كتب راجح الخوري - منذ القمة العربية الاولى التي عقدت في انشاص عام ١٩٤٦ الى القمة الخامسة والعشرين، التي تستضيفها الكويت يوم الثلثاء المقبل، عرفت هذه المؤسسة التي انشئت اساساً لجمع كلمة الدول العربية وتوحيد صفوفها وترسيخ تضامنها في مواجهة الاخطار، محطات تدعو الى الحزن والرثاء اكثر من تلك التي عكست وجود تضامن فعلي بين دول "الاسرة العربية المتناكفة"!
يستطيع المراقب ان يعدد محطات كثيرة للخلافات العربية، التي عصفت بمؤسسة القمة وعطّلتها أيضاً، على ما جرى بعد اتفاقي كمب ديفيد مثلاً، كما يستطيع ان يتذكر قمماً شهدت مبادرات وعرفت سياسات محنكة وحكيمة رتبت مصالحات وأنهت خلافات، ثم جاءت التطورات لتعيد الامور الى اجواء النفور والحساسيات!
الآن وسط الانقسام الحاد الذي يضرب ما بين المحيط والخليج، لم يكن احد يتوقع ان تنعقد القمة بل ان يتم تأجيلها، ولم يكن هناك من يتصور ان من الممكن ان يحضرها ١٤ زعيماً عربياً، وهو رقم يعتبر عادة مؤشراً لنجاح القمم حتى لو كان يساوي نصف عدد الدول العربية، لكن هذا لم يكن مفاجئاً لأن الكويت هي التي تستضيف القمة، وهي في المناسبة أول قمة عربية تعقد فيها.
الكويت دولة تصالحية تقف على مسافة واحدة من الجميع، وقد بنت سياساتها العربية والدولية، على قواعد من الود والانفتاح التي رسمها اميرها الشيخ صباح الاحمد، متعهّد ترتيب المصالحات وترميم العلاقات وإعادة التفاهم بين الدول العربية، على ما جرى مثلاً في القمة الاقتصادية، ومهندس مدّ الجسور مع الآخرين كما جرى في القمة العربية الآسيوية والقمة العربية الافريقية.
لكن هل هذا يعني ان قمة الكويت ستنجح في انتشال الوضع العربي واصلاح العلاقات المتفجرة بين أكثر من عاصمة؟
يحتاج المرء الى كثير من التفاؤل ليتصور ان من الممكن ان تزيل القمة ركام الخلافات بين العواصم العربية والخليجية، لكنها نجحت في امرين حتى الآن، اولاً ضمان انعقاد القمة في موعدها إذ لو لم تكن الكويت مضيفتها لما كانت لتعقد بالتأكيد، وثانياً مشاركة هذا العدد من الزعماء فيها رغم الخلافات العاصفة والمشاكل الداخلية لدى بعضهم!
تعمّد الشيخ صباح الخالد امس التذكير بالأجواء الخلافية العربية والاقليمية المحيطة، وهو ما يفرض على القمة ان تكون مناسبة لتضافر الجهود وصدق النيّات بهدف تصويب المسيرة، وهذا صحيح اذا تذكرنا انها القمة الخامسة والعشرون وان العالم ينحو الى أطر إتحادية بينما تغرق "الاسرة العربية" في الخلافات والانقسامات.
مع افتتاح اعمال القمة كان الشيخ ناصر المحمد يفتتح اسبوع الفرنكوفونية بالتأكيد ان الكويت تفتح أبوابها ونوافذها على رياح العالم، ربما لهذا نجحت في استضافة قمة لم تكن لتعقد إلا فيها!
النهار 22\3\2014
إرسال تعليق