اعتبارا من امس، دخل الاستحقاق الهام، استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية في نفق التجاذب والخوف عليه، والخطر من عدم حصوله، في دولة يفترض انها تقوم على مبدأ تداول السلطة في نظام ديموقراطي برلماني، له دستور وقوانين، تنظم عملية تداول السلطة ولا تعرقلها، ولا تقفل في وجهها المؤسسات الدستورية الراعية مثل مجلس النواب، ولا تعطي النواب حرية عدم ممارسة واجباتهم تجاه الشعب الذي اختارهم وكلاء عنه، ولا تجاه الدولة المدينين لها بالعمل على دعمها وحمايتها، وحماية مؤسساتها وفي مقدمها رئاسة الجمهورية، ولذلك فان اللبنانيين يعيشون اليوم حالة من القلق والخوف والترقب، والتساؤل الدائم، هل يمر هذا الاستحقاق بسلام وفي موعده الدستوري، ام ان مسرحية التعطيل في عام 2008 سيعاد تمثيلها في العام 2014، رغم انها مرفوضة وطنيا ودستوريا وشعبيا وديموقراطيا.
ولم يحدث سابقا في لبنان، حتى في عز الحروب والتوترات الامنية ان تعطل واجب انتخاب رئيس للجمهورية، وكانت هناك دائما حلول، لمعالجة العراقيل، وهذا الامر حصل اثناء احداث العام 1958 الدامية وحصل في العام 1976وبداية الحرب وفي العام 1982 والعام 1988، لكن المكابرة عطلت هذا الاستحقاق لمدة اشهر، قبل ان يرسو التوافق على قائد الجيش يومها العماد ميشال سليمان، ليصبح الرئيس التوافقي الاول منذ عقود ويقود البلاد، بالقدر الذي سمحت به الظروف الاقليمية والدولية الى ما هي عليه اليوم، وهي فترة كانت وما زالت تعتبر الاصعب والاخطر في تاريخ لبنان.
جميع رؤساء الكتل النيابية والاحزاب، يعلنون اليوم بانهم ضد الفراغ في رئاسة الجمهورية، ومع انتخاب رئيس ضمن المهلة المحددة دستوريا، اي اعتبارا منه 25 آذار وحتى 24 ايار الساعة 12 ليلا، وان جميع النواب سيتوجهون الى مجلس النواب لاختيار رئيس جديد فور تعيين رئيس المجلس نبيه بري موعدا لذلك، لكن الملسوع يخاف من جرة الحبل، كما يقول المثل، على اعتبار ان بري «حرص» في العام 1988 على دعوة النواب، لكن حلفاءه كانوا دائما «يطيرون» النصاب.
في المعلومات المعلنة ان بري شكل لجنة من ثلاثة نواب في كتلته للاتصال بالكتل الاخرى ومحاولة التفاهم على موعد الانتخاب، بعدما يكون الكبار الاقليميون والدوليون قد تفاهموا مع الكبار المحليين على الرئيس واعطوا الضوء الاخضر لجماعتهم للحضور والبصم، وهذه اللجنة على ما نقل ستتشارك مع اللجنة السياسية التي شكلها البطريرك الماروني بشاره الراعي من ممثلين عن الاحزاب المسيحية الاربعة، اضافة الى اعضاء من اللجنة الاستراتيجية في المركز الماروني للتوثيق والابحاث برئاسة الراعي بهدف التوافق على المشاركة في الانتخاب وتأمين نصاب الثلثين الضروري في الدورة الاولى وترك الامر بعدها تأخذ منحاها الدستوري.
هل ينجح الرئيس بري، وهل ينجح البطريرك الراعي، وهل تقتنع القوى الاقليمية والدولية باستمرار جهودها لحماية لبنان من التداعيات السورية وتعبد للبنانيين طريق مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد قادر في اقله على ادارة الازمة بانتظار جلاء الوضع لدى سوريا، الجارة الاقرب؟
فؤاد أبو زيد - الديار 27\3\2014
إرسال تعليق