التقويم الموضوعي لعملية ترشح رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لمنصب رئاسة الجمهورية، يسجل نقاطاً عالية من النجاح، منذ انطلاقتها في خطاب «البيال» لمناسبة ذكرى انتفاضة 14 آذار 2005، وحتى اعلان برنامجه يوم الاربعاء الماضي في حضور حشد مميز من النواب وممثلي الكتل البرلمانية، وناشطين في المجتمع المدني ومستقلين، ومثقفين، وعونيين سابقين، وخصوصا في حضور النائب الدكتور ميشال موسى ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، على الرغم من الحملة التي يواصلها نواب وشخصيات محسوبون على تكتل 8 آذار، وعلى حزب الله، الحليف الالصق لحركة امل، اضافة الى ان الترشيح قوبل بموجة من الفرح والمسيرات في عدد كبير من المدن والبلدات اللبنانية، لم يشهدها لبنان منذ الاحتفالات التي عمت المناطق المسماة شرقية اثناء الحرب بعد انتخاب الشهيد بشير الجميل رئيساً للجمهورية في العام 1982، بما يعني في نهاية الامر ان سمير جعجع، عرف كيف يوظف طاقاته وطاقات حزبه ومناصريه وحلفائه، في تقديم صورة حضارية، مدنية، ديموقراطية، سيادية، دينامية، عن كيفية خوض الاستحقاقات الكبرى، مثل استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعيداً من انتظار التسويات الخارجية والداخلية والصفقات الملغومة والمناورات السياسية التي تتعرّى سريعاً كتعرّي اليابسة من طبقة الثلج الخفيفة.
المهم في خطوة سمير جعجع التي فاجأت الكثيرين من الخصوم والحلفاء، انه منذ بداية نشاطه كان يشدد على عاملين، الاول هو العامل الداخلي الذي اعتبر انه في الظروف الحالية، اقليميا ودولياً، قادر على الامساك بسبعين بالمائة من اوراق الاستحقاق الرئاسي، على الاقل، والعامل الثاني، ايمانه الشديد باحقيّة قوى 14 آذار في الوصول الى هذا المنصب وبقدرتها على ايصال مرشحها ان هي توحّدت وعرفت كيف تدير معركتها، وليس سراً ان الحملة المنظمة التي انطلقت ضده وحيداً، في محاولة لتشويه سمعته واضعافه واحراجه، انقلبت لصالحه، وزادت من عزيمته وتصميمه، كما زادت في شعبيته عند العديد من المذاهب، لان هذه الحملة بنيت على اتهامات ووقائع مغلوطة احياناً وغير صحيحة احياناً اخرى، وهي اتهامات موسمية جاهزة غب الطلب، اصبحت كالاسطوانة المكسورة او المجروحة لكثرة ما استعملت.
***
البرنامج الذي اعلنه جعجع، يصلح لان يكون خطاب القسم لانه جاء جامعاً شاملاً لجميع القضايا الاساسية التي تهمّ اللبنانيين، يضاف اليه الاعلان الاشهر والاهم بعد ميثاق العام 1943، عنيت به اعلان بعبدا، الذي توّج مسيرة الرئيس العماد ميشال سليمان القائمة على تطبيق الدستور والقوانين، وحفظ استقلال لبنان وسيادته، كما اضاف جعجع الى برنامجه وثيقة بكركي الوطنية التي رسمت لاي مرشح الى رئاسة الجمهورية خريطة الطريق اليها، وتنفيذ بنودها عند الوصول، وفي اعتقادي انه بعد برنامج جعجع، واعلان بعبدا، ووثيقة بكركي، من المستحيل على اي مرشح ان يتخطاها، ويعمل بعكسها.
انها الخطوط الحمر والسقف العالي في استحقاقات لبنان المصيرية، منذ اليوم وصاعداً.
فؤاد أبو زيد - الديار 18\4\2014
إرسال تعليق