كيف أتدبر نفسي في الفصح؟ إذا كانت الكلمة تعني العبور لا يبقى لي إلاّ ان أذهب عن كل شيء لألتقي المسيح. ليس في العيد الا المسيح. ليس في المسيحية الا المسيح. كل ما عداه طريقة للكلام عنه. الكون لا يضاف اليه. هو ترجمة له. سئلت مرة ماذا يعوزك من هذه الدنيا ان رميت وحيداً في جزيرة أجبت عظة الجبل في متى وإنجيل يوحنا. أنت تعرف يا رب اننا نحن الأرثوذكسيين نقرأ في بيوتنا في الأسبوع العظيم كل الإنجيل لأن الإنجيل هو أنت.
كيف أتدبر نفسي في الفصح؟ أحاول ان أصير إنجيلاً، ان أصير الكلمة لكي يقرأني الناس ويعيشوا. المسيحية وجوه استنارت لتضيء. هذا هو الفصح الحي. هو الذي يجعلني أعبر بالناس إلى وجه الآب. كيف أحيا؟ "أنا لست أحيا، المسيح يحيا فيّ". المسيحية ليست نظاماً دينياً. هي حب أي لصوق بالمسيح فتنسى وجهك لترى وجهه والعالم كله في وجهه. اذا كنا فصحيين نحن في حالة تجاوز دائم لأنفسنا والعالم لنصير اياه ويصير ايانا. ليس من أنظمة وليس من مبادئ نظرية. كل شيء وجهه حتى تتلاشى كل الوجوه أو نقرأه مرتسماً عليها.
كيف أتدبر نفسي؟ أنسى نفسي حتى أراه وحده فيّ، حتى أراني مطله على الكون. كيف أتدبر نفسي؟ اجعله أمام عيني وآراه الكون الذي يغنيني عن كل شيء. لا أحاوره، أتلقاه. وجهك يا رب، وجهك هذا مناي إلى ان يفنى القمر.
أنا عبور يا سيد حتى ألقاك. لا تدعني أتلهى بنفسي: "أضئ بوجهك على عبدك" لأكون من ضيائك. خذني إليك لأعرفك. لا تدعني في وحشة هذا العالم. لا تتركني فريسة للوحوش. تعال ففي مجيئك أتكوّن. وإذا جئت إلي أكمل سيري إلى وجهك يا رب. إذا رأيتك يصبح وجهك هو العالم. لا ينفعني إلاّ وجهك. انه هو الفصح. لا يلهني عنك وجه. سمر عيني عليه. كل يوم أريد وجهك يا سيد. اكتفي به حياة لي. دربني على ان أراك كلا لي في هذا الدهر وفي الدهر الآتي فأفهم انك الوجود. روضني على ان أترك كل شيء لأراك. اذا أدركتك أنت تتدبرني. أصبح فصحياً فيك. فاذا وصلت اليك تنتهي مسيرتي.
لا شيء بعد المسيح ولا شيء غير المسيح. من لم يكن امتداداً له أو كلاماً عنه ليس بشيء. ففي الفصح أصيره أو لا أكون شيئاً. اذا أحببته انمو به وانمو فيه. أنا لا أريد عليه شيئاً لأنه كل شيء. كل القديسين فيه وإليه واذا نظرت إلى وجوههم لا تبحث عنهم. فتش عن وجه يسوع مرتسما فيهم.
كيف أتدبر نفسي؟ كل أمري مع نفسي ان أذهب بها إلى السيد. عنده تنوجد. والآب المبتدئ والمنتهى وفيه يصب مسيح التاريخ. أنا لست بشيء ما لم أصبح فصحياً أي ناظراً إلى الآب الغاية.
أنا لست بشيء إلاّ اذا أخذني السيد إلى وجه أبيه وهذا لا يتم إلاّ اذا أصبحت مكان الفصح أي موضع المرور من ذاتي إلى الآب بالمسيح يسوع.
19/4/2014 المطران جورج خضر - النهار
إرسال تعليق