شارك رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في القداس الحبري، الذي أقامه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وعاونه فيه لفيف من الاساقفة والكهنة والرؤساء العامين والآباء في مقر المعهد الحبري البطريركي الماروني في روما، لاطلاق احتفالات اليوبيل المئوي الأول لكنيسة مار مارون في روما، التابعة للمعهد.
وحضر القداس الوفد اللبناني الرسمي المرافق لرئيس الجمهورية، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وعقيلته، رئيس المجلس الحبري لراعوية المهاجرين في الكرسي الرسولي الكاردينال انطونيو ماريا فيليو، السفير البابوي في لبنان المونسنيور غابريال كاتشا، سفير لبنان لدى حاضرة الفاتيكان العميد جورج خوري، القائم بأعمال السفارة اللبنانية في ايطاليا كريم خليل، واركان السفارتين، وشخصيات سياسية وديبلوماسية، وحشد من المؤمنين من ابناء الجاليات اللبنانية في ايطاليا، وعدد من بلدان الانتشار والوفود اللبنانية المشاركة في احتفالات اعلان قداسة البابوين يوحنا الثالث والعشرين، ويوحنا بولس الثاني.
وكان الرئيس سليمان قد وصل الى مقر المعهد الماروني في روما، قرابة السادسة والنصف مساء، حيث كان في استقباله البطريرك الراعي، والوكيل البطريركي في روما المطران فرنسوا عيد، الى جانب الاساقفة والرؤساء العامين والكهنة، ومسؤولي الرهبانيات اللبنانية المعتمدين في روما.
وجرى عرض فني للمناسبة قدمته فرقة حملة الاعلام الفنية التابعة لمدينة روتي الايطالية، في الشارع الرئيسي للمعهد، قبل ان ينتقل الجميع الى صالون المعهد، حيث عقد لقاء ترحيبي ضم رئيس الجمهورية والبطريرك الراعي والمطارنة، دون الرئيس سليمان في ختامه كلمة في السجل الذهبي لكنيسة مار مارون.
كلمة رئيس الجمهورية
وكتب سليمان "منذ قرن مضى، وكنيسة مار مارون في روما ترتفع شاهدة حية لأريج قداسة الاجداد وقيم الآباء من مشرقنا، مهد الايمان والحضارة، في قلب روما عاصمة الكثلكة. اليوم، اذ اشارك فرحة اللبنانيين عموما، والموارنة خصوصا، في الاحتفال بالمئوية الأولى لتأسيسها، ادعو الى أن تظل وجها من ضياء، وابتهال قيامة متواصلة، بهما تبقى مصدرا وغاية لمئويات جديدة تزيد من شموخها. فلكل القيمين عليها، كل التهنئة والى مزيد من مواعيد الرسولية والعطاء".
القداس
بعد ذلك، انتقل الجميع الى الكنيسة، حيث رأس البطريرك الراعي القداس الحبري، الذي استهله المطران عيد بكلمة رحب فيها برئيس الجمهورية والوفد المرافق، مستعرضا "محطات اساسية من تاريخ الكنيسة".
بعد الانجيل المقدس، القى البطريرك الراعي عظة استهلها بالقول: "فخامة الرئيس، يسعدنا جدا أن يتم بحضوركم المشرف، الاحتفال باليوبيل المئوي الأول لتأسيس كنيسة مار مارون في هذا المعهد الحبري الماروني، والوكالة البطريركية في روما المدينة الخالدة، ويزداد الاحتفال بهجة بحضور نيافة الكردينال انطونيو ماريا فيليو، وبطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يونان، وإخواني أصحاب الغبطة البطاركة، والسادة المطارنة، وهذه الوجوه الكريمة من شخصيات كنسية ووطنية، ووزراء ونواب وآباء ورهبان وراهبات ومؤمنين ولبنانيين وشرقيين وإيطاليين".
أضاف "فأنتم، فخامة الرئيس، ونحن جميعا جئنا إلى روما، إلى جانب ملايين من الزوار الذين أتوا من مختلف بلدان العالم، وعلى رأسهم ملوك ورؤساء جمهوريات وشخصيات مدنية وكنسية، لنشارك في الاحتفال بإعلان قداسة الطوباويَّين البابا يوحنا الثالث والعشرين صانع ربيع الكنيسة، بعقده المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني (1962-1965)، والبابا يوحنا بولس الثاني محقق هذا الربيع، وهادم حيط برلين، ومحرر بلدان أوروبا الشرقية من الاحتلال الشيوعي، وسننعم جميعا ببركة قداسة البابا فرنسيس الذي يرفعهما غدا على مذابح الكنيسة الجامعة، ويسجل إسميهما في سجل القديسين".
وتابع "إنا نلتمس شفاعتهما من أجل السلام في وطننا لبنان، وبلدان الشرق الأوسط، ولا سيما في فلسطين وسوريا والعراق ومصر. هذا السلام عطية من المسيح المنتصر بموته وقيامته على الخطيئة والشر والموت، وقد استودعه الكنيسة، بمؤمنيها ومؤمناتها، برعاتها وإكليروسها ومؤسساتها، وبالمسيحيين في مختلف مسؤولياتهم الزمنية، وأرسلهم لكي ينشروا هذا السلام على أسس الحقيقة والعدالة والمحبة والحرية، كما حددها الطوباوي البابا يوحنا الثالث والعشرون في رسالته العامة الشهيرة: "السلام في الارض". ويذكرنا الرب يسوع بهذه الوديعة والرسالة في إنجيل اليوم: "السلام لكم! كما أرسلني الآب، أرسلكم أنا أيضا (يو20: 21)".
وإذ رأى أن "لبنان واللبنانيين يتطلعون إلى هذا السلام في ربوعهم وفي محيطهم الشرق أوسطي"، خاطب الرئيس "إن حضوركم، فخامة الرئيس، وحضور رؤساء كنائسنا، يوحد صلاتنا، دولة وكنيسة، ملتمسين شفاعة البابوين القديسين الجديدين، اللذين أحبا لبنان، ورفعا شأنه في الكنيسة الجامعة وبين الأمم. ورأيا فيه أرض تلاق أخوي بين مختلف الأديان والثقافات؛ وعنصر سلام في محيطه".
وذكر أن "الكردينال Angelo Roncalli، بطريرك البندقية (Venezia) الذي أصبح سنة 1958 البابا يوحنا الثالث والعشرين، زار لبنان سنة 1954، كموفد حبري من المكرم البابا بيوس الثاني عشر، ورئس احتفالات المئوية اليوبيلية الأولى لإعلان عقيدة الحبل بلا دنس (8 كانون الاول 1854)، وكرس وطننا للسيدة العذراء، سلطانة الحبل بلا دنس وسيدة لبنان. والطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني، عقد سنة 1995 جمعية خاصة لسينودس الأساقفة الروماني من أجل لبنان، وزاره في أيار 1997 ووقع على أرضه الإرشاد الرسولي: "رجاء جديد للبنان". وقال فيه إنه "أكثر من بلد، إنه نموذج التعددية في الوحدة والعيش المشترك للشرق، كما للغرب"، واعتبر أن "الحوار والتعاون بين المسيحيين والمسلمين في لبنان يمكن أن يساعد على أن يتحقق الواقع نفسه في بلدان أخرى محيطة" (فقرة 93)".
وقال: "إننا نوكل إلى شفاعتهما آمال اللبنانيين، بأن ينتخب مجلس النواب خلال الاستحقاق الدستوري الجاري رئيسا جديدا للجمهورية، جديرا بمواصلة السير بالبلاد من حيث بلغتم به إليه، بصبركم وحكمتكم، من مكانة في الأسرتين العربية والدولية واهتمام ودعم".
أضاف "في خط وديعة السلام والرسالة التي تحملها كنيستنا المارونية، إلى جانب الكنائس الشرقية الشقيقة في شرقنا المحبوب، حيث زرعنا المسيح الرب منذ الفي سنة، أنشأ السعيد الذكر البابا غريغوريوس الثالث عشر المدرسة المارونية في روما سنة 1584، أي منذ 430 سنة، فتخرج منها عشرة بطاركة، منهم المكرم البطريرك الكبير اسطفان الدويهي، أبو تاريخ لبنان، وصانع النهضة والإصلاح في كنيستنا، والبطريركان يوحنا مخلوف وجريس عميره اللذان تعاون معهما الأمير فخر الدين المعني الكبير في نهضة الجبل وفي العلاقات مع الغرب، عبر إمارة توسكانا بإيطاليا، البطريرك الأنطاكي الأول للكنيسة السريانية الكاثوليكية اندراوس اخيجيان. كما تخرج منها 25 أسقفا، وعلماء كالسماعنة وبخاصة المطران يوسف السمعاني حافظ المكتبة الفاتيكانية، وواضع نصوص المجمع اللبناني المنعقد سنة 1736 في دير سيدة اللويزه، والذي شكل دستور كنيستنا المارونية".
وتابع "هؤلاء أقاموا جسرا ثقافيا بين الشرق والغرب، إذ كتبوا وألفوا وترجموا، ناقلين تراث الشرق إلى الغرب، وتراث الغرب إلى الشرق. وكانوا رواد النهضة الشاملة التي حافظت على الثقافة العربية، وأحيتها وأعادت مكانتها الحضارية بوجه حملة التتريك المنتشرة آنذاك. ومن بينهم بطاركة وأساقفة وكهنة كالبطريرك يوسف اسطفان (1729-1793)، مؤسس مدرسة عين ورقة أم المدارس المسيحية في الشرق، والمطرانان جبرايل ابن القلاعي (1447-1516) وجرمانوس فرحات (1670-1732)، فجبرايل الصهيوني (1577-1648)، وابراهيم الحاقلاني (1605-1664)، وبطرس التولاوي (1657-1746). بفضل علم هؤلاء الرجال وأمثالهم، ساد في الغرب هذا القول المأثور: "عالم كماروني".
وأردف "إن يوبيل المئوية الأولى لكنيسة مار مارون، التي تجمعنا، يعود بنا إلى سنة 1914 عندما انتهى بناؤها في عهد خادم الله البطريرك الياس الحويك، أبي دولة لبنان الكبير والاستقلال. وهو الذي ابتاع مبنى قائما في هذا المجمع للمدرسة المارونية الجديدة سنة 1893، وباشر بشراء الأرض لبناء الكنيسة، يوم كان نائبا بطريركيا عاما للمثلث الرحمة البطريرك يوحنا الحاج. وقد أنهى عملية شراء الأرض سنة 1895، الأباتي جبرايل القرداحي، من الرهبانية المارونية المريمية، بوصفه وكيلا بطريركيا آنذاك".
وأشار إلى أن "المدرسة المارونية القديمة التي أنشئت سنة 1584 في روما، كانت قد أقفلت أبوابها سنة 1814، بعدما أممها الأمبراطور نابوليون بونابرت (1769-1821)، في أعقاب فتحه لأوروبا وإيطاليا. سنة 1890 باشر البطريرك يوحنا الحاج بواسطة نائبه البطريركي المطران الياس الحويك بشراء المبنى والأرض، وإنشاء المدرسة المارونية الجديدة، في عهد البابا لاوون الثالث عشر. ففتحت أبوابها سنة 1893، وعادت فأقفلتها سنة 1938 على عتبة الحرب العالمية الثانية إلى أن تم فتحها من جديد سنة 2000، بقرار من صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، بفضل مساعي المثلث الرحمة المطران اميل عيد الوكيل البطريركي في روما آنذاك. وأصبحت المعهد الحبري الماروني وهو حاليا برئاسة سيادة أخينا المطران فرنسوا عيد، المعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي، بمؤآزرة نائبه، وقيم الوكالة البطريركية والمعهد الخوراسقف طوني جبران".
ولفت إلى أن "هذا المعهد يستقبل كهنة للاختصاصات العليا من كنيستنا المارونية والكنائس الأخرى، وأصبحت كنيسة مار مارون هذه شبه رعية لخدمة جاليتنا المارونية وسواها بقرار من نيافة الكردينال Agostino Vallini نائب قداسة البابا على أبرشية روما. وإنا نثمن جدا خدمتها الروحية والراعوية التي تجمع عائلاتنا المارونية، وجالياتنا اللبنانية والشرقية، حول تراثنا الروحي والوطني وتربي عليه أطفالنا وأجيالنا الطالعة".
وقال: "جميل ومشرف أن يدون التاريخ وقائع هذه المئوية بحضوركم، فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان، وبحضور هذه الوجوه الرفيعة، الكنسية والمدنية، وأن ينقل للأجيال صورها وتسجيلاتها".
أضاف "إننا نصلي، بشفاعة أبينا القديس مارون، والطوباويَّين البابا يوحنا الثالث والعشرين، والبابا يوحنا بولس الثاني، لكي يستمر هذا المعهد الماروني زاهرا في خدمته للكهنة وللكنيسة، وتستمر كنيسة مار مارون مكان اللقاء الشخصي والجماعي بالمسيح القائم من الموت والحاضر ابدا في حياة الكنيسة والمؤمنين. إنه بقيامته، قد وضعنا في حالة قيامة، ودعانا لقيامة القلوب والرجاء، ودشن زمن السلام الآتي من الله. وها هو اليوم يقول لأبناء جيلنا والأجيال الآتية: "السلام لكم! كما أرسلني الآب أرسلكم أنا أيضا (يو20 : 21). به وبواسطته نرفع نشيد المجد والشكران للثالوث المجيد، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين. المسيح قام! حقا قام! هللويا!".
هدايا
وفي ختام القداس، قدم البطريرك الراعي للمناسبة الى رئيس الجمهورية تمثالا مصغرا لتمثال مار مارون، الذي كان باركه البابا بينيديكتوس السادس عشر، والموضوع على الحائط الخارجي لبازيليك القديس بطرس، وكتاب:"صفحات من المدينة الخالدة".
وطنية 26\4\2014
وحضر القداس الوفد اللبناني الرسمي المرافق لرئيس الجمهورية، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وعقيلته، رئيس المجلس الحبري لراعوية المهاجرين في الكرسي الرسولي الكاردينال انطونيو ماريا فيليو، السفير البابوي في لبنان المونسنيور غابريال كاتشا، سفير لبنان لدى حاضرة الفاتيكان العميد جورج خوري، القائم بأعمال السفارة اللبنانية في ايطاليا كريم خليل، واركان السفارتين، وشخصيات سياسية وديبلوماسية، وحشد من المؤمنين من ابناء الجاليات اللبنانية في ايطاليا، وعدد من بلدان الانتشار والوفود اللبنانية المشاركة في احتفالات اعلان قداسة البابوين يوحنا الثالث والعشرين، ويوحنا بولس الثاني.
وكان الرئيس سليمان قد وصل الى مقر المعهد الماروني في روما، قرابة السادسة والنصف مساء، حيث كان في استقباله البطريرك الراعي، والوكيل البطريركي في روما المطران فرنسوا عيد، الى جانب الاساقفة والرؤساء العامين والكهنة، ومسؤولي الرهبانيات اللبنانية المعتمدين في روما.
وجرى عرض فني للمناسبة قدمته فرقة حملة الاعلام الفنية التابعة لمدينة روتي الايطالية، في الشارع الرئيسي للمعهد، قبل ان ينتقل الجميع الى صالون المعهد، حيث عقد لقاء ترحيبي ضم رئيس الجمهورية والبطريرك الراعي والمطارنة، دون الرئيس سليمان في ختامه كلمة في السجل الذهبي لكنيسة مار مارون.
كلمة رئيس الجمهورية
وكتب سليمان "منذ قرن مضى، وكنيسة مار مارون في روما ترتفع شاهدة حية لأريج قداسة الاجداد وقيم الآباء من مشرقنا، مهد الايمان والحضارة، في قلب روما عاصمة الكثلكة. اليوم، اذ اشارك فرحة اللبنانيين عموما، والموارنة خصوصا، في الاحتفال بالمئوية الأولى لتأسيسها، ادعو الى أن تظل وجها من ضياء، وابتهال قيامة متواصلة، بهما تبقى مصدرا وغاية لمئويات جديدة تزيد من شموخها. فلكل القيمين عليها، كل التهنئة والى مزيد من مواعيد الرسولية والعطاء".
القداس
بعد ذلك، انتقل الجميع الى الكنيسة، حيث رأس البطريرك الراعي القداس الحبري، الذي استهله المطران عيد بكلمة رحب فيها برئيس الجمهورية والوفد المرافق، مستعرضا "محطات اساسية من تاريخ الكنيسة".
بعد الانجيل المقدس، القى البطريرك الراعي عظة استهلها بالقول: "فخامة الرئيس، يسعدنا جدا أن يتم بحضوركم المشرف، الاحتفال باليوبيل المئوي الأول لتأسيس كنيسة مار مارون في هذا المعهد الحبري الماروني، والوكالة البطريركية في روما المدينة الخالدة، ويزداد الاحتفال بهجة بحضور نيافة الكردينال انطونيو ماريا فيليو، وبطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يونان، وإخواني أصحاب الغبطة البطاركة، والسادة المطارنة، وهذه الوجوه الكريمة من شخصيات كنسية ووطنية، ووزراء ونواب وآباء ورهبان وراهبات ومؤمنين ولبنانيين وشرقيين وإيطاليين".
أضاف "فأنتم، فخامة الرئيس، ونحن جميعا جئنا إلى روما، إلى جانب ملايين من الزوار الذين أتوا من مختلف بلدان العالم، وعلى رأسهم ملوك ورؤساء جمهوريات وشخصيات مدنية وكنسية، لنشارك في الاحتفال بإعلان قداسة الطوباويَّين البابا يوحنا الثالث والعشرين صانع ربيع الكنيسة، بعقده المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني (1962-1965)، والبابا يوحنا بولس الثاني محقق هذا الربيع، وهادم حيط برلين، ومحرر بلدان أوروبا الشرقية من الاحتلال الشيوعي، وسننعم جميعا ببركة قداسة البابا فرنسيس الذي يرفعهما غدا على مذابح الكنيسة الجامعة، ويسجل إسميهما في سجل القديسين".
وتابع "إنا نلتمس شفاعتهما من أجل السلام في وطننا لبنان، وبلدان الشرق الأوسط، ولا سيما في فلسطين وسوريا والعراق ومصر. هذا السلام عطية من المسيح المنتصر بموته وقيامته على الخطيئة والشر والموت، وقد استودعه الكنيسة، بمؤمنيها ومؤمناتها، برعاتها وإكليروسها ومؤسساتها، وبالمسيحيين في مختلف مسؤولياتهم الزمنية، وأرسلهم لكي ينشروا هذا السلام على أسس الحقيقة والعدالة والمحبة والحرية، كما حددها الطوباوي البابا يوحنا الثالث والعشرون في رسالته العامة الشهيرة: "السلام في الارض". ويذكرنا الرب يسوع بهذه الوديعة والرسالة في إنجيل اليوم: "السلام لكم! كما أرسلني الآب، أرسلكم أنا أيضا (يو20: 21)".
وإذ رأى أن "لبنان واللبنانيين يتطلعون إلى هذا السلام في ربوعهم وفي محيطهم الشرق أوسطي"، خاطب الرئيس "إن حضوركم، فخامة الرئيس، وحضور رؤساء كنائسنا، يوحد صلاتنا، دولة وكنيسة، ملتمسين شفاعة البابوين القديسين الجديدين، اللذين أحبا لبنان، ورفعا شأنه في الكنيسة الجامعة وبين الأمم. ورأيا فيه أرض تلاق أخوي بين مختلف الأديان والثقافات؛ وعنصر سلام في محيطه".
وذكر أن "الكردينال Angelo Roncalli، بطريرك البندقية (Venezia) الذي أصبح سنة 1958 البابا يوحنا الثالث والعشرين، زار لبنان سنة 1954، كموفد حبري من المكرم البابا بيوس الثاني عشر، ورئس احتفالات المئوية اليوبيلية الأولى لإعلان عقيدة الحبل بلا دنس (8 كانون الاول 1854)، وكرس وطننا للسيدة العذراء، سلطانة الحبل بلا دنس وسيدة لبنان. والطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني، عقد سنة 1995 جمعية خاصة لسينودس الأساقفة الروماني من أجل لبنان، وزاره في أيار 1997 ووقع على أرضه الإرشاد الرسولي: "رجاء جديد للبنان". وقال فيه إنه "أكثر من بلد، إنه نموذج التعددية في الوحدة والعيش المشترك للشرق، كما للغرب"، واعتبر أن "الحوار والتعاون بين المسيحيين والمسلمين في لبنان يمكن أن يساعد على أن يتحقق الواقع نفسه في بلدان أخرى محيطة" (فقرة 93)".
وقال: "إننا نوكل إلى شفاعتهما آمال اللبنانيين، بأن ينتخب مجلس النواب خلال الاستحقاق الدستوري الجاري رئيسا جديدا للجمهورية، جديرا بمواصلة السير بالبلاد من حيث بلغتم به إليه، بصبركم وحكمتكم، من مكانة في الأسرتين العربية والدولية واهتمام ودعم".
أضاف "في خط وديعة السلام والرسالة التي تحملها كنيستنا المارونية، إلى جانب الكنائس الشرقية الشقيقة في شرقنا المحبوب، حيث زرعنا المسيح الرب منذ الفي سنة، أنشأ السعيد الذكر البابا غريغوريوس الثالث عشر المدرسة المارونية في روما سنة 1584، أي منذ 430 سنة، فتخرج منها عشرة بطاركة، منهم المكرم البطريرك الكبير اسطفان الدويهي، أبو تاريخ لبنان، وصانع النهضة والإصلاح في كنيستنا، والبطريركان يوحنا مخلوف وجريس عميره اللذان تعاون معهما الأمير فخر الدين المعني الكبير في نهضة الجبل وفي العلاقات مع الغرب، عبر إمارة توسكانا بإيطاليا، البطريرك الأنطاكي الأول للكنيسة السريانية الكاثوليكية اندراوس اخيجيان. كما تخرج منها 25 أسقفا، وعلماء كالسماعنة وبخاصة المطران يوسف السمعاني حافظ المكتبة الفاتيكانية، وواضع نصوص المجمع اللبناني المنعقد سنة 1736 في دير سيدة اللويزه، والذي شكل دستور كنيستنا المارونية".
وتابع "هؤلاء أقاموا جسرا ثقافيا بين الشرق والغرب، إذ كتبوا وألفوا وترجموا، ناقلين تراث الشرق إلى الغرب، وتراث الغرب إلى الشرق. وكانوا رواد النهضة الشاملة التي حافظت على الثقافة العربية، وأحيتها وأعادت مكانتها الحضارية بوجه حملة التتريك المنتشرة آنذاك. ومن بينهم بطاركة وأساقفة وكهنة كالبطريرك يوسف اسطفان (1729-1793)، مؤسس مدرسة عين ورقة أم المدارس المسيحية في الشرق، والمطرانان جبرايل ابن القلاعي (1447-1516) وجرمانوس فرحات (1670-1732)، فجبرايل الصهيوني (1577-1648)، وابراهيم الحاقلاني (1605-1664)، وبطرس التولاوي (1657-1746). بفضل علم هؤلاء الرجال وأمثالهم، ساد في الغرب هذا القول المأثور: "عالم كماروني".
وأردف "إن يوبيل المئوية الأولى لكنيسة مار مارون، التي تجمعنا، يعود بنا إلى سنة 1914 عندما انتهى بناؤها في عهد خادم الله البطريرك الياس الحويك، أبي دولة لبنان الكبير والاستقلال. وهو الذي ابتاع مبنى قائما في هذا المجمع للمدرسة المارونية الجديدة سنة 1893، وباشر بشراء الأرض لبناء الكنيسة، يوم كان نائبا بطريركيا عاما للمثلث الرحمة البطريرك يوحنا الحاج. وقد أنهى عملية شراء الأرض سنة 1895، الأباتي جبرايل القرداحي، من الرهبانية المارونية المريمية، بوصفه وكيلا بطريركيا آنذاك".
وأشار إلى أن "المدرسة المارونية القديمة التي أنشئت سنة 1584 في روما، كانت قد أقفلت أبوابها سنة 1814، بعدما أممها الأمبراطور نابوليون بونابرت (1769-1821)، في أعقاب فتحه لأوروبا وإيطاليا. سنة 1890 باشر البطريرك يوحنا الحاج بواسطة نائبه البطريركي المطران الياس الحويك بشراء المبنى والأرض، وإنشاء المدرسة المارونية الجديدة، في عهد البابا لاوون الثالث عشر. ففتحت أبوابها سنة 1893، وعادت فأقفلتها سنة 1938 على عتبة الحرب العالمية الثانية إلى أن تم فتحها من جديد سنة 2000، بقرار من صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، بفضل مساعي المثلث الرحمة المطران اميل عيد الوكيل البطريركي في روما آنذاك. وأصبحت المعهد الحبري الماروني وهو حاليا برئاسة سيادة أخينا المطران فرنسوا عيد، المعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي، بمؤآزرة نائبه، وقيم الوكالة البطريركية والمعهد الخوراسقف طوني جبران".
ولفت إلى أن "هذا المعهد يستقبل كهنة للاختصاصات العليا من كنيستنا المارونية والكنائس الأخرى، وأصبحت كنيسة مار مارون هذه شبه رعية لخدمة جاليتنا المارونية وسواها بقرار من نيافة الكردينال Agostino Vallini نائب قداسة البابا على أبرشية روما. وإنا نثمن جدا خدمتها الروحية والراعوية التي تجمع عائلاتنا المارونية، وجالياتنا اللبنانية والشرقية، حول تراثنا الروحي والوطني وتربي عليه أطفالنا وأجيالنا الطالعة".
وقال: "جميل ومشرف أن يدون التاريخ وقائع هذه المئوية بحضوركم، فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان، وبحضور هذه الوجوه الرفيعة، الكنسية والمدنية، وأن ينقل للأجيال صورها وتسجيلاتها".
أضاف "إننا نصلي، بشفاعة أبينا القديس مارون، والطوباويَّين البابا يوحنا الثالث والعشرين، والبابا يوحنا بولس الثاني، لكي يستمر هذا المعهد الماروني زاهرا في خدمته للكهنة وللكنيسة، وتستمر كنيسة مار مارون مكان اللقاء الشخصي والجماعي بالمسيح القائم من الموت والحاضر ابدا في حياة الكنيسة والمؤمنين. إنه بقيامته، قد وضعنا في حالة قيامة، ودعانا لقيامة القلوب والرجاء، ودشن زمن السلام الآتي من الله. وها هو اليوم يقول لأبناء جيلنا والأجيال الآتية: "السلام لكم! كما أرسلني الآب أرسلكم أنا أيضا (يو20 : 21). به وبواسطته نرفع نشيد المجد والشكران للثالوث المجيد، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين. المسيح قام! حقا قام! هللويا!".
هدايا
وفي ختام القداس، قدم البطريرك الراعي للمناسبة الى رئيس الجمهورية تمثالا مصغرا لتمثال مار مارون، الذي كان باركه البابا بينيديكتوس السادس عشر، والموضوع على الحائط الخارجي لبازيليك القديس بطرس، وكتاب:"صفحات من المدينة الخالدة".
وطنية 26\4\2014
إرسال تعليق