0
الشيطان غير موجود في التفاصيل وحسب، بل هو موجود ويلعب ويتنشق الاوكسيجين في ساحات النزاعات والفراغ والخلافات بين مكونات لبنانية يفترض ان تكون شعبا واحدا في وطن واحد، ودولة واحدة، ومجتمع واحد رغم تعدديته الطائفية والمذهبية، والسياسية والحزبية، ولكن الواقع القائم اليوم، والذي تعود جذوره المسمومة الى بداية الاحداث الدموية في لبنان منذ العام 1969، التي كانت الشرارة التي اطلقت الحرب في العام 1975، يشير الى ان الشيطان يستوطن لبنان منذ ذلك التاريخ، يتوارى عندما يتقارب الشعب، ويحضر عندما يختلف ويتقاتل، او عندما يضرب الفراغ اطنابه، وتضعف الدولة وتنهار المؤسسات، ويختل الامن، عندها يصبح الشيطان قادرا على تحويل ضربة الكف او كلمة في غير مكانها، او تصرف مقزز، الى مشكلة ففتنة فحرب.

التصرف «غير المسيحي وغير الاخلاقي» الذي قوبل به ترشح رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، خارج مجلس النواب وداخله نبّه الشياطين ان استعدّوا فقد يصبح الجو مؤاتيا لصنع فتنة، خصوصا اذا اخذ هذا التصرف حريته في الحركة، وبدأ بالتغلغل في عقول الضعفاء من الناس، او الموتورين منهم ممن لم ينقوا ذاكرتهم بعد مما حصل من اخطاء وخطايا في الماضي والتي تشارك في ارتكابها الجميع من دون استثناء احد، اما اذا اندمج مع الفراغ في ذات الوقت، فان الكارثة واقعة لا محالة، ولا قدرة لاحد على الاطلاق ان يردّها او يمنعها او يحتويها، الا اذا استفاقت الارادة الطيبة من سباتها، والنية الحسنة من تجاهلها، والشعور الوطني من غيابه.

***

وسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف انواعها، تحولت من ناد كبير للصداقة والتقارب وتبادل الاراء والهموم والفرح في الاعياد والمناسبات الى وسائل لتفجير الاحقاد ونبش القبور والشتم المتبادل، واستثارة الغرائز، ولم يعد ينقص سوى تحديد ساعة الصفر لاعلان الجهاد في سبيل الطائفة والمذهب والحزب والزعيم من قبل اشخاص غير مسؤولين وغير مدركين، وربما مدركين، دون تدخل ممن هم في مركز المسؤولية لايقاف هؤلاء عند حدّهم، قبل ان تفلت الشياطين المتربصة شرا بلبنان، الملق، ويتعذر انقاذ لبنان بمثل ما تعذر انقاذ التيتانيك.

المؤسف ان البعض، ممن تعهد امام الله وبكركي، بعدم المساهمة في افقاد النصاب القانوني لجلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يعلن في وسائل الاعلام وبكثير من «الشجاعة» انه اذا لم يتم التوافق مسبقا على اسم الرئيس فلا نصاب هناك ولا جلسات ولا انتخاب للرئيس واهلا وسهلا بالفراغ.

هذا الموقف غير الدستوري وغير الوطني وغير الديموقراطي، وغير السيادي، الا يدخل دب الفراغ، القاتل الى كرم الدولة، السائب ويحوّل لبنان بسرعة كبيرة الى دولة فاشلة على جميع الصعد، هذا اذا نجا من الفتنة المتدحرجة؟

مسكين لبنان..

فؤاد أبو زيد - الديار 28\4\2014

إرسال تعليق

 
Top