحقاقات في البلد على المستويات الوطنية، لأن الوطن يتجوف ومكوناته البنيوية كالوحدة والمشروع المشترك والذاكرة الجماعية تتفتت، حتى بات كل شيء وطني مهدداً اليوم".
واضاف رزق: "هناك هاجس المحافظة على الكيان الموحد للوطن التعددي، والحفاظ على الحريات العامة والخاصة التي تعاني انتقاصاً في الحقوق الأولية للشعوب من زعزعة الأمن وغياب المشروع الموحّد للبلد، بسبب التنازع بين الأفرقاء"، مشدداً على ان "الرئاسة هي شأن لبناني ـ وطني، اذا كان العرف والتوافق الوطني يقتضيان ان يكون رئيس الجمهورية مارونياً، لأسباب داخلية وإقليمية وانطلاقاً من مفهوم الشراكة الوطنية بين اللبنانيين، لا يعني ان الموارنة يقررون وحدهم مَنْ هو رئيس الجمهورية".
هناك هاجس المحافظة على الكيان الموحد للوطن التعددي، والحفاظ على الحريات العامة والخاصة التي تعاني انتقاصاً في الحقوق الأولية للشعوب من زعزعة الأمن وغياب المشروع الموحّد للبلد، بسبب التنازع بين الأفرقاء"، مشدداً على ان "الرئاسة هي شأن لبناني ـ وطني، اذا كان العرف والتوافق الوطني يقتضيان ان يكون رئيس الجمهورية مارونياً، لأسباب داخلية وإقليمية وانطلاقاً من مفهوم الشراكة الوطنية بين اللبنانيين، لا يعني أن الموارنة يقررون وحدهم مَنْ هو رئيس الجمهورية"
النصاب القانوني
وجزم بأن "عدم تأمين النصاب" هو إخلال بواجب اخلاقي ووطني بل من جرائم "الارتكاب بالامتناع عن الفعل"، فاذا كان البلد يغرق ولم يبادر المعنيون الى انقاذه، فتلك "خيانة عظمى"، مستذكراً "التجارب التي مرت على لبنان وجرى خلالها التلاعب بالدستور اللبناني وتعديله لأسباب شخصية، اضافة الى الاطاحة بالدستور منذ العام 1988 وحتى الآن". وتابع: "لقد جرى تفريغ الرئاسة مرتين، مرة في العام 1988 والمسؤولون عن ذلك معروفون اسما ولا يزالون من اللاعبين على المسرح، وتلك أكبر جريمة ضد لبنان والجمهورية اللبنانية... حتى كانت "تسوية الدوحة" التي لم تكن حلاً، بل عملية محاصصة لا تمت الى المبادئ بصلة".
وأكد انه لا يمكن التذرّع بالظروف لتعطيل انتخابات الرئاسة، قائلاً: "لقد شاركت في انتخاب خمسة رؤساء جمهورية، في عام 1970 انتخبنا الرئيس سليمان فرنجيه في اروع عملية ديموقراطية، في حضور 99 نائباً من اصل 99، وفاز الرئيس بفارق صوت واحد... في عام 1976 انتخبنا الرئيس الياس سركيس تحت القصف وبالرغم من الحصار، انتخب الرئيس سركيس في قصر منصور واقسم اليمين في شتورة، أما الرئيس بشير الجميل فانتخب في ثكنة الفياضية (1982) واقسم اليمين هناك، والرئيس أمين الجميل انتخب في ثكنة الفياضية واقسم اليمين هناك، أما الرئيس رينيه معوض فلقد انتخب في القاعدة الجوية في القليعات حيث اقسم اليمين، والرئيس الياس الهراوي انتخب في بارك اوتيل في شتورة واقسم اليمين هناك، لذا دائماً كان هناك ظروف أمنية واقليمية وسياسية في البلد، ولكن في الوقت ذاته كان هناك اشخاص يتحملون مسؤولياتهم".
واشار الى ان المجلس النيابي المنتخب في 1968 انتخب رئيساً للجمهورية في العام 1970، حضر جميع النواب الـ 99، وكانت مواجهة كبرى وفاز سليمان فرنجية بـ50 صوتاً مقابل 49 صوتا للياس سركيس، لم يفكر احد بمقاطعة أو تعطيل الجلسة، لأنهم يتحلّون بشرف نيابي وشرف المسؤولية والشعور بالواجب الوطني، ولأن مسؤولية الإنسان تحتم عليه الحضور وأداء واجبه مهما كانت الظروف"، لافتاً الى ان "التذرع بأي أسباب لعدم القدوم الى المجلس النيابي لانتخاب الرئيس نوع من الخيانة"، مشدداً على ان "لا حجة مبررة لأي نائب بعدم الحضور الى مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية، فهناك شرف المسؤولية وشرف الانتماء الى الوطن، ولأن ما ينتج عن تفريغ الرئاسة هو كارثي بكل معنى الكلمة، وسيؤدي الى تفتيت الكيان اللبناني الموحّد والقضاء على النموذج الوحيد التعددي في الشرق".
التمديد والانتخاب
واعلن الوزير رزق ان "كل ما حصل من تمديدات وانتخابات هي مخالفة للدستور وهي وصمة عار في تاريخ لبنان"، موضحاً "لا اتحدث عن الأشخاص، بل عن المبادىء والمسؤوليات، وعلى كل حال نحن بحاجة ماسة لصورة رجل دولة في المشهد، لدينا تخمة من "اصحاب الدولة" ولكن المطلوب "رجال دولة".
واكد ان "الرئيس المؤهل لحفظ البلد هو من يخدم البلد"، مضيفا: "لا أؤمن بشعارات الوسطية او الحزبية، بل أؤمن بالأهلية للخدمة، فالحزبية ليست انتقاصاً والوسطية ليست انجازاً، وانما الأهلية في أي موقع للخدمة وللاضطلاع بالمسؤولية" وأضاف: إنما الوسطية كلمة مموَّهة وكذلك الحزبية ذريعة". وشدد على ان "المطلوب هو ألا نسير وراء شعارات الكذب والتمويه".
واشار الى "المادة 95 من الدستور المعدلة والتي تنص على اعتماد "الكفاءة والاختصاص" لتعيين الاشخاص في الوظائف العامة، بدلاً من المحسوبية والمذهبية، لذا المطلوب هو "كفاءة واختصاص لرجل دولة وليس تسويات". اضاف: "يجب ان يكون الرئيس لبنانياً بمعنى الانتماء الجذري والولاء المطلق وعدم الازدواجية. ومن الممكن ان تكون لديه صداقات مع كل العالم واتصالات ولكن لا يكون مرهوناً لأحد".
صراع 8 و14 على كرسي الرئاسة
وحول الصراع على كرسي الرئاسة بين قوى 8 و14 آذار، ختم: "من الأساس رفضت تصنيف اللبنانيين أرقاماً وألواناً، لأن الأهلية تتجاوز الفئوية، فاذا كان الانسان فئوياً، فلا يصلح لتولّي الشأن العام، لأن عليه استيعاب التكوينة اللبنانية ورسالة لبنان. ولذلك نحن بحاجة إلى شمولية الثقافة وإلى من يستوعب الوضع ويتحلى بالخبرة والقدرة".
صفاء قره محمد - "اليوم السعودية" 4\4\2014
إرسال تعليق