وديع نمر الخازن 1945 سياسي ماروني لبناني، يرأس المجلس الماروني العام، وهو مرشح دائم للرئاسة، لتاريخه السياسي المناضل من جهة، ولمواقفه السياسية والوطنية التي سعى من خلالها لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء، وكانت له محطات بارزة في الكثير من الأزمات المفصلية التي طبعت الحياة السياسية اللبنانية، في الماضي والحاضر، ولعلّه قرأ في مواقفه وخطبه ومراحل حياته السياسية عن بعد ما يحيط بلبنان والعالم العربي والدولي، وهو ما يصح وصفه اليوم أنه الماروني العابر للطوائف، أبقى على علاقاته الحيادية بجميع القيادات دون قطيعة أو تبعية، ففتحت له أبواب المقرّات الرئاسية كما الحزبية دون تحفظات أو خلفيات.
وإذا أردنا أن نقرأ في مواقفه التاريخية، نجد فيها أكبر برهان على حركته التي طبعت سياساته، ونبدأ بإستذكاره «الحرب المشؤومة التي إنفجرت في 13 نيسان من العام 1975، وإعتبرها أبشع وأقبح ما مر به لبنان عبر تاريخه المعاصر، وإذا كنا قد متنا فيها على مدى خمسة عشر عاما بما يشبه الإفناء والتدمير الذاتي فأحرى بنا أن ننأى عن تجاربها الشريرة التي تلوح من حولنا، ونسعى جاهدين أن نعبر ألغامها لئلا تنفجر فينا، فمهما قيل عن حروب الآخرين على أرضنا، وعلى نحو ما يحصل اليوم في سوريا الجريحة والنازفة، إلا أن مناعة العقل والذاكرة تحيي فينا الأمل بتفادي تجرع كأسها السامة والقاتلة من جديد، وألا نكون كمن يحاول الإنتحار الجماعي الذي نجونا منه بعدما كلفنا أكثر من مئة وخمسين ألف شهيد وحوالى مليون مهجر ومهاجر».
وهو القائل «أن اغتيال رئيس الحكومة السابق (الشهيد) رفيق الحريري «خسارة وطنية لا يمكن أن تعوض إلا بمزيد من الوحدة بين اللبنانيين في هذه الظروف الدقيقة التي نمر فيها، في ظل كل الجهود لكشف حقيقة من أمر ودبر ونفذ جريمة الإغتيال، وان «الحريري سيبقى حيا في ضمائر اللبنانيين والعرب الذين يستذكرون اعماله ومنجزاته ومسيرته الوطنية التي قادته الى ان يكون في مصاف كبار العالم».
ويذكّر انه «هناك جفى بين الرئيس اللبناني ميشال سليمان والرئيس السوري بشار الاسد، وهذا حاصل منذ فترة، والعلاقات يجب ان تكون مميزة ضمن الاحترام المتبادل، ولا يمكن لسليمان الذي وصل الى نقطة عدم الالتقاء مع الاسد ان يتصل به»، واستغرب الحملة التي طالت اللواء عباس ابراهيم بسبب مشاركته في التفاوض حول الراهبات في معلولا، مشيراً الى ان «لبنان معني بالازمة السورية على صعيد المعارضة والنظام، فهناك من يقاتل الى جانب النظام ومن يقاتل الى جانب المعارضة، اضافة الى ازمة النازحين التي تؤثر على لبنان اقتصادياً وجغرافياً «، مشدداً على ان «عملية اطلاق سراح الراهبات انجاز تاريخي وعامل ايجابي على الداخل اللبناني».
وهو أيضاً «لم يتفاجأ بالذي حصل بين السعودية وقطر ودول الخليج، لانه في الفترة الاخيرة كان هناك اختلاف في الاراء حول مواضيع عديدة ومنها الملف السوري»، لافتاً الى ان «الوصول الى مرحلة سحب السفراء يدل على البعد الذي تتخذه الحالة في سوريا، مضيفاً «قطر لا يمكن ان تبتعد كثيراً عن دول الخليج ولا يمكن ان نفكر اننا وصلنا الى ابتعاد عن العلاقة، وهناك روابط سياسية وثقافية بين البلدين، وسيعاد تصويب الهدف
وهو يحذر من «مغبة التهرب من الإستحقاقات الدستورية التي يدعو إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري»، معتبرا أن «ذلك يشكل فراغا مشرع الإحتمالات على كل الأبواب، وعليه « فمن الحكمة أن ننأى عن العوامل الخارجية في الإستحقاقين الحكومي والرئاسي لئلا يصبح ذلك ورقة في مهب الصراعات القائمة من حولنا وحتى لا يتصدع البنيان الشرعي ويصبح عبئا على الجميع، وبالتالي الحل برأيه «أن يتعاون الجميع ويتعاضد لأن لبنان لا يحمى إلا بإلتفاف الجميع حول دولتهم وليس في كنف طوائفهم، ولنأخذ العبرة من التاريخ لأنه خير شاهد على المآسي التي مررنا بها».
وفي آخر مواقفه ما يرتبط بالإستحقاق «أن ترشيح حزب «القوات اللبنانية» لرئيسه سمير جعجع هو مبادرة مشجّعة على إعتماد المعركة الديمقراطية لرئاسة الجمهورية في لبنان»، مضيفاً «لا أستغرب أن يأتي ترشيح حزب القوات اللبنانية لجعجع في سياق توجّه البطريرك بشارة بطرس الراعي، الذي دعا القيادات والطامحين إلى المنصب الماروني الاول في الدولة بإعتباره فرصة تاريخية في مثل هذه الظروف».
وأشار الى أن «ترشح جعجع هو بمثابة مبادرة سياسية حيوية تطلق المعركة الرئاسية على مصراعيها في أجواء ديمقراطية وسط إنفتاح كل الافرقاء على أيّ مرجع خصم يثير الجدل والاحتدام».
{ وفي سيرته الذاتية : وُلد الخازن في بلدة بعبدات في 14 آب سنة 1945 من والدة تمتد جذورها العائلية إلى تلك البلدة وهي السيدة لولو شهيد فضول ومن والد ينتمي إلى بيت الخازن في بلدة غوسطا الكسروانية هو الشيخ نمر نجيب الخازن، تزوج من ماري- مادلين جورج خليل( 26 حزيران 1969) فور تخرجها من جامعة القديس يوسف في بيروت حيث نالت شهادة الماجيستر في العلوم الاقتصادية (أيار 1968)، وقد رزقا من هذا الزواج بإبن هو المهندس إيلي وإبنة هي شيرين.
تلقى دروسه الإبتدائية في مدرسة الفرنسيسكان في بيروت (1950-1951) ثم إنتقل إلى مدرسة اليسوعية من سنة (1951-1956) وأتبع دروسه الثانوية في معهد الفرير في الجميزة بيروت (1956-1964)، ثم إستكمل دراسته الجامعية في الولايات المتحدة الأميركية حيث تخرّج من جامعة جورج واشنطن (1964-1968) حاملاً شهادة الماجيستر في إدارة الأعمال مضيفاً إلى العربية والفرنسية إتقانه اللغة الإنكليزية.
إنضم إلى حزب الكتلة الوطنية اللبنانية سنة 1968 وعين عضواً لمجلس الحزب سنة 1969 ثم عضواً في اللجنة التنفيذية في عام 1990، وثم مفوضاً عاماً للداخلية في الكتلة الوطنية اللبنانية بذات السنة، استقال من الكتلة في عام 1996 وقرر العمل في السياسة بعيداً عن أي انتماء حزبي، وتولى منصب «نائب رئيس المجلس العام الماروني» بين 1988 لغاية 1996 ، ومنذ ذلك الحين تولى حركة الإتصالات القائمة بين عميد الحزب ريمون إده والصرح البطريركي ومع الرئيس الشهيد رفيق الحريري والقيادة السورية، فبرز إسمه كوسيط سياسي مقبول من كافة الأطراف.
عين وزيرًا للسياحة من 18 شباط 2005 لغاية 19 نيسان 2005 وذلك في حكومة الرئيس عمر كرامي في عهد الرئيس إميل لحود، وذلك بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري واستقالة وزير السياحة فريد هيكل الخازن، «علمًا إن الحكومة منذ تاريخ 28 شباط 2005 وحتى 19 نيسان 2005 وهي حكومة تصريف أعمال لأنها إعتبرت مستقيلة باستقالة رئيسها»، وفي شهر كانون الثاني من العام 2006 تم إنتخابه رئيسا للمجلس العام الماروني وأُعيد إنتخابه في كانون الثاني من العام 2009 حيث ما يزال في منصبه حتى اليوم.
كتب سلسلة دراسات معمقة حول عدد من القضايا |اللبنانية العربية في كبرى الصحف العربية والأجنبية، وشارك في مناسبات وطنية وقومية بالعديد من الخطب التي تستوحي التاريخ، وحاضر حول المارونية السياسة وتاريخ لبنان والسياسة العربية-الأميركية.
نال الشيخ وديع الخازن العديد من شهادات التقدير والأوسمة والجوائز الدولية منها: الوسام الفرنسي من رتبة فارس سنة 1970، الوسام الفرنسي من رتبة ضابط سنة 1973 ، وسام جوقة الشرف الفرنسي من رتبة ضابط سنة 1976، وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط أكبر سنة 2006، وسام بابوي رفيع سنة 2002.
ترأس نادي الراسينغ الرياضي من 1969 وحتى 1971، ومن هواياته الرياضية السباحة والمشي والصيد البرّي.
19/4/2014 هنادي السمرا - اللواء
إرسال تعليق