الاعلان عن فتح باب الترشّح للانتخابات الرئاسية السورية امس، جاء متلازماً مع فتح المقابر للقتلى الخمسين الذين سقطوا في حلب، بينما كانت البراميل المتفجرة تدك ما تبقى من حمص، وكل هذا القتل لم يمنع النظام من الحديث عن انتخابات رئاسية ديموقراطية !
ربما لأن الديموقراطية لا تستقيم إلا عبر إرسال المعارضين الى التراب إذ كل معارض هو ارهابي، وربما على اساس انها مجرد قصة صناديق، إما ان تخصّص لأصوات المقترعين، وإما ان تكون توابيت للقتلى، لكن قتلى المذبحة السورية لا يحظون حتى بالتوابيت !
ربما لأن الديموقراطية لا تستقيم إلا عبر إرسال المعارضين الى التراب إذ كل معارض هو ارهابي، وربما على اساس انها مجرد قصة صناديق، إما ان تخصّص لأصوات المقترعين، وإما ان تكون توابيت للقتلى، لكن قتلى المذبحة السورية لا يحظون حتى بالتوابيت !
انتخابات رئاسية ديموقراطية حرة ونزيهة، وليس على العالم إلا ان يصفّق لهذه الصفاقة، فنصف الشعب السوري من اللاجئين، اربعة ملايين في دول الجوار (الجزء الاكبر في لبنان السائب) وخمسة ملايين داخل سوريا، وكل هذا لم يمنع مثلاً محافظ مدينة حمص، من القول "ان حمص مكان مناسب لانتخابات جيدة"، لكنه طلال البرازي الذي يعكس وجهة نظر النظام بالقول "ان القتال والنزوح لا يشكلان اي عقبة امام التصويت، ان المدينة آمنة" ... طبعاً آمنة تحت البراميل المتفجرة والركام !
لقد حبكت المهزلة عند احد الديبلوماسيين فقال ان النظام سيرغم احدهم على الترشّح ضد الاسد لإضفاء طابع ديموقراطي على الانتخابات، "ربما سيخرجون احد السجناء ويقولون له إما ان تترشّح او نعيدك الى السجن وهذا سيعطيهم حجة للمجادلة في ديموقراطية الانتخاب"، ولكن سواء اعادوا هذا المسكين الى السجن او القبر، فمن الواضح ان النظام يتمسك باجراء الانتخابات على رغم ادراكه ان العالم يعتبرها مهزلة شديدة الفظاظة، لأسباب عدة اهمها:
١ - تدمير مؤتمر جنيف نهائياً وإسقاط الاشارة الى عملية الانتقال السياسي، التي نص عليها بيانه الاول، وقد كان وهذا الموضوع تحديداً مدار بحث امس بين جون كيري وسيرغي لافروف والأخضر الابرهيمي.
٢ - الحرص على استمرار شرعية الاسد ولو عبر انتخابات مهزلة قبل انتهاء مدة ولايته، هذا ضروري لتوفير التغطية القانونية والسياسية للروس الذين يدعمونه حفاظاً على مصالحهم، وللإيرانيين المنخرطين مع اذرعهم العسكرية اللبنانية والعراقية في القتال ميدانياً معه، لأن انتهاء رئاسته سيجعل منهم قوة احتلال غريبة !
٣ - تكريس الأمر الواقع الذي يمكن ان يشكّل غطاء لترسيخ الدويلة في المناطق الساحلية، اضافة الى حمص ومناطق مجاورة، فالانتقال الى هذا الكيان يحتاج الى رئيس، عندما يتبيّن انه المخرج المتبقي للنظام الذي يغرق في حرب استنزاف افقدته ٧٥٪ من الاراضي السورية !
٤ - الحيلولة اولاً دون حصول انقسامات وصراعات داخل الصف العلوي في حال التوصل الى قيام الدويلة، وثانياً دون قيام اهالي هذه الدويلة بتحميل الاسد ورجاله مسؤولية المآسي التي اصابتهم قبل الوصول الى الدويلة!
19/4/2014 راجح الخوري - النهار
إرسال تعليق