0
20 نيسان 2014
بشارة خيرالله

في الثامن من شباط 2010، ركِبنا الطائرة السورية الخاصة التي أقلّتنا برفقة العماد ميشال عون، من بيروت إلى مطار حلب للإحتفال بعيد مار مارون في بلدة براد (40 كيلومتراً شمالي حلب)، حيث تثبتت مطرانية حلب للموارنة من وجود ضريح "بيّ الطايفة" في تلك البلدة المنسية.


وبعد دخولنا جميعاً إلى الطائرة، تأخر الإقلاع حوالي الـ20 دقيقة، حتى وصل الوزير يوسف سعادة ممثلاً رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي كان يُفترض أن يكون ضمن الرحلة التي أقلّت إلى عون وزوجته وكريمته وصهره، الرئيس السابق أميل لحود ونجله أميل وجميع نواب تكتل "التغيير والإصلاح" وعدداً من القياديين.


 الصورة من أرشيف الرحلة المذكورة إلى براد


يومها، جلس النائب أميل رحمه ضمن المقاعد الأمامية، وما لبث أن ترك مقعده احتجاجاً على "ولدنات" البعض، وذهب ليجلس في المقعد الخلفي في الطائرة علماً أنها كانت نصف فارغة، ممازحاً تارةً أن مقدمة الطائرة لا تحتمل 3 أميل، وتارةً أخرى بحجة أن المقدمة فقط للرؤساء والمؤخرة لعامة الشعب وهواة "المزح" مع المضيفات.

ما إن وصلنا إلى المطار حتى تبدد لغز غياب فرنجية عن الطائرة، حيث وصل إلى حلب برّاً، وفي طريق العودة بعد يومين، دار النقاش داخل الطائرة حول السبب الحقيقي لغياب فرنجية، لا عن حضور القداس، بل عن ركوب الطائرة إلى جانب لحود وعون وباسيل وفايز كرم وغيرهم من القيادات المارونية، في وقتٍ جاء فيه توقيت الرحلة، بعد أيام قليلة على الكارثة التي حلّت بالطائرة الأثيوبية، والتي قيل وقتذاك، في إحدى السيناريوهات، أنها أُسقطت في البحر بصاروخ موّجه.. لـ"يستنتج" أحدهم أن "الإحتياط الواجب" دفع بفرنجية إلى الذهاب برّاً، تحسباً لكارثة مماثلة وخوفاً من ترك الساحة المارونية فارغة لـ"سمير جعجع" وأمين الجميل، على قاعدة أنه يُستحسن ألا تسافر "كلّ العائلة" في نفس الطائرة تحسباً لأي "مكروه".

تذكرت تلكِ الواقعة، بعد الحديث المستجد عن إمكانية لجوء فريق "8 آذار" إلى مواجهة المرشح لرئاسة الجمهورية سمير جعجع بالمرشح "الاحتياطي" الذي قيل في الصحف أنه أميل رحمه، ليس ليصبح رئيساً، ولا ليتأهل لدورة ثانية كما يُفترض، بل فقط، للتقليل من قيمة ترشّح جعجع ومواجهته بـ"إبن رحمه" الذي واكبه لمدة ليست قصيرة قبل "انفخات الدفّ".

تشير المعلومات التي حصل عليها "ليبانون تايم" أن النيّة موجودة والتداول الجدي بها قدّ حصل، لكن وللأمانة، تؤكد هذه المعلومات أن النائب أميل رحمه لم يكن يعلم بالموضوع، لا بلّ تفاجأ سلباً بهذا الطرح الذي لن يُعطيه أي قيمة مضافة بصفته مرشح احتياط لدورة رفضها عون وبعده فرنجية لتحويلها إلى "مسرحية هزلية"، ضاربين بعرض الحائط مشاعر المسيحيين جميعاً دون استثناء تجاه هذا الاستخفاف غير المقبول وغير المنطقي من قبلهم.. وهذا ما لا ولن يقبل به النائب أميل رحمه بحسب الأوساط المطلعة.

لذلك تؤكد المعلومات سقوط هذا السيناريو قبل أن يولد، ما سيدفع بفريق "8 آذار" بالنزول إلى البرلمان الاربعاء المقبل، من دون المشاركة في تأمين نِصاب الجلسة داخل القاعة، لتتحول دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى "لقاء اربعاء تشاوري" يقول من خلاله لكاردينال الموارنة والرأي العام "اللهم أشهد أني قد بلّغت".

وتشير المصادر النيابية المواكبة أن هذا "المخرج" سيُعفي فريق "8 آذار" من ورطة الاستهزاء بالموقع المسيحي والوطني الأول من جهة، ومن البحث عن شخصية "لا كرامة لها" تقبل بلعب هذا الدور "الكومبارسي" المشبوه من جهة ثانية.

ومن ناحية أخرى تعتقد المصادر عينها، أنّ "مخرج بري" سيُنقِذ فريق "14 آذار" الذي لم يُعلِن بعد تأييده الرسمي لمرشحه الأقوى سمير جعجع ولديه 4 مرشحين حتى كتابة هذه السطور.

يا لها من صدفة أجلست النائب رحمه وقتذاك في مؤخرة الطائرة واستدعت ذهاب فرنجية برّاً إلى حلب.. وها هي اليوم تضع هؤلاء أمام التحدي الكبير، أمام المنازلة التي من المفترض أن تكون ديمقراطية، لكنها على الطريقة اللبنانية ستُفضي إلى تعطيل الجلسة، تمهيداً للفراغ..

حسناً يفعل النائب رحمه إنّ فضّل البقاء في "المؤخرة" رافضاً هذا الدور المشبوه، وحسناً يفعل كلّ من يدخل القاعة ويكشف عن وجهه الحقيقي مرشّحاً جديّاً، لا مُعطِّلاً.. أياً كانت الأسباب وأياً كان الخصم المنافِس..  ولتعلم الوجوه التعطيلية أن التاريخ ليس ثرثاراً.

إرسال تعليق

 
Top